قال محللون إنَّ تعويم الجنيه ورفع أسعار المواد البترولية سيؤديان إلى قفزة كبيرة في أسعار السلع والخدمات، ستظهر بقوة في أسعار النقل والمواصلات والسلع الغذائية والأدوية التي كانت تحصل على الدولار بالسعر الرسمي.
وأعلن البنك المركزي، منذ يومين، تعويم الجنيه بشكل كامل، وإعطاء مرونة للبنوك العاملة في مصر لتسعير شراء وبيع النقد الأجنبي.
وبعدها بساعات، أعلنت الحكومة زيادة أسعار البنزين والسولار والمازوت والكيروسين وغاز السيارات واسطوانة البوتاجاز بنسب تتراوح بين 7.1% و87.5%.
وقال عمر الشنيطي المدير التنفيذي لمجموعة مالتيبلز للاستثمار إنَّ أسعار السلع الغذائية ستشهد "زيادات كبيرة جدًا" خلال الفترة المقبلة، متوقعًا أن يقفز متوسط معدل التضخم في الأسعار فوق مستوى 20%، حسب "أصوات مصرية".
وكان معدل التضخم في إجمالي الجمهورية انخفض إلى 14.6% خلال سبتمبر الماضي، من أعلى مستوى يسجله في أكثر من 8 سنوات عند 16.4% في أغسطس.
وشهد سعر صرف الجنيه أمام الدولار نزولًا مستمرًا طوال الشهور الماضية في السوق السوداء، رغمَّ أنَّ البنك المركزي ظلَّ محتفظًا بسعره الرسمي في البنوك عند مستوى 8.88 جنيه للدولار، قبل أن يحرره بشكل كامل أمس الأول.
ووصل سعر الدولار في البنوك أمس إلى ما يتراوح بين 15.75 و16 جنيهًا.
وقال شريف إسماعيل رئيس الوزراء - في مؤتمر صحفي أمس الجمعة - إنَّه خلال الفترة المقبلة ستكون هناك زيادة في أسعار بعض السلع بعد ارتفاع أسعار المواد البترولية، لكنَّه أضاف أنَّ الإصلاح الاقتصادي له تكلفة.
وأوضَّح بنك استثمار برايم، في مذكرة بحثية، أنَّ أسعار الأغذية والمشروبات والرعاية الصحية ستكون الأكثر تأثرًا بتعويم الجنيه.
وأضاف أنَّ قطاعات الأغذية والمشروبات والصحة كانت تعتمد على الجهاز المصرفي في توفير الدولار كونها ضمن قائمة السلع الأساسية التي تحظى بأولوية في توفير العملة الصعبة على عكس قطاعات أخرى كانت تعتمد على السوق السوداء.
وتابع: "بناءً عليه نتوقع أن تكون تلك البنود هي الأكثر تأثرًا بقرار التعويم".
ورفع "برايم" توقعاته لمتوسط معدل التضخم في المدن خلال العام المالي الحالي إلى 18% بعد تعويم الجنيه وزيادة أسعار الوقود، مقابل 14.5% في توقعات السابقة.
أمَّا بنك استثمار "أرقام كابيتال" فقد رفع توقعاته لمتوسط التضخم في المدن إلى 20% خلال العام المالي الجاري من 18%، بعد الزيادة الجديدة في أسعار الوقود وتعويم الجنيه.
وكان مسعود أحمد مدير إدارة الشرق الأوسط في صندوق النقد الدولي قال في منتصف الشهر الماضي، إنَّه لا يتوقع أن تؤدي الإجراءات التي ستتخذها مصر لحل أزمة نقص العملة الصعبة إلى قفزة في معدل تضخم الأسعار؛ لأنَّ أسعار الواردات تعكس بالفعل سعر الدولار في السوق السوداء.
لكنَّ تقديرات صندوق النقد لمعدلات التضخم في مصر ارتفعت، خلال الشهر الماضي، إلى 18.2% خلال العام المالي الجاري مقابل توقعات سابقة بنحو 10.2%.
وتوقَّع بنك "استثمار بلتون فاينانشال"، في مذكرة بحثية، أن يشهد معدل التضخم موجة ارتفاع كبيرة خاصة في النصف الأول من عام 2017 وأنه قد يصل إلى مستويات تتراوح بين 25 و30% خلال هذه الفترة.
وأضاف أنَّ هذه الزيادة في التضخم ستكون ناتجة بشكل أساسي من تعويم الجنيه ورفع أسعار الطاقة.
ورفعت الحكومة أسعار بنزين 80 إلى 2.35 جنيه للتر بدلًا من 1.6 جنيه بزيادة 46.9%، وبنزين 92 إلى 3.5 جنيه للتر بدلًا من 2.6 جنيه بزيادة 34.6%، والسولار إلى 2.35 جنيه للتر من 1.8 جنيه بزيادة 30.6%، وأبقت على سعر بنزين 95 عند 6.25 جنيه للتر، بدون دعم.
ورفعت سعر غاز السيارات إلى 1.6 جنيه للمتر المكعب من 1.1 جنيه بزيادة 45.5%، وأسعار أسطوانات البوتاجاز المخصصة للمنازل من ثمانية إلى 15 جنيهًا، والتجارية من 16 جنيهًا إلى 30 جنيهًا بزيادة 87.5%.
وقالت ريهام الدسوقي محللة الاقتصاد الكلي في بنك استثمار أرقام كابيتال الإماراتي إنَّ زيادة أسعار البنزين والسولار سيكون لها تأثير واضح على أسعار النقل الجماعي والمواصلات، وأنَّ ذلك سينعكس على معدلات التضخم خلال الشهور المقبلة.
كما أنَّ رئيس الوزراء ألمح - أمس - إلى اتجاه الحكومة لزيادة سعر تذكرة مترو الأنفاق قائلًا إنَّ الحكومة لن تستطيع تقديم خدمة المترو بنفس المستوى الخدمي ونفس الأسعار.
وتتبنى الحكومة برنامجًا للإصلاح الاقتصادي يتضمَّن إجراءات تقشفية منها زيادة أسعار الوقود وتعويم الجنيه ورفع أسعار الكهرباء وتطبيق ضريبة القيمة المضافة بدلًا من ضريبة المبيعات، وذلك من أجل الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 12 مليار دولار.
وبدأت الحكومة تطبيق ضريبة القيمة المضافة التي يصاحبها عادة زيادة في الأسعار، خلال الاسبوع الثاني من سبتمبر الماضي.
وكان رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أبو بكر الجندي قال لـ"أصوات مصرية" إنَّ أثر تطبيق ضريبة القيمة المُضافة لم يظهر بشكل كامل في بيانات تضخم شهر سبتمبر، وأنَّه سيظهر في معدل زيادة الأسعار في أكتوبر.