انتقدت منى مينا، وكيل نقابة الأطباء، قرار البنك المركزي بتحرير سعر الصرف للجنيه المصري.
وقالت مينا في تدوينة عبر صفحتها الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "محاولة لقراءة إقتصادية.. وليست مصرفية.. في القرارات الاقتصادية الأخيرة ..أولً اوحتى لا يبادر أي من المتربصين بنصيحة أن أركز جهدي في القضايا النقابية وبدل العدوى الذي لا نستطيع صرفه حتى الآن، أنبه زملائي أن قيمة البدل الذي كنا سعداء به -حتى قبل أن نصرفه- أنخفضت بالفعل من 1000 جنيه إلى حوالي 500 جنيه .. طبعا عن القيمة الشرائية اتحدث .. أما راتب الطبيب حديث التخرج الذي نجحنا بعد جهد جهيد في رفعه من حوالي 950 جنيه إلى حوالي 2200 حنيه .. فقد تدهورت قيمته الشرائية لحوالي 1100 جنيه".
وتابعت: "ثانيا .. الحقيقة أن قيمة الجنية كانت تنهار بالتدريج خطوة خطوة.. وهنا برزت مقترحات مصرفية عديدة ، وأثيرت بينها مناقشات عديدة لا يهمني الدخول فيها ..ما يهمني هو المشاكل الاقتصادية التي أدت لهذا الإنهيار الممتد البشع للوضع الإقتصادي وبالتالي لقيمة الجنيه.. سواء تم تعويمه أو لم يتم".
وواصلت: "مثلا.. أصبحت هناك حقائق مرعبة أننا رغم كوننا الدولة الزراعية العريقة منذ 7000 سنة ..إلا أننا لا نزرع سوى نصف الأرض الزراعية الموجودة فعلا في الوادي و الدلتا .. و الفلاحين يهجرون أرضهم و يتركوها تبور لأن تكلفة الزراعة أعلى من ثمن بيع المحصول ، أو الربح لا يساوي شهور العمل الطويلة لخدمة المحصول ..وبالتالي يهجر الشباب الأرض سعيا وراء أي عمل بالقاهرة و عواصم المحافظات.. أو يحاولون عبور البحر في سفن الموت سعيا وراء فرصة عمل و حياة كريمة".
وأضافت: "لذلك أصبحنا نستورد أغلب إحتياجاتنا من الغذاء.. لا أتحدث عن استيراد الكفيار أو لحم الطاووس.. أو حتى عن إستيراد اي نوع من اللحم.. ولكني أتحدث عن استيراد 90% من احتياجتنا من العدس و99% من زيوت الطعام.. وكذلك الفول والقمح، وبعد هذا نتحدث عن أي سياسات مصرفية نتخيل أنها من الممكن أن ترفع أو حتى تقلل المزيد من التدهور في سعر الجنيه و حالة الاقتصاد".
واستطردت: "ثالثًا.. عندنا حوالي 2000 مطنع أغلق نتيجة خسائر.. عدم قدرة على تصريف الإنتاج.. عدم وجود تحديث للمكن ليتمكن من المنافسة.. لم يفكر أحد في بحث أسباب خسائر هذه الشركات وإعادتها للعمل .. والكثير من المصانع الوطنية التي مازالت تعمل تتعرض لمشاكل وتعثررهيب .. ولا تجد صرخاتها من يسمعها.. و بالتالي يتقلص الإنتاج.. وتقل الصادرات.. ونضطر بعدها للإستيراد في كل شئ.. كما يطرد العمال بدون عمل في الشارع لتقل القوة الشرائية.. ويزداد ركود السلع احد الاسباب الهامة لتفاقم الأزمة الاقتصادية ... وبعد كل ذلك نتخيل أن هناك أي إجراءات مصرفية ممكن أن تقيل الجنيه من عثرته.. أو تقلل التدهور القادم".
وأردفت: "الأفدح أننا بعد كل ذلك نتخذ إجراءات كثيرة لجذب الاستثمار .. أملا في قدوم الاستثمار الاجنبي ليقوم بفتح مصانع في مصر! بينما المصانع المنشأة فعلا أغلقت وتغلق كل يوم.. وتصرخ لمحاولة الاستنجاد ولا تجد من ينقذها.. ثم نتخيل أن بعض الاجراءات المصرفية من الممكن أن تنقذ الجنيه أو تنقذ الاقتصاد.. بينما المصانع تغلق والأرض الزراعية تبور".
وتابعت: "أيضًا.. السياسات الاقتصادية التي لا تتجهه لتحميل الأزمة على القادرين ، عن طريق الضرائب التصاعدية ورفع الشرائح العالية منها ، ولكنها بالعكس قللت الحد الاقصى للضريبة من 25% إلى 22.5 % ، بينما ترفع الضرائب على الاستهلاك (ضريبة القيمة المضافة) لترتفع الضرائب على المواطن البسيط في استهلاكه لكل السلع الضرورية .. وتقلص الأجور عموما مع تجميد الحوافز، بينما تترك انفلات الحد الأقصى للأجور بإستثناءات عديدة لكل القطاعات المميزة تقريبا .. هذه السياسات تتسبب في تقليص شديد للقوة الشرائية للسواد الأعظم من الشعب ، بالأثار الخطيرة لذلك على المزيد من ركود الاقتصاد و تفاقم الأزمة الاقتصادية ".
واختتمت: "بإختصار ماأحاول الحديث عنه هنا هو أن إنقاذ الجنيه يحتاج لدعم الزراعة (الأرض الزراعية الموجودة فعلا قبل أن نتحدث عن استصلاح اراضي جديدة).. ويحتاج لدعم الصناعة (المصانع الموجودة فعلا قبل محاولة التنازل عن حق الدولة والمواطن في الضرائب للمستثمر الأجنبي لجذبه لسوق يعاني من الركود)، بدون معالجة مشاكل الاقتصاد فلا أمل في أن نجد أي إجراءات مصرفية قادرة على إنقاذنا.. وبدون دعم الزراعة والصناعة والعدالة الإجتماعية فلا أمل لنا في الخروج من الأزمة الإقتصادية".
وأصدر البنك المركزي، برئاسة طارق عامر، صباح الخميس، قرارًا بتحرير سعر صرف الجنيه المصري.
ويُقصد بتحرير سعر صرف الجنيه، قيام البنك المركزي برفع يده عن تحديد سعر صرف عملته المحلية أمام العملات الرئيسية ووضع سعر تقديري لها، ليحدد العرض والطلب في السوق سعرها صعوداً وهبوطاً.