وديع الصافي.. موال لبنان

الفنان الراحل وديع الصافي

كانت أغانيه ومواويله تنير الليالي المحبيين، وألحانه ضوء في بحور الغناء والطرب، اقترن اسمه بلبنان وبجبالها التي لم يقارعها سوى صوته الذي صوّر شموخها وعنفوانها، برحيله أصبح الفضا مهجور، لتظل صدى كلماته في آذاننا وهو يقول "راحوا فين حبايب الدار" إنه الفنان وديع الصافي التي تحل اليوم ذكرى ميلاده الـ95.

 

وديع الصافي أحد عمالقة الطرب في لبنان والعالم العربي له دور رائد في ترسيخ قواعد الغناء، ونشر الأغنية اللبنانية في أكثر من بلد. وُلِد الفنان الراحل وديع فرنسيس، المعروف باسم وديع الصافي، في الخامس من نوفمبر عام 1921 في قرية "نيحا" الشوف اللبنانية، وهو الابن الثاني في ترتيب العائلة المكونة من ثمانية أولاد. عاش  وديع طفولة متواضعة يغلب عليها طابع الفقر والحرمان، وفي عام 1930، انتقلت عائلته إلى بيروت ودخل وديع الصافي مدرسة دير المخلص الكاثوليكية.  

وبعد مرور ثلاث سنوات توقف عن الدراسة من أجل حبه للفن، والعمل في الموسيقى حتى يستطيع مساعدة والده. كانت انطلاقته الفنية سنة 1938، عندما فاز بالمرتبة الأولى في اللحن والغناء والعزف، من بين أربعين متسابقًا، تقدموا للإذاعة اللبنانية، وغنى "يا مرسل النغم الحنون" للشاعر المجهول آنذاك "الأب نعمة اللّه حبيقة".

وبعد سماع صوته أطلقت عليه لجنة المسابقة اسم "وديع الصافي"، لصفاء وعذوبة صوته.  

بعد فوزه، التحق وديع الصافي بمعهد موسيقي تابع لإذاعة الشرق الأدنى، وتتلمذ على يد ميشال خياط وسليم الحلو، الذين كان لهما الأثر الكبير في تكوين شخصيّته الفنية.

بدأت مسيرته الفنية بشق طريق للأغنية اللبنانية، التي كانت ترتسم ملامحها مع بعض المحاولات الخجولة قبل الصافي، عن طريق إبراز هويتها وتركيزها على مواضيع لبنانية وحياتية ومعيشية، ولعب الشاعر أسعد السبعلي دورًا مهمًّا في تبلّور الأغنية الصافيّة، وكانت البداية مع "طل الصباح وتكتك العصفور" سنة 1940.

قال عنه الموسيقار محمد عبد الوهاب حين سمعة يغني "من غير المعقول أن يملك أحد صوتًا كهذا ".

لُقب بـ"صاحب الحنجرة الذهبية"، و"صوت الجبل"، قيل عنه في مصر إنّه "مبتكر المدرسة الصافية "نسبة إلى اسمه وديع الصافي".

بدأ في أواخر الخمسينيات العمل المشترك بين العديد من الموسيقيين لنهضة الأغنية اللبنانية انطلاقًا من أصولها الفولكلورية، من خلال مهرجانات بعلبك التي جمعت "وديع الصافي، فيلمون وهبي، والأخوين رحباني، وذكي ناصيف".

عند قيام الحرب اللبنانية سافر وديع إلى مصر ثم بريطانيا وأخيرًا باريس حيث استقر هناك عام 1978، كان سفره اعتراضا على الحرب الدائرة في لبنان، وقف صوت وأغاني الصافي مدافعة عن لبنان الفن والثقافة كما كانت تجدد إيمان المغتربين بوطنهم لبنان.

 

بدأ الصافي منذ الثمانينيات بتأليف الألحان الروحية، نتيجة معاناته من الحرب وويلاتها على الوطن وأبنائه واقتناعًا منه بأن كلّ أعمال الإنسان لا يتوّجها سوى علاقته باللّه.

غنى وديع الصافي لعدد من الملحنين منهم "فريد الأطرش، محمد عبد الوهاب، والإخوان رحباني".

من أشهر أعماله الغنائية "على رمش عيونها، دار يا دار، يا عيني على الصبر، ويا ابني بلادك".

شارك الصافي في أعمال سينمائية منها "غزل البنات، الخمسة جنيه، نار الشوق"، كما شارك في عدد من المهرجانات الغنائية منها مهرجان "بلعبك"، "الأرز"، و"بيت الدين".

 

يحمل الصافي ثلاث جنسيات المصرية والفرنسية والبرازيلية، إلى جانب جنسيته اللبنانية، إلاّ أنه يفتخر بلبنانيته، ويردد أن "الأيام علمته بأن ما أعز من الولد إلا البلد". كرّمته أكثر من دولة ومؤسسة وجمعية، حمل أكثر من وسام استحقاق منها ستة أوسمة لبنانية منها وسام الأرز برتبة فارس، كما منحته جامعة "الروح القدس" دكتوراه فخرية في الموسيقى عام 1991.  

رحل وديع الصافي في 11من أكتوبر 2013 عن عمرو يناهز 92 عامًا في مستشفى بالمنصورية بضواحي بيروت.

 

للاستماع لأشهر أعمال  وديع الصافي:

 

 

مقالات متعلقة