استشاري بـ«مشروع المليون ونصف»: زراعة 800 ألف فدان فقط في المراحل الثلاث

الدكتور عبدالغني الجندي في حوار لـ مصر العربية عن مشروع المليون ونصف فدان

كشف الدكتور عبد الغني الجندي، أحد أعضاء المجموعة الاستشارية المسؤولة عن مشروع المليون ونصف المليون فدان سابقًا، ومستشار رئاسة الجمهورية للشئون الزراعية سابقا، في حوار لـ مصر العربية، عن كواليس المشروع وقدرة الحكومة على تنفيذه في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه الدولة.

 

وأضاف أنه يطالب شركة الريف المصري الاستعانة بالخبراء حتى لا يصبح المشروع توشكى جديد.

 

المياه الجوفية للمشروع تكفي 100 عام

 

الحكومة لها الحق في سحب الأرض من الشباب المتعثر في السداد وطرحها مرة أخرى

 

 الالتزام الكامل بالمحاصيل التركيبة بالمشروع

 

ممنوع زراعة الموز والقصب والأرز بمشروع المليون ونصف المليون

 

الحكومة ليست لديها نفقات لإنشاء "المباني" للمشروع

 

سعر الفدان بـ 45 ألف جنيه ظلم للشباب

 

وزارة الري تطمع في مشروع الري الحقلي

 

مشروع الري الحقلي "فشل" لعدم الالتزام بالخطط الموضوعة

 

                                      وإلى نص الحوار..

 

لماذا اعتذرت عن منصب نائب وزير الزراعة لمشروعات الري الحقلي؟

 

أنا لست موظفًا بوزارة الزراعة، وجئت نائبًا للوزير لمشروعات الري الحقلي في فترة كانت ملئية بمشاكل لا حصر لها وكان هناك صراعًا بين وزارتي الري والزراعة على مشروع الري الحقلي، وكنت أريد عرض هذه المشاكل على وزير الزراعة وترتيب لقاء مع وزير الري لبحث تلك المشاكل.

 

ومن طبيعتي في العادة لا أطلب مقابلة من وزير بحكم وظيفتي وسني ولكن احترامًا لقرار الوزير بعدم مقابلة أى شخص إلا بميعاد مسبق، وحينما بلغت مدير مكتبة بطلبي مقابلة الوزير لم أستطع وحاولت الاتصال به مرارًا لكنه لم يرد.

 

وبعد 15 يومًا من فشلي في مقابلة الوزير بعثت برسالة كتبت فيها نصًا "أنني لم أستطع مقابلتك وإن الأمر حرج جدًا واعتذر عن المنصب منعًا للحرج، وحينما لم أجد ردًا، كتبت رسالة الاعتذار مرة أخرى بعد 15 يومًا، وأرسلتها في ظرف مغلق خاص بالوزير، فوجئت بالوزير بتكليف أخرين، بدلًا من التحقيق في أسباب الاعتذار، وأصدر بعدها قرارًا بإسناد مشروعات الري الحقلي التي كنا نحارب من أجلها لوزارة الري وهذا غير مقبول.

 

 

  ما المشاكل التي واجهتك مع وزارة الري أثناء تنفيذ مشروعات الري الحقلي؟

 

وزارة الري شريك في مشروعات الري الحقلي من خلال توفير مياه الترع ومحطات المياه للأراضي الزراعية وهذا هو عملها، لكنها رفضت توفير المياه مطالبة بتنفيذ المشروع بالكامل أو تركه بالكامل، وهو ما تسبب في تأجيل المشروع أكثر من مرة.

وطلبت من الدكتور سمير أبو سليمان المدير التنفيذي للمشروع حاليًا، بتنفيذه داخل الأراضي من خلال تركيب مواسير وتوصيلات وترك تشغيل المياه لوزارة الري حتى لا نتسبب في مشاكل، وتأجل المشروع أكثر من مرة حتى كاد المشروع أن يسُحب من قبل البنك الدولي.

 

وللأسف وزارة الري "راكبين" علينا وصعبان عليهم إننا نأخذ المشروع وهم ينفذوا، لأني بحاجة إلى المياه ولا نستطيع توفيرها إلا من خلال وزارة الري، ولذلك كنت بحاجة إلى مقابلة وزير الري لتحديد ما له وما عليه إما أن نهدم هذا المشروع بالكامل.

