في أوروبا.. بودرة التلك تمول الإرهاب

جزء من أموال تجارة التلك المستهلكة في أوروبا وبقية العالم يساهم في تمويل طالبان وداعش

ما هي النقطة المشتركة بين محل لإنتاج مستحضرات التجميل في فرنسا، وإقليم ننجرهار جنوب أفغانستان، إنها التلك، هذه الصخرة البيضاء، النقية جدا والمنتشرة في أفغانستان وتستخدم في صناعة مستحضرات التجميل والورق والسيراميك والطلاء.  

صحيفة "لوموند" الفرنسية سلطت الضوء على تجارة التلك، التي تمول حركة طالبان وتنظيم الدولة الإسلامية "داعش".  

وقالت الصحيفة إنها حصلت على تقرير يشير إلى أن جزءا من أموال تجارة التلك المستهلكة في أوروبا وبقية العالم، يساهم في تمويل تمرد طالبان وداعش في ننجرهار، ويغذي أيضا الفساد في البلاد، وهو ما يسلط الضوء على التحديات التي تواجهها أفغانستان.  

وبحسب التقرير الذي أعدته منظمة دولية مقرها في أفغانستان - لا ترغب في ذكر اسمها – تحصل حركة طالبان على 22 مليون دولار من الضرائب التي تفرضها على نقل التلك من أفغانستان إلى باكستان سنويا.  

وأكدت "لوموند" أنه حتى عام 2000، كانت الصين تسيطر على إنتاج التلك الأبيض النقي نسبيا، لكن الصادرات الصينية بدأت في الانخفاض تدريجيا مع ازدياد الاستهلاك المحلي، وهو ما جعل العالم يتجه نحو أفغانستان وباكستان.  

ولفتت إلى أن تزايد الطلب العالمي على التلك زاد ستة أضعاف ما بين 2010 و2013 وذلك لصناعة الطلاء والسيراميك بشكل أساسي، لدرجة أن مجموعة "أي أم أي فابي" الإيطالية، التي تملك معملا وكسارة تَلك بمدينة كراتشي، وقعت شراكة في 2012 مع مجموعة عمر الباكستانية للاستثمار في هذا المجال.  

وقالت إن "أي أم أي فابي" دفعت رشى عبر وسطاء لحاكم إقليم ننجرهار، سليم خان كوندوزي، الذي استقال الأحد 2 أكتوبر، مقابل كل حمولة شاحنة.  

وأكدت الصحيفة أنه تم توقيع ترخيص في بداية العام مع مجلس الأمن الوطني الأفغاني وممثلي مجموعة عمر في إقليم ننجرهار، لاستخراج 000 100 طن فقط من التلك، لكن في الواقع تم استخراج مليون طن الشهر الماضي بالفعل.  

هناك العديد من الرشاوى تدفع لعدد لا يحصى من موظفي الجمارك، والعاملين في المساحة والشرطة، وموظفين بوزارة الثروة المعدنية، للسماح بنمو هذه التجارة المربحة، التي تزدهر في أوروبا، كما يعترف نديم عمر، رئيس مجموعة عمر، مشيرا إلى أنه لم يكن لديه اتصالات مع السلطات الحكومية أو المحلية.  

وبينت "لوموند" أن مقاتلي طالبان وداعش يفرضون ضرائب على حركة مرور الشاحنات التي تنقل صخور التلك من أفغانستان إلى باكستان، باتجاه بيشاور، حيث يوجد مصنع لسحق الصخور قبل نقلها إلى مصنع آخر في إيطاليا.  

ويشير عمر إلى أن حظر صادرات التلك، لن يساعد أفغانستان، التي تفتقر إلى القدرة على تحويل الصخور إلى بودرة صالحة للاستخدام، مؤكدا أن استخراج هذه المادة يسمح بعيش نحو 5000 أسرة ليس لديها خيار آخر سوى زراعة الأفيون.  

ومن جانبه، أشار إكرام أفضلي، رئيس هيئة إنتيجريتي ووتش للنزاهة بأفغانستان، أن الموارد المعدنية في البلاد والتي تقدر بـ 1000 مليار دولار، باتت لعنة على أفغانستان، حيث تؤجج الحرب الأهلية، التي أدت إلى مقتل 1600 مدني على الأقل، وتشريد 158 ألف شخص في الأشهر الستة الأولى من العام الجاري.  

وقد بدأ الاتحاد الأوروبي في دق ناقوس الخطر الأشهر القليلة الماضية، جراء المستقبل الاقتصادي لأفغانستان، حيث لا تحصل الدولة إلا على 8 ٪ فقط من قيمة ما يتم استخراجه من الثروات المعدنية في البلاد، والتي بلغت 30 مليون دولار عام 2015، وهو رقم تافه بالمقارنة مع الإيرادات التي تحصل عليها حركة طالبان، إذ تعد هذه الثروات المصدر الثاني للتمويل بعد المخدرات.

مقالات متعلقة