أكد المركز المصري لحماية الحق في الدواء أن مبدأ الحق في الدواء في ( مأزق) شديد الصعوبة، وأن الحق الدستوري والقانوني للحق في الصحة بشكل عام والحق في الدواء بشكل خاص (متأزم)، وعلى حافة الانهيار الكامل، بسبب القرارات الاقتصادية، الصادرة أمس.
وقال "محمود فؤاد "، المدير التنفيذي للمركز، إن مفهوم الحق في الدواء لن يتأتى إلا من خلال منظومة قوية ومستقرة لصناعة الدواء المصري، وأن الدواء أحد أهم أضلاع مثلث الرعاية الصحية الذى يعاني منذ شهور عديدة لانتهاكات كثيرة، بسبب وضع الصناعة غير المستقرة .
وأضاف " فؤاد"، أن الصناعة أصبحت تعاني كثيرًا نفس معاناة الحق في الدواء، فالقرارات الاقتصادية الصادرة سيكون لها أثار وخيمة، وذلك إن لم تقم الحكومة المصرية فورًا بتقديم مبادرات وحلول قوية لتحقيق المعادلة الصعبة في ظل ظروف استثنائية يعاني منها المواطن المصري.
وأكد "فؤاد"، على عدم قبول المواطن أي قرار برفع الأصناف الدوائية في الوقت الحالي أو تحريك أى أسعار تحت أي مسمى، ولا يجب أن يتم التعامل مع الدواء كأي سلعة أخرى، فالدواء سلعة لا يمكن الاستغناء عنها ولا يمكن تبديلها أو التقليل منها كما السلع الأخري.
وأشار مدير المركز إلى أن التخوفات هنا بسبب ظهور ضغوط كثيرة تُمارس وسوف تُمارس من صاحب القرار لن تؤدى إلا لزيادة سوء الأوضاع في المستشفيات الحكومية فهناك مرضى داخل ٦٦٣ مستشفى عامًا، و٤٠ معهدًا تعليميًا و جامعيًا، يعانون الأمرين من عدم وجود رصيد كاف من الأدوية.
وأوضح " فؤاد"، أنه هناك من يدفع حياته من نقص الدواء خاصة الأدوية الاستراتيجية الحيوية ولنا أسوة ومثل الاستغاثات التي تخرج من مؤسسات صحية تطالب المتطوعين وأهل الخير بالتواصل معها تفاديًا لوقوع ضحايا لهذا الأمر وقد ظهرت معاهد ومستشفيات تاريخية تطلب وتمد يدها مثل "أبو الريش الياباني، وأبو الريش المنيرة، ومعهد أورام المنصورة، ومعهد أسيوط، ومعهد سوهاج، ومعهد طنطا، ومعهد ناصر، والقصر العيني القديم " بينما توقف العلاج الكيماوي في المعاهد الكبرى وقت اختفت فيه المحاليل الطبية، ونشأت السوق السوداء البديلة وأصبح للدواء لأول مرة سعرين في مصر منذ بداية تسعير الأدوية عام ١٩٨١.
ورصد المركز أولى بدايات القرارات الاقتصادية بامتناع عدد من الشركات المستوردة من طرح مستحضراتها ومنها المخصصة "لأمراض الدم والأورام" مثل الشركة المصرية لتجارة الأدوية بسبب تخوفها من عدم استقرار أسعار الصرف، وأنواع أخري تعرف باسم " منقذة الحياة " وهي أصناف لا يمكن الاستغناء، ورصدت أيضًا بعض الشكاوي لعشرات الصيدليات من عدم توريد هذه الأدوية وتوريد عدد ٥ علب أنسولين مدعم لكل صيدلية، في وقت رصد فيه المركز قيام ٦ شركات لاستيراد الأدوية تمتنع عن البيع، وأوقفت اللوحات الالكترونية لها المخصصة للبيع بدعوي وجود أعمال صيانة بها.