  ما ميزانية مشروعات الري الحقلي، ومتى بدأ؟

 

هناك 3 جهات داعمة للمشروع، البنك الدولي شارك بحوالي 100 مليون دولار، وكل من "الإيفاد" و"الأوبك" وفرنسا 50 مليون دولار لكل منهم، بمجموع 250 مليون دولار تقريبا، حيث تعمل كل منها فى محافظات مختلفة عن الأخرى.

 

وبدأنا بالعمل فى محافظات الصعيد لأول مرة مثل سوهاج وأسيوط وقنا، ثم انتقلنا لبني سويف والفيوم من خلال جدول زمني يشمل جميع المحافظات

.

متى تم إطلاق مشروع الري الحقلي ؟

 

بدأ المشروع في عام 2010 ولكنه توقف عقب الثورة حتى عام 2013 تقريبا، وبدأت  وزارة الري فى الجزء الأول فقط بتطوير "المساقي" دون تطوير المشروع من الداخل ولذلك فإن المنظومة غير كاملة، لأن التطوير من الخارج فقط لن يفيد بشيء.

 

كما بدأت وزارة الري قبل وزارة الزراعة في محافظتي كفر الشيخ والبحيرة، وكل ما أنجزوه لا يتعدي نصف مليون فدان وغير كامل، أي أنه تطوير للمسقة فقط دون تطوير المراوي والمشروع من الداخل، وما تم تطويره بالكامل لم يتجاوز 100ألف فدان فقط .

 

 

لماذا تم إنشاء مشروع الري الحقلي؟ ومن أين أتت فكرته؟

 

أول بند في استراتيجة وزارة لزراعة 2020/2030 ، الاستخدام الأمثل للموراد الطبيعية "الأرض والمياه"، وأول مشروع قومي كامل المواصفات، بتحديد خطوات المشروع خطوة خطوة، وميزانية المشروع لكل عام وكيفية التنفيذ، وتحديد دور كل من القطاع العام الحكومي والاستثماري والخاص، من خلال استصلاح نص مليون فدان كل عام بميزانية 50 مليار على 10 سنوات بمعدل 5 مليارات كل  عام، وهو ما لم يحدث حتى الأن، وما تم بالحد الأقصى بلغ 40 ألف فدان.

 

وفي حديث مع وزير الري السابق الدكتور حسام مغازي، قال لرئيس الوزراء، إن قدرته لن تتجاوز 60 ألف فدان كل عام  فرد عليه رئيس الوزراء هل تريد تطوير واستصلاح 5 مليون فدان على 100 عام!، والواقع أنه بعد 5 سنوات لا بد من عمل صيانة على ما تم استصلاحه من صيانة المساقي وهذا مستحيل، فرد رئيس الوزراء عليه قائلاً: "لو ترى أنك غير قادر على ذلك أبلغنى وأنا مستعد لجلب شركات من جميع أنحاء العالم".

 

  ما تفاصيل مشروع الري الحقلي الذي تقدمت به للرئيس السيسي؟

 

المشروع الذي قدمته للرئيس عبدالفتاح السيسي، يوضح آليات استصلاح نصف مليون فدان سنويا وتوفير فرص عمل للشباب، بعيدًا عن الشركات الكبري وكبار المقاولين، من خلال جمع الشباب وتدريبهم على كيفية تنفيذ المشروع بالإضافة إلى تدريبهم على الصيانة حتى لا تتحمل الحكومة تكاليف الصيانة مرة أخرى، مع الأخذ في الاعتبار أن تكاليف مشاركة الشباب في التنفيذ ستخصم من تكلفة المشروع.

 

 لماذا كنت تريد الاعتماد على الشباب والفلاحين في مشروع الري الحقلي؟

 

 حتى لا تتكرر الأزمة السابقة مع المقاولين الذين تم إسناد محافظات كاملة لهم حيث تعثر عدد كبير عن استكمال مشروعاتهم ووضع أخرين في القائمة السوداء، وأتحدي لو تعدى معدل التنفيذ أكثر من 40 ألف فدان في العام ﻷن كثير من الوقت يضيع في التأخير لصرف مستخلصات وتعثر المقاولين أما الفلاحين إذا اتفقت معهم على تنفيذ المشروعات وتحمل التكلفة كاملة مقابل تشغيل أبنائهم بها سيوافقون، وهذا ما كان مخطط له ولكن لا يتم تنفيذه.

