"الشعب يأمر" مبادرة عاطفية هدفها دغدغة مشاعر المصريين، لكنها لا تسمن ولا تغني من جوع.. ذلك ما رأواه عدد من رجال الأعمال إزاء المبادرة الشعبية التي دعى إليها اﻹعلامي عمرو أديب من خلال برنامجه الجديد مؤخرا ، والتي على خلفها تم تدشين معرض متخصص للسلع الاستهلاكية افتتحه وزير الصناعة والتجارية الخارجية المهندس طارق قابيل أمس الخميس.
ويشارك بالمعرض نحو 150 شركة في مجالات منها، الصناعات الغذائية والاجهزة الكهربائية والادوات المنزلية والمفروشات والملابس والسجاد، والمواد الكيماوية وادوات التنظيف والاثاث والسيراميك، وتصل التخفضيات بالمعرض لـ 20 % ، وتستمر فعالياته حتى الأحد المقبل.
وتقوم المبادرة على تنازل الصناع والتجار عن جزء أو كل هامش ربحهم في السلع الغذائية الاساسية لمدة 3 أشهر، وذلك للحد من الارتفاعات الشديدة التي تشهدها الاسعار هذه الفترة.
ووصف رجال الأعمال المبادرة بأنها عاطفية، حيث أنها لا تقدم حلول حقيقية لعلاج أزمة ارتفاع الاسعار، مؤكدين أن مشكلة ارتفاع الأسعار تتطلب حلولا جذرية دائمة من شأنها خفض تكاليف الانتاج والعودة بالاسعار إلى مستوياتها الطبيعية.
ورأى على شكري نائب رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة أن مبادرة "الشعب يأمر" ما هي إلا مبادرة عاطفية تستهدف دغدغة مشاعر المصريين، إلا أنها لن تساعد في حل مشكلة اشتعال أسعار السلع المتفاقمة هذه الفترة.
وأضاف شكري لـ"مصر العربية" أنه لا يعقل أن يمتنع الصانع أو التاجر عن تحصيل أي هامش ربح أو مكسب لمدة 3 أشهر ، خاصة في ظل الارتفاعات المتواصلة في تكاليف الصناعة والتجارة على السواء، مؤكدا أنه ليس من الطبيعي اقناع الصانع أو التاجر باليبع بالخسارة.
وقال أنه لا يمكن التعامل مع هذه المبادرة بأنها العصا السحرية التي ستؤدي الى تخفيض الأسعار وأنه على الجميع المشاركة بها وإلا يعد غير وطني ولا يرغب بمصلحة البلاد، مؤكدا أن الحل الوحيد لعلاج مشكلة ارتفاع الاسعار هو توفير الدولار، والذي هو المتهم الاول وراء كل هذه الارتفاعات السعرية، كذلك لابد من العمل على زيادة الانتاج المحلي وزيادة المعروض بما يحد من صعود السعر وفقا لألية العرض والطلب.
وحول ما يتردد حول جشع التجار وأنه أحد أهم الأسباب وراء ارتفاع الأسعار، قال نائب رئيس غرفة القاهرة التجارية أنه لا يمكن التعميم بذلك الاتهام على جميع التجار، مشيرا إلى أنه رغم صحته في قلة من فئات التجار ضعاف النفوس، إلا أنه لا يمكن أن يشمل جميع عناصر المجتمع التجاري ، لافتا إلى أن الحديث حول جشع التجار يعد من الأحاديث المثيرة لعدم الاستقرار بالأسواق والتي من شأنها إحداث مزيد من الإرتباك والقلق ومن ثم ارتفاع الاسعار.
من جانبه، رأى المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين سابقا، أن مبادرة "الشعب يأمر" مبادرة يستهدف القائمين عليها الدعاية والترويج لانفسهم وشركاتهم في المقام الاول، موضحا أن هناك شركات سراميك على سبيل المثال، والسيراميك ليس من ضمن منتجات الاساسية التي تستهدفها المبادرة، إلا أنها أعلنت انضمامها للمبادرة بتخفضيات، وذلك من باب انتهاز فرصة الدعاية المجانية والسريعة لشركتها ليس أكثر.
وأضاف صبور لـ"مصر العربية" أن مثل هذه المبادرات تقدم حلولا قصيرة المدى، وتعد غير مجدية مع الوضع المتدهور للاقتصاد المحلي، حيث أن الخفض المؤقت لاسعار بعض أنواع من السلع الغذائية ليس الحل لمواجهة مشكلة ارتفاع الاسعار، والتي تعد مشكلة خطيرة تستوجب علاج جذري حقيقي وعاجل.
فيما قال مصطفى النجاري نائب رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية ورئيس لجنة الأرز بجمعية رجال الأعمال المصريين أن مبادرة "الشعب يأمر" مبادرة عاطفية وثمارها قليلة، مؤكدا أنه لا يمكن مطالبة الصناع والتجار بالعمل بدون هامش ربح وبدون تحصيل أي مكاسب تعينهم على الوفاء بالتزاماتهم الانتاجية من المصروفات وأجور العمالة وفواتير الكهرباء والمياه والطاقة لفترة من الوقت، حتى وإن كان لوقت قصير.
وقال النجاري لـ" مصر العربية" أن مثل هذه المبادرات الفردية ليست الحل لعلاج الازمة، وأنه لابد من البحث عن حلول حقيقة دائمة ، مشيرا إلى أنه يجب التفكير في كيفية تقليل تكاليف الانتاج واختصار حلقات الموزعين المكلفة بدءا المنتج بأرض المصنع وحتى وصوله للمستهلك، مؤكدا أن هذه المسئولية تقع على عاتق الحكومة وعليها الاسراع باتخاذ الاجراءات اللازمة لمواجهة الازمة.
وليد الحناوي عضو مجلس أدارة غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، قال أن التطبيق الفعلي لمبادرة "الشعب يأمر" صعب عمليا، خاصة في ظل الظروف الراهنة والتي يثقل فيه العبء والمصروفات على الصناع نتيجة ارتفاع الدولار، إلا أنه لا يمكن انكار أنها توجه ايجابي محمود من الاعلامي عمرو اديب.
أما محمد البهي رئيس لجنة الضرائب باتحاد الصناعات، فقال مبادرة "الشعب يأمر" هي في الأصل مبادرة انسانية تستهدف التأكيد على معاني الدفء ومشاركة والتلاحم فيما بين الصناع والمواطنين، لذلك فان لها من الجانب الاخلاقي ما هو أكبر من عائدها الاقتصادي.
وأوضح البهي لـ" مصر العربية" أن المبادرة بالفعل لن تستطيع خفض الاسعار ، وكل جهودها تنحصر خلال عدد محدود من السلع يتم خفضها بنسب معينة لفترة 3 أشهر فقط، وهو ما لا يسمن ولا يغني عن حلول حقيقية لمشكلة ارتفاع الاسعار، غير أنها تمثل بادرة اجتماعية مهمة يتم من خلاله تعزيز اواصر المشاركة والتلاحم بين جميع فئات المجتمع لمواجهة الازمات التي تتوالي على الاقتصاد المصري.