بعد إلغاء المركزي مزادا لأذون الخزانة ... مصرفيون: البنوك تخشى المستقبل

الجنيه المصري

تسعى الحكومة المصرية للبحث عن حلول لسد عجز الموازنة الذي سجل مستوى 12.2% من الناتج المحلي، أبرزها الاقتراض داخليًا من البنوك عن طريق طرح سندات أذون خزانة من البنوك بالآجل، والاقتراض خارجيًا كقرض صندوق النقد الدولي البالغ نحو 12 مليار دولار، إلا أن البنك المركزي ألغى الخميس الماضي مزادًا لأذون الخزانة دون إبداء أسباب لكنه عاود طرحها مرة أخرى اليوم الثلاثاء، بنسب عائد مرتفع تخطى 18% لـآجل 7 سنوات. خبراء مصرفيون يرون أن إلغاء المركزي للمزاد جاء بسبب مطالبة البنوك بنسبة فوائد مرتفعة للغاية، وذلك تخوفًا منها بسبب الاضطرابات التي يشهدها الاقتصاد المصري خاصة أسعار الصرف في ظل نقص حاد في سيولة البنوك من العملات الأجنبية والجنيه، الذي أقدم المواطنين على سحبه وتحويله لدولارات وذهب للحفاظ على ثرواتهم وتحقيق مكاسب مادية. ويقول الدكتور خالد عبد الفتاح أـستاذ التمويل والاستثمار بجامعة عين شمس، إن طرح أذون خزانة جديدة من قبل الحكومة لسد عجز الموازنة لن يجدي نفعًا، لافتًا إلى أنها لن تحقق الهدف المستهدف منها في ظل الارتفاع الجنوني لسعر الدولار أمام الجنيه، الأمر الذي يدفع البنوك لرفع أسعار الفائدة لأعلى معدلاتها. وأضاف عبد الفتاح في تصريح لـ "مصر العربية": إن رفع البنك المركزي لأسعار الفائدة مرتين كان بمثابة رسالة للمستثمرين بأن الجنيه في طريقه للانهيار، ما ساهم في عدم استقرار أسعار الصرف وتخبط المشهد الاقتصادي واصفًا إياها بالجريمة الكبرى، ومحذرًا من اتخاذ القرار ذاته خلال الأيام المقبلة. وأشار أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة عين شمس إلى أن إلغاء مزاد أذون الخزانة الخميس الماضي بسبب تخبط المشهد الاقتصادي وتخوف البنوك بسبب الهبط الحاد للجنيه، مؤكدًا أن أغلب المصريين اتجهوا نحو سحب أموالهم بالجنيه من البنوك وتحويلها بالدولار أو شراء ذهب ما تسبب في ناقص حد في السيولة لدى البنوك. وأوضح عبد الفتاح أن الدولة توسعت في إقامة المشروعات القومية، دون أن يتناسب ذلك مع الدخل القومي للبلاد، وهذه هي أحد أسباب الأزمة الاقتصادية، داعيًا الحكومة لوضع آليات ضبط شديدة وأن تكون هي المصدر الرئيسي لاستيراد جميع السلع والمنتجات. في السياق ذاته يقول الدكتور مصطفى النشرتي الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل والاستثمار بجامعة مصر، إن إلغاء المركزي  لمزاد أذون الخزانة، إجراء مؤقت بسبب حالة الاضطراب التي يشهدها السوق، مشيرًا إلى أن مصر تنتظر وضوح الرؤية حول حصولها على الشريحة الأولى من قرض صندوق النقد الدولي من عدمه. وأضاف النشرتي في تصريح لـ "مصر العربية": إن ارتفاع الفائدة على أذون الخزانة سيؤثر على بند الفوائد في الموازنة العامة للدولة والتي تمثل 30% من الإنفاق الحكومي، قائلًا " إن الدين المحلي سجل نحو 2600 مليار جنيه بمعدل 95% من الناتج القومي المصري والحكومة تتضيق الخناق على نفسها. ولفت أستاذ التمويل والاستثمار إلى أن الدولة تقترض نحو 40% من أموال البنوك في شكل أذون خزانة، وبهذا لم تترك الدولة للبنوك سوى 60% للقيام بأنشطته، حيث يعتمد في أرباحه على سعر الفائدة المرتفعة الذي يحصل عليه من الحكومة مهملًا في ذلك دوره في التنمية، الأمر الذي يساهم في ركود واضح الاقتصاد المصري، موضحًا أن مصر وصلت لمرحلة الكساد التضخمي، حيث أصبح التضخم مرتبط بركود اقتصادي، حيث لا يوجد شراء أو بيع في الأسواق. وتوقعت شيرين فهمي الخبيرة المصرفية، أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة على أذون الخزانة خلال الأيام القادمة، مشيرة إلى أن ذلك سيساهم في ارتفاع الفائدة على الدين الداخلي في ظل عجز الميزان الأولي، ما سيساهم في ارتفاع الدين الداخلي. وأضافت فهمي في تصريح لـ"مصر العربية": يجب ألا يكون الحل في أداء واحدة، ولكن يجب أن يكون هناك حزمة إصلاحية مالية ونقدية، بجانب إصلاحات في القطاعات الحقيقة للإنتاج، بخطة متكاملة ترتبط بتواريخ محددة قائله "لقد حذرنا الحكومة مرارًا وتكرارًا من هذه الأزمة لكنها لا تستمع لأحد. واتجه المركزي الخميس الماضي لإلغاء عطاءات أذون الخزانة بقيمة 11.75 مليار جنيه يوم الأحد الماضي دون إبداء أسباب وسط توقعات مصرفيون برفع سعر الفائدة الفترة القادمة. وأظهرت بيانات وزارة المالية ارتفاع عائد سنتدت الخزانة لمستويات قياسية خلال عطاءات الاثنين الماضي، حيث أعلنت الوزارة عبر موقعها الإلكترونية طرحها سندا خزانة بقيمة 1.5 مليار جنيه لآجل 3 سنوات بمتوسط عائد بلغ نحو 18.258%، وأعلى عائد 18.300%، وأقل عائد18%. وأضافت الوزارة أنها طرحت سندات خزانة بقيمة 500 مليون جنيه لآجل 7 سنوات، وبلغ متوسط العائد عليها نحو 18.732%، وأعلي عائد 18.750%، وأقل عائد 18.650%. يذكر أن متوسط عائد سندات لآجل 3 سنوات بلغ 17.037%، وآجل 7 سنوات بلغ نحو 17.419% في عطاءات يوم 17 نوفمبر الماضي. وتحاول الحكومة سد عجز الموازنة الذي سجل مستوى 12.2% من الناتج المحلي خلال العام المالي الجاري، عن طريق طرح سندات وأذون خزانة تدفع بالآجل للبنوك.

مقالات متعلقة