إيكونوميست عن تعويم الجنيه: السيسي يخرج من عنق الزجاجة

الرئيس عبد الفتاح السيسي

“نحن في عنق الزجاجة، وإذا أردنا الخروج منها ينبغي أن نتخذ قرارات صعبة"، تصريحات سابقة للرئيس السيسي نقلتها مجلة الإيكونومست في تقرير لها الخميس، ورأت أنها تفسر قرار البنك المركزي الخميس بتعويم الجنيه.

وفي مواجهة الكارثة الاقتصادية المتنامية، نفذت الحكومة بعض الخطوات مثل تطبيق ضريبة القيمة المضافة لتعضيد مصادر التمويل، وتخفيض الدعوم السخية.  

وفي الثالث من نوفمبر، اتخذت الحكومة قرارها الأصعب عبر تعويم الجنيه.  

وعلى مدى شهور، وقف سعر الصرف الرسمي بالبنوك عند مستوى 8.88 جنيها مقابل الدولار، بينما دأبت السوق السوداء على بيع الدولار بفارق وصل إلى 100 % من قيمته الرسمية.  

التخفيض الحذر لسعر الجنيه في مارس الماضي تسبب فقط في فترة وجيزة من الراحة.  

لكن هذه المرة ذهبت الحكومة لما هو أبعد، حيث جعلت الدولار عند مستوى 13 جنيها.  

وذكر البنك المركزي أن السعر سيعتمد على العرض والطلب بعد طرح مزاد دولاري.  

من جانبه، قال سايمون كيتشن، من المجموعة المالية "إي إف جي هيرمس تعليقا على تعويم الجنيه: “إنه مستوى أكثر واقعية، ويضع العملة تحت متوسط أسعار الصرف الحقيقية".  

وعلاوة على ذلك، زاد البنك المركزي فائدة الإيداع والاقتراض 300 نقطة أساس.  

تخفيض الجنيه كان حتميا، ليس فقط لأنه طلب من صندوق النقد الدولي الذي ما زالت مصر تنتظر موافقته على قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات.

 

ومع عجز موازنة يحتمل أن يتجاوز 11 % هذا العام، تحتاج الحكومة بشكل ماس إلى النقود.  

و انخفض الاحتياطي الأجنبي بمعدل النصف، بعد ثورة 2011 التي أخافت السائحين والمستثمرين الأجانب، أكبر مصدرين للعملة الصعبة.

 

تعليق  السعودية لشحنات نفطية للقاهرة، والتعهد الحكومي بضخ 1.8 مليار دولار للحد من نقص الغذاء تسبب في تفاقم المشكلة.  

بيد أن تمويلات البنك المركزي التي أرسلتها دول خليجية (بينها السعودية) وتبادل العملة مع الصين أقنع المسؤولين أنهم قادرون الآن على تخفيض العملة.  

نقص الدولار ترك الشركات في حالة معاناة، حيث عجزت بعضهما عن استيراد منتجات حيوية، واضطر البعض إلى وقف نشاطه جراء ارتفاع الخسائر الناجمة عن سعر الصرف.  

ومن أجل الحفاظ على الدولارات، فرضت الحكومة قيودا على رؤوس الأموال، كما حظرت استيراد واردات كمالية.  

وطلبت  الحكومة من  الشركات الموردة بمنح مزيد من الوقت لدفع فواتيرها.  

تخفيض الجنيه الخميس أدى إلى تغير المزاج إيجابيا بالنسبة لمجتمع البيزنس، وارتفعت البورصة المصرية بعد إعلان البنك المركزي.  

لكن المزاج بالنسبة لباقي الشعب أقل تفاؤلا، حيث يخشى المسؤولون أن يسبب ضعف الجنيه في تفاقم مشكلة التضخم.  

وارتفعت أسعار الغذاء، حيث يتعين على مصر استيراد العديد من السلع.  

وداهمت الحكومة العديد من شركات الغذاء واتهمته بتخزين السلع، وصادرت آلاف الأطنان من الأرز والسكر.  

وبدأت الحكومة الآن في بيع تلك المنتجات بخصومات معينة.  

وبات الوضع سخيفا بعد إلقاء القبض على رجل  لحيازته 10 كيلوجرامات من السكر، بدعوى أنها كمية تتجاوز الاستخدام الشخصي.  

ارتفاع أسعار العديد من السلع ، بتأثير من السوق السوداء، تعكس بالفعل سعر الصرف المرتفع، وفقا لصندوق النقد الدولي مقللا من توقعات تأثير خفض قيمة الجنيه على الأسعار.  

بيد أن الحكومة تخشى إضافة المزيد على معاناة المصريين، الذين يشعرون بالانزعاج تجاه ضريبة القيمة المضافة، ورفع أسعار الكهرباء.  

السخط تجاه السلطات يتزايد، ففي أكتوبر الماضي انتشر فيديو لسائق توكتوك يوجه انتقادات شديدة تجاه الوضع الاقتصادي.  

كما تعرض الرئيس السيسي للسخرية بعد محاولته التوسل إلى المصريين ليتكيفوا مع أوضاعهم، عبر قوله إن ثلاجته ظلت خاوية إلا من الماء خلال 10 سنوات.  

يأتي ذلك في ظل أنباء عن احتجاجات ضد الأوضاع الاقتصادية في 11 نوفمبر المقبل.  

وحاولت الحكومة تهدئة الرأي العام بتحديد أسعار، ومصادرة بضائع، والهيمنة على صناعات برمتها بما تسبب في  تراجع ثقة بعض المستثمرين الأجانب.  

المزيد من السياسة النقدية المالية المسؤولة قد تخفف من تلك المخاوف، لكن النتيجة قد تتسبب لفترة في تأجيج الجمهور، لذلك فإن الحكومة المصرية في وضع صعب.

مقالات متعلقة