وأشار"فؤاد "، إلى أن قرار الامتناع عن التعامل بالبيع والشراء لأي سلعة مسعرة جبريًا، وهو اجراء مجحف بحق المريض المصري هذا التخوف ناتج عن وقوع صناعة الدواء في موقف ( عصيب) سوف تعاني منه كبري الشركات المصرية التي زاد عليها أيضا أسعار الوقود والبنزين والغاز والكهرباء. وأكد "فؤاد"، على أن تحرير سعر الصرف سيؤثر بالسلب علي قطاع الدواء لأنها تحت التسعيرة الجبريه ولا تستطيع الشركات تحريك أسعارها، حسب العرض والطلب، والتكلفة الإنتاجبة، مثل باقى السلع.
وأكمل "فؤاد "، أن قرار التعويم سيؤدى بالتالي إلي زيادة تكلفة الإنتاج بالمصانع، وهو ما سيجعلها تحرك أسعارها باستئناء قطاع الدواء، لعدم قدرته على تحريك أسعار منتجاته، كما أن قرار رئيس مجلس الوزراء الأخير برفع ٧٠٠٠ صنف ٢٠٪ أصبح لا أثر له بعد تخفيض الجنيه، لأنه تحدد علي أساس سعر الدولار وقتها ٨ جنيهات والزيادة السابقة فعليا لن تكون كافية لوقف خسائر الشركات حيث أن الزيادة الكبيرة فى سعر الصرف، وارتفاع نسبة المكون الأجنبى فى القطاع حوالي ٩٥٪ سيؤدى إلى زيادة الخسائر وهو ما سيزيد الوضع تعقيدًا علي وضع ١٣٥ شركه تمتلك مصنع وهم يستحوزون علي ٤٥٪ من إجمال سوق الدواء في مصر باستثمارات تبلغ أكثر من ٢٠ مليار دولار.
وسوف تقوم هذه الشركات بمطالبة الحكومة تنفيذ قرارات وزارية واضحة برفع سعر أدويتها نحو 30% بعد تعويم الجنيه، ذلك الطلب سيوافق القرار الوزارى 499 فى المادة 12 منه والذى ينص على "إعاده النظر في تسعيرة الأدوية إذ تم تغيير أسعار الصرف إلى 15% وفقًا لسعر البنك المركزى".
بينما تمتلك الشركات الأجنبية وضع أفضل نسبيا لقدرتها علي تخطي هذه الصعاب بفضل سياسات محددة لها طويلة الأمد وخطط تسويقية تراعي الأبعاد الإقتصادية للدول ، بينما سيكون قرار التعويم كالعاصفة التي ستطيح بحوالي ١٥٠٠ شركة لا تمتلك مصنع وهي تقدم خدمة اقتصادية واجتماعية كبيرة حيث تتميز بقلة أسعارها وهي تمتلك استثمارات تقدر بحوالي ٥ مليار جنيه مصري.
واستطرد "فؤاد "، أن الضحية الحقيقة نتيجة القرار، هى شركات قطاع الأعمال فهذا القطاع يتم تخريبه و تخسيره طوال ثلاثين عامًا استعدادا لبيعه والآن أصبح يعاني كثيرًا في الاستمرار في تقديم الدواء للشعب المصري حيث أن القطاع يقدم دور وبعد اجتماعي مهم وهو حجر لتوازن السوق وفقده سيؤدي لوجود ممارسات احتكارية ستحدث.
وأوضح " فؤاد" أن قطاع الأعمال تم تجريده من مميزات كثيرة ولن يستطيع العمل بأسعاره السابقة التى تسبب في خسارته نحو ٢٠٪ عندما كان سعر الصرف ٨ جنيهات و قبل تخفيض وتحرير العملة خاصة أن أسعار الطاقة قد زادت أيضًا، وأن المركز يؤكد أنه يجب أن تكون هذه الأزمة الأزمة بداية لحلول كثيرة تساعد هذه الصناعة العريقة، لا معول هدم لأهم الحقوق الإنسانية وهو الحق في الدواء.