خفض العملة المصرية سيتسبب حتما في ارتفاع حاد في مستويات الأسعار، ما سيزيد الضغط بالطبع على حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتجنب أية انتقادات تنال من الأسلوب الذي تتعامل به الحكومة مع الملف الاقتصادي.
هكذا رأت وكالة " أسوشيتيد برس" للأنباء الخطوة التي أقدم عليها البنك المركزي اليوم الخميس بخفض العملة المحلية "الجنيه" بنسبة 48%، والسماح بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأخرى فيما يُعرف بـ " تعويم الجنيه".
وذكرت الوكالة في تقرير على موقعها الإليكتروني أن مصر وعبر تلك التدابير التي قد تبدو قاسية، تلبي مطلبا رئيسيا لصندوق النقد الدولي نظير حصولها على قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات لإنقاذ اقتصادها المترنح.
ولطالما طالب السيسي، وفقا للتقرير، المصريين في الأسابيع الأخيرة بالاصطفاف إلى جانبه في مواجهة المشكلات الاقتصادية التي تعد الأسوأ في عقود، مشددا على أنه لا سبيل للخروج من الأزمة الاقتصادية ما لم " يتسم المصريون بالتحمل والصبر."
وتعهد السيسي الذي انتخب رئيسا لمصر في العام 2014، بعد عزل المؤسسة العسكرية للرئيس محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في الـ 3 من يوليو 2013، ببذل أقصى ما في وسعه لحماية فقراء مصر من تداعيات التضخم الذي يؤكد الخبراء حتمية وقوعه نتيجة الإصلاحات.
وقال السيسي الأسبوع الماضي إن الجيش سيوزع على الفقراء عبوات تحتوي على سلع أساسية مثل السكر والأرز بنصف ثمنها الأصلي، لرفع المعاناة عن كاهل هذه الطبقة بسبب جنون الأسعار.
في غضون ذلك، رفع البنك المركزي المصري أيضا سعر الفائدة بواقع 3 نقاط مئوية، كما رفع سعر الفائدة لـ ليلة واحدة، وأيضا سعر الإقراض لـ ليلة واحدة وسعر العمليات في البنك المركزي بنسبة 14.75% و 25.75% و15.25% على التوالي.
وقال البنك في بيان له إن هذه الإجراءات تأتي في إطار برنامج الإصلاح الحكومي، وتهدف لإنهاء السوق السوداء، مضيفا أنها " ستعزز من وضع الاقتصاد المصري في مواجهة التحديات الراهنة وستحسن قدراته، بما يساعد على تحقيق النمو المنشود."
وعلق نجيب ساويرس، قطب الأعمال والملياردير المصري على خطوة تعويم الجنيه من جانب المركزي المصري في تغريدة على حسابه على موقع التدوينات المصغر " تويتر" بقوله:" التعويم خطوة ممتازة ومهمة، الحمد لله." وتابع ساويرس:" يجب أن نساعد جميعنا في إنجاح هذه الخطوة."
وأعلن البنك المركزي أيضا عن زيادة في أسعار الإقراض الأساسية بمعدل 300 نقطة أساسية بغية تحفيز الاقتصاد المتعثر، في الوقت الذي أصابت فيه أزمة نقص العملة الصعبة نشاط الأعمال بالشلل التام، كما تسببت في نقص حاد في عدد من السلع الأساسية، وزيادة السخط العام في بلد يعاني فيه المواطن والمؤسسات من ضرائب عالية ومعدلات تضخم سريعة.
ورفع البنك المركزي أيضا سعر الفائدة بواقع 3 نقاط مئوية، كما رفع سعر الفائدة لـ ليلة واحدة، وأيضا سعر الإقراض لـ ليلة واحدة وسعر العمليات في البنك المركزي بنسبة 14.75% و 25.75% و15.25% على التوالي.
وقبل قرار التعويم، كان البنك المركزي يعمل على إدارة سعر الصرف باستخدام أدوات من بينها عطاءات دورية لبيع الدولار للبنوك يتم من خلالها ضبط سعر الصرف.
لكن التعويم يعني أنه تخلى عن هذه السياسة وأنه سيترك تحديد سعر العملة لقوى العرض والطلب في السوق، ومن المتوقع أن تظهر الأيام المقبلة إلى أي مدى سيتخلى البنك المركزي عن إدارة سعر الصرف.
وتحرير سعر الصرف هو أحد المطالب الرئيسية التي يطالب بها صندوق النقد الدولي حتى يوافق بشكل نهائي على إقراض مصر 12 مليار دولار على مدى ثلاث سنوات.
وفيما يتعلق بتعاملات البنوك، قال البنك المركزي إنه لا قيود على إيداع وسحب العملات الأجنبية للأفراد والشركات.
وقرر البنك المركزي المصري السماح للبنوك العاملة في البلاد بفتح فروعها حتى التاسعة مساء بالتوقيت المحلي وفي أيام العطلة الأسبوعية لتنفيذ عمليات شراء وبيع العملة وصرف حوالات العاملين في الخارج، وهو ما يشير إلى حرص البنك على اجتذاب النقد الأجنبي بعد قرار التعويم.
وقد تسببت سنوات من الاضطراب السياسي وتزايد وتيرة الهجمات الإرهابية، في الإضرار بالمصادر الأساسية للعملة الصعبة- السياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ومع تراجع احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، اضطرت القاهرة إلى تقنين الدولار الذي تدفعه لاستيراد السلع الأساسية مثل القمح والدواء، ودفع هذا أيضا الشركات إلى اللجوء للسوق السوداء لسد احتياجاتها الملحة من العملة الصعبة.
وانخفض الاحتياطي الأجنبي لمصر من 36 مليار دولار قبل العام 2011 إلى 19.6 مليار دولار في سبتمبر الماضي، برغم حصول القاهرة على مساعدات بعشرات المليارات من الدولارات من الحلفاء الخليجيين- السعودية والإمارات والكويت.
لمطالعة النص الأصلي