رئيس الوزراء القادم الذى يبشرون به!

الدكتور مصطفى النجار

يبشرنى صديقى المؤيد للنظام بعودة السيد محمود محيى الدين النائب الأول لرئيس البنك الدولى ووزير الاستثمار السابق وأحد قادة المجموعة الاقتصادية التى اشتهرت بشلة (جمال مبارك) والحرس الجديد الذى قاد نظام مبارك للسقوط، يبشرنى صديقى بأن (الناس الفاهمة) راجعة لتقود وتنتشل البلاد من الكارثة الاقتصادية التى نمر بها!.

 

أضحك وأضحك ولا أدرى كيف أصف مشاعرى المختلطة بين الشفقة على هذا البلد والسخرية من البؤس الذى صرنا إليه والسذاجة التى ما زال بعضنا يفكر بها، ليس عندى اعتراض على أن تستعين السلطة بـ(العفريت الأزرق) إذا كان صاحب كفاءة وقادرا على المساهمة فى إخراج مصر من السواد الحالى، لكن المفارقة الطريفة أن السلطة الحالية كانت تصف نظام مبارك بأنه خرب البلاد وأفقرها، وأنه قنن الفساد الذى أهلك موارد مصر وجعلها من أشباه الدول، وإذا بنا اليوم نعود للماضى ونطلب منه المساعدة؟

تستدعى هذه الحالة الكثير من الأسئلة التعجبية، لماذا قامت الثورة على نظام مبارك أصلا؟ هل كانت المجموعة الاقتصادية التى يقودها جمال مبارك بشراكة أحمد عز تقود مصر للمستقبل؟ هل كان جمال مبارك أصلح لمصر بدلا من قيام ثورة وإيقاف مسلسل التوريث الذى كان يسير بخطى متسارعة؟

هل ينطبق علينا الآن المثل القائل (لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع) و(رب يوم بكيت فيه فلما فارقته بكيت عليه)، نحن أمام حالة غريبة من التناقض الذى تختلط فيه الأشياء وتنهمرالحيرة والدهشة مما نراه كل يوم فى بلادنا

دعك ممن يقولون إن هذه مرحلة انتقالية لابد فيها من الاستعانة برجال النظام القديم الذين هم أدرى بالأمور وكيفية تسيير عجلة الاقتصاد- وفى هذا مبالغة وعوار لا يمكن تجاوزه- دعك ممن يقول لك إن الثورة قامت لتولى أهل الكفاءة وليس الثقة، وها أنتم ترفضون أهل الكفاءة- وفى هذا استعباط سياسى- وإلباس الباطل ثوب الحق، نحن لا نتعامل مع المبادئ بالتجزئة ولا يمكن أن نرضى كأسوياء عقليا بأن يعاملنا أحدهم كأطفال أو سذج يعبث بعقولهم ليمرر أشياء متناقضة يجب أن نصفق لها ونشيد بحكمتها.

إذا كنا نرى أن نظام مبارك بمجموعته الاقتصادية هو القادر على إخراج البلاد من كبوتها فلنعيدهم جميعا للمشهد ونترك لهم تحمل المسؤولية طالما أنهم الأكفأ منا جميعا وطالما أنهم لا يشوبهم شىء!.

هل سمعنا عن مصطلح (المسؤولية السياسية)؟ هل أعدنا قراءة أداء الاقتصاد المصرى طوال فترة مبارك خاصة السنوات الأخيرة التى قادها الحرس الجديد بقيادة السيد جمال مبارك؟ هل ستخدعنا أرقام النمو التى لم يستفد منها سوى الأغنياء؟ يشعر المرء أنه يسأل أسئلة غبية بالفعل وأن احترامه لعقله وقرائه يوجب عليه الصمت والجلوس لمشاهدة فصول المشهد الدرامى والكوميدى الحالى والمستمر إلى حين لا يعلم مداه إلا الله.

لم يكن مؤيدو ثورة يناير جزءا من المشهد السياسى الحالى فى مصر بعد أن اكتفوا بالمشاهدة وترك الأمور تسير كما ترى السلطة التى جاءت لإنقاذ الوطن من تداعيات ثورة يناير كما يقول مؤيدوها، نحن فى مكاننا ننتظر كيف ستكون مآلات العبث واللامعقولية!.

 

نقلا عن المصري اليوم

مقالات متعلقة