 

المشروع كان يهدف إلى توفير مليون ونصف فرصة عمل للشباب، وإنشاء شركات صغيرة، كما كان يطالب الرئيس بتشجيع المشروعات الصغيرة، وبالرغم من إصدار الرئيس قرار بمنح الشباب قروض بنسبة 5% إلا أن البنوك لن تنفذ رغم تكدس الأموال داخلها، بدلًا من الاقتراض من الخارج وتوفير نفقات الأجانب من ذهاب وإياب  للإشراف على المشاريع والتي تضاف على حساب تكلفة الفدان.

 

ما هي المشاريع التي قامت على المياه الجوفية ونجحت؟

 

هناك مزارع دينا لكنها خاصة وكانت تعتمد على المياه الجوفية، وأول مشروع يعتمد على المياه الجوفية، هو مشروع المليون ونصف المليون فدان.

 

هل شركة الريف المصري لديها خبرات زراعية تؤهلها لإدارة المشروع؟

 

شركة الريف المصري المسؤولة عن مشروع المليون ونصف المليون فدان، تفتقد للخبرة وإدارة المشروع وإذا لم ينصتوا للخبراء سيصبح المشروع "توشكى" من جديد.

  من سيدفع ثمن الكهرباء التي تُستخدم في رفع المياه من الآبار لأراضي المشروع؟

 

الحكومة هي المسؤولة عن تنفيذ شبكات الكهرباء، والمستثمرين من الشباب والأجانب هم من سيتحملون تكلفة الكهرباء المستخدمة.

 

لكم يكفي "بير" المياه الجوفية في زراعة الأراضي؟

بير المياه الجوفية يكفي لزراعة 100 فدان، ويتكلف من 300 ألف جنيه إلى 2 مليون جنيه، وتكلفة المياه على المستثمر بجانب الطلمبات ومحطات الرفع.

  في حالة تعثر الشباب في الدفع ماذا سيكون البديل؟

 

من يعجز عن دفع مستحقات المشروع على الحكومة وشركة الريف المصري سحب الأراضي منه ومن ثم طرح الأسهم لأشخاص آخرين.

 

هل ستسطيع الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة تسويق محاصيل المشروع؟

 

الحكومة ستنجح في تسويق المحاصيل في حالة واحدة وهو تطبيق قانون الزراعة التعاقدية حبيس الأدراج غير ذلك ستفشل.

 

هل سيوفر مشروع المليون ونصف المليون فرص عمل للشباب؟

مشروع المليون ونصف المليون فدان سيوفر أكثر من 1500 وظيفة متنوعة وفي جميع المجالات لأنه مشروع زراعي صناعي عمراني متكامل.

 

ما تعليقك.. لماذا الحكومة أسندت المشروع لبنك الإسكان والتعمير وليس التنمية والائتمان الزراعي؟

 

بنك الائتمان لديه مشاكل مالية وتعثرات كثيرة لذلك تم إعطاء المشروع وطرح كراسات الشروط لبنك الإسكان والتعمير خوفًا على أموال المستثمرين وهذا من وجهة نظري.

  ما هي الكميات المستخدمة من المياه الجوفية في مصر ولكم عام تكفي؟

 

تحتوي مصر على 16 مليار متر مكب من المياه الجوفية، نستخدم منهما حاليًا 8 مليار متر مكعب، ويكفوا لزراعة حوالي 2 مليون ونصف فدان وكافية، لمدة 100 سنة، والشباب ستكون له كمية محددة من المياه في مشروع المليون ونصف المليون فدان.

 

 

ما رأيك في أسعار تكلفة الفدان على الشباب؟

 

في مناطق المرحلة الأولى من مشروع المليون ونصف المليون فدان، تكلفة الفدان تقدر بـ 45 ألف جنيه وهي باهظة جدًا والشباب ليس لديه الأموال التي تؤهله للمشروع ولذلك الإقبال ضعيف على سحب كراسات الشروط.

 

تكلفة الفدان من جهة استصلاح وآبار تبدأ من 15 إلى 25 ألف وذلك بحسب تكلفة الآبار وحسب عمقها، بجانب البنية التحتية.

 

وكان متفق قديمًا منذ وضع الخطة التفصيلية للمشروع خلال المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، أن الدولة تدبر الأموال للشباب والبنية التحتية وتدفع كل شئ ومن ثم بعد الإنتاج المستثمر يدفع ثمن التكلفة بأقساط، لتلافي ما حدث في مشروع شباب الخريجين بالنوبارية وتسبب تعثر الشباب في الدفع إلى شراء الفلاحين للأراضي وعدم زراعة المحاصيل المطلوبة مما أدى إلى خراب المشروع، وهناك 70% محاصيل استراتيجية مثل القمح والذرة والنباتات الشمسية مقرر زراعتها في المشروع القومي.

