قال خبير عسكري عراقي، إن معركة الموصل التي بدأتها القوات الحكومية المدعومة من ميليشيات تابعة لها والتحالف الدولي ستحسم قبل نهاية شهر نوفمبر 2016، على عكس توقعات الكثير من الخبراء العسكريين والاستراتيجيين.
وأوضح العقيد المتقاعد في الجيش العراقي ربيع الجواري، في حديث مع "الأناضول"، أن "القوات العراقية وصلت في وقت قياسي إلى مشارف الموصل، وتجاوزت ما كان مخططا لها مسبقا".
وأرجع ذلك إلى أن "تنظيم داعش الإرهابي، لا يقاتل بنفس الشراسة التي عُرفت عنه في 2014".
وأضاف "ضعف تنظيم عناصر داعش، وانهيار معنوياتهم بعد انتكاساته في الرمادي (غرب مركز محافظة الأنبار)، وفي محافظة صلاح الدين (شمال)، وناحية القيارة (محافظة نينوى شمال)".
ولفت الخبير العسكري إلى أن "التنظيم يعاني من بدء نفاذ الذخيرة والعتاد العسكري، حيث اعتمد منذ يونيو 2014، على الذخيرة التي اغتنمها من الجيش العراقي بالمحافظات الثلاث (نينوى، الأنبار، صلاح الدين)، بالإضافة إلى القصف الجوي للتحالف الدولي على مخازن الذخيرة للتنظيم".
وكشف الجواري عن هروب عناصر من "داعش"، من الساحل الشرقي للمدينة إلى ساحلها الغربي (نهر دجلة يقطع الموصل إلى ضفتين)، حسب ما وصله من سكان المدينة عبر الهاتف.
وأشار إلى أن الجيش بالتنسيق مع مؤسسات الاتصال تمكن من إعادة خدمات الهاتف إلى الموصل، بشكل سمح بإعادة التواصل مع السكان داخل المدينة.
وفي هذا السياق، قال الجواري "الكل يتوقع أن تكون معركة الموصل صعبة وشديدة، لكن سير المعارك منذ 17 أكتوبر الماضي، يشير إلى أن المعركة ستحسم قبل نهاية نوفمبر الجاري".
ويرى الخبير العسكري أن "المعارك الصعبة ستكون في الجانب الأيمن لنهر دجلة في المدينة، حيث من المتوقع أن تشهد حرب شوارع ستهدد حياة المدنيين".
وأشار إلى أن "كتائب المقاومة الشعبية (في إشارة إلى خلايا معارضة لداعش) داخل المدينة سيشاركون في المعارك بمجرد دخول القوات العراقية من المحاور الثلاثة التي تشن منها الهجوم".
ولفت إلى "قيام المقاومة الشعبية باستهداف مقرات لداعش، وحرقها في منطقة وادي حجر على الساحل الغربي للمدينة"، دون أن يذكر تفاصيل أخرى.
وبخصوص سير المعارك على مختلف محاور القتال، أشار الجواري إلى أن "قوات مكافحة الإرهاب (قوات نخبة تابعة للجيش) تقدمت بشكل سريع في منطقة كوكجلي (شرق الموصل)، التي تدخل ضمن الحدود الإدارية لمدينة الموصل، لكنها تبعد عن حيي الكرامة والشقق الخضراء أولى أحياء المدينة بنحو كيلومتر ونصف، وبعد سيطرتها على مبنى الإذاعة والتلفزيون لم يعد يفصلها سوى أمتار عن الأحياء الأولى للمدينة".
وأشاد الخبير العسكري العراقي بالغطاء الجوي للتحالف الدولي الذي رافق تقدم قوات مكافحة الإرهاب على المحور الشرقي، وتقدمها في أحياء الانتصار والقدس وشومر، على الأطراف الشرقية للمدينة.
وبالنسبة للمحور الشمالي، أشار العقيد الجواري، إلى أن قوات الفرقة 16 التابعة للجيش العراقي، قامت بالالتفاف حول أحياء مدينة "تلكيف"، وبدل الدخول إلى الموصل من تلكيف، وحي العربي (أول أحياء الموصل)، توجهت إلى منطقة الشلالات باعتبارها الأقرب إلى مركز الموصل، ولم يستبعد دخول الفرقة 16 وحرس نينوى (مقاتلون سنة)، إلى أحياء القاهرة والمصارف والجامعة.
وأوضح أن منطقة الشلالات فيها أشجار كثيرة مما سهل سيطرة الفرقة 16 عليها، كما أن سكان المنطقة قدموا معلومات مهمة لها خاصة عن مواقع عناصر داعش، والأنفاق في المنطقة.
أما المحور الجنوبي، فأشار الخبير إلى أن "عمليات الجيش في هذا المحور بدأت قبل جميع المحاور الأخرى من خلال تحرير مدينة القيارة وناحيتها".
ووصف المعارك التي خاضها الجيش في "القيارة"، بأنها الأصعب، لكن الجيش تقدم إلى منطقة "الشورة"، وتمكن من تحريرها، والقتال يدور اليوم حول "الحمام العليل"، الذي لا يبعد سوى 20 كلم عن الأحياء الجنوبية للموصل.
ولفت إلى أنه بعد استعادة "الحمام العليل"، لن يفصل قوات الجيش عن مشارف الموصل سوى قرية "بوسياف".
وتوقع الجواري، أن "تتوقف المعارك على المحورين الشرقي والشمالي إلى غاية وصول قوات المحور الجنوبي إلى مشارف المدينة حتى يكونوا جميعا على مشارف المدينة، حتى ينقضوا عليها في وقت واحد".
وبخصوص المحور الشمالي الشرقي، الذي تقودة البيشمركة (قوات الإقليم الكردي في العراق)، فبين العقيد المتقاعد، أنها تقوم بحصار مدينة بعشيقة، وهذا يصب في مصلحة تقدم القوات الأخرى في مختلف المحاور.
وبرر الجواري، عدم تقدم قوات البيشمركة، نحو الموصل رغم أنه لا يفصلها عن المدينة سوى 12 كلم، بالنظر إلى الاتفاق السابق الذي منحها محور معين لا تتجاوزه في المعركة.
وفيما يخص المحور الغربي، قال العقيد الجواري، إن "قوات الحشد الشعبي (مليشيات شيعية موالية للحكومة)، تتواجد حاليا في ناحية تل عبطه، وحرروا لحد الآن عدة قرى، وواجبهم تحرير قضاء تلعفر"، وفق قوله وهو ما لم يعلن عنه رسمياً من قبل الحكومة.
وأشار إلى أن "الحشد الشعبي يواجه مقاومة صعبة في هذه المناطق نظرا لكونها أراضي مفتوحة (سهول)".
وانطلقت معركة استعادة الموصل في الـ17 من الشهر الماضي، بمشاركة 45 ألفاً من القوات التابعة لحكومة بغداد، سواء من الجيش، أو الشرطة، مدعومين بالحشد الشعبي، وحرس نينوى، إلى جانب "البيشمركة ".
واستعادت القوات العراقية والمتحالفين معها، خلال الأيام الماضية، عشرات القرى والبلدات في محيط المدينة من قبضة تنظيم "داعش" الذي سيطر عليها صيف عام 2014.