وأتوقع تنفيذ وزراعة 300 ألف فدان فقط من المرحلة الأولى للمشروع من 500 ألف فدان.

ومنطقة توشكى في مراحل المشروع الثلاثة لا تحتاج لأي مصدر مياه لاعتمادها على نهر النيل، وسيتم تنفيذ 110 ألف فدان في المرحلة الأولى والمساحة الكلية المستهدفة في توشكى هي 134 ألف فدان وسيتم زراعة 125 ألف فدان في جميع المراحل.

 

هل من حق الشباب والمستثمرين بيع الأراضي بمشروع المليون ونصف المليون فدان؟

 

ليس من حق أي مستثمر بيع الأرض إضافة إلى الالتزام بالتراكيب المحصولية التي تحددها الدولة.

  هل تكفي مياه الآبار لتنفيذ المشروع.. وما هي المدة الكافية؟

 

الأبار طبقا لوزارة الري تكفي لـ 100 سنة وهي غير كافية لإنشاء مجتمع كامل لذلك لابد من وضع الصناعات الصغيرة والحرف ضمن المشروع، على سبيل المثال، واحة سيوة من أفضل الأماكن التي تمتلك كل مقومات السياحة الزراعية، والمشروع زراعي صناعي عمراني متكامل حتى لا يصبح توشكى جديدة.

 

 

هل الحكومة لديها النفقات الكافية لتنفيذ المشروع؟

الحكومة ليست لديها القدرة المالية على تنفيذ المشروع، وبالتالي الاعتماد الكلي سيصبح على البنوك والقروض، وأنا شخصيًا أرفض مبدأ الاقتراض ويجب اللجؤ إلى المستثمرين العرب من خلال تقديم تسيهلات كثيرة تشجع المستثمر.

 

والحكومة غير قادرة على دفع مستحقات البنية التحتية وبالتالي ستلجأ للبنوك والمستثمرين.

هل طرح 500ألف فدان في المرحلة الأولى للمشروع، بعضها سيكون بالري السطحي وبعضها بالمياه الجوفية؟

لا يوجد ما يسمى بالري السطحي.. لأن القانون أقر بأن جميع الأراضي لابد من ريهما بالري الحديث فقط، ولا يسمح بقصب ولا أرز ولا موز لأنها شرهة للمياه في مراحل المشروع الثلاثة.

 

كم ستكفي المياه من تنفيذ مشروع المليون ونصف المليون فدان؟

المياه ستكفي في حدود تنفيذ 40% لـ 50% من المشروع، في مراحلة الثلاثة أي بمعدل 800 ألف فدان وباقي المساحات ستصبح مناطق عمرانية وصناعية وبنية تحتية.

 

 

  ما رأيك في شركة الريف المصري المسؤولة عن تنفيذ وإدارة المشروع؟

أولًا أطالب شركة الريف المصري بالاستعانة بالخبراء حتى لا نكرر مأساة مشروع توشكى، إضافة إلى تغيير كراسة الشروط لأن بها بعض المعوقات التي تساهم  في إحجام الشباب بالإقبال على المشروع، ثانيًا تكلفة الفدان بـ 45 ألف جنيه باهظة والمياه هناك تحتاج إلى أكسدة ومراحل حتى تُستخدم في الزراعة.

 

هل سيصبح المشروع "توشكى" جديد؟

المشروع لن يكون توشكى جديد وذلك يعتمد على خطة المستثمر خلال العام، ويجب الالتزام بالخطة حتى لا يصبح توشكى جديد، ويجب مراقبة المستثمر ويجب وضع الخطة في العقود حتى لا نقع في أخطاء مشروع توشكى.

 

5 آلاف جنيه ثمن كراسة الشرط.. ما تعليقك؟

ظلم وباهظة جدًا و95% من الشباب غلابة.. والشباب هو عمود المشروع والاعتماد على أحد غيرهم سيؤدي إلى فشل المشروع لأن المستثمر الأجنبي لا يلتزم دومًا بأي شئ، ويجب أن توجد تنمية مستدامة حتى لا يتم تهجير الأهالي من المشروع، لأنه طبقًا لوزارة الري بعد 100 عام ستقل المياه وبالتالي يجب البحث عن موارد أخرى غير الزراعة مثل الصناعة.

 

مقالات متعلقة