اتخذت الحكومة المصرية إجراءات وصفت بالقاسية، الخميس الماضي، تنفيذًا لشروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات، أبرز هذه القرارات تعويم الجنيه ورفع الدعم عن المواد البترولية بنسب تتراوح ما بين 30% إلى 46%.
القرارات الجديدة تهدف لتوحيد سعر الصرف، وجذب استثمارات جديدة، وزيادات الصادرات، وجذب سائحين جدد ـ بحسب تصريحات لمسؤولين حكوميين.
"مصر العربية" تطرح 6 أسئلة هي أهداف الحكومة من تعويم الجنيه، وإجاباتها على لسان خبراء متخصصين، للإجابة على سؤال هل ينجح تعويم الجنيه؟.
هل يساهم خفض العملة المحلية في جذب استثمارات جديدة؟
يقول الدكتور عماد مهنا، الخبير الاقتصاد السياسي والتخطيط الاستراتيجي، إن تعويم الجنيه لن يساهم في جذب استثمارات جديدة، لافتًا إلى أن هناك 6 شروط يضعها المستثمر في اعتباره وهي سعر الصرف، ومستوى الفساد، والبيروقراطية، البنية التحتية، تشريعات الاستثمار، العمالة المدربة.
وأضاف مهنا في تصريح لـ "مصر العربية": أن مصر لم تمتلك هذه المؤشرات حتى إن استطاعت الحكومة توحيد سعر الصرف بـ 16 جنيه أو 17 جنيه، فإنها لن تستطيع تطبيق باقي الشروط، هذا إضافة إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يرفع تكلفة الإنتاج وهو يخالف رغبات المستثمرين.
هل تساهم الإجراءات الجديدة في إعادة السياحة لمصر؟
يقول الدكتور مصطفى النشرتي الخبير الاقتصادي، وأستاذ التمويل والاستثمار بجامعة مصر الدولية، إن خفض قيمة العملة المحلية لن يأتي بالسائحين إلا الأقل إنفاقًا منهم، أي أنهم مهما مكثوا في مصر لن ينفقوا إلا أموال ضئيلة، مؤكدًا أن السائحين ذوي الإنفاق العالي يتجهون إلى دبي وتركيا.
وأضاف النشرتي، أن الحالة الأمنية وإسقاط الطائرة الروسية ساهم بشكل كبير في تخوف السائحين من المجيء لمصر.
هل تنجح الإجراءات في توحيد أسعار سوق الصرف؟
يقول "مهنا" من الممكن أن ينجح التعويم في توحيد أسعار سوق الصرف، لكن ستكون الأسعار بمقدار تكلفته في السوق الموازي، لكن ذلك سيكون على حساب ارتفاع معدلات التضخم والفقر بسبب شراء البنوك للدولارات من المواطنين وطباعة الجنيه دون وجود رصيد مقابل له من الذهب أو العملة.
ماذا عن أثر الإجراءات فيما يخص زيادة الصادرات؟
يقول الدكتور مصطفى النشرتي الخبير الاقتصادي، إن خفض قيمة الجنيه لن يساهم في زيادة الصادرات، لافتًا إلى أن الغرب يبحث عن جودة المنتج أكثر من انخفاض ثمنه، قائلًا "المنتجات المصرية لن تنافس في أوروبا مهما انخفضت أسعارها".
هل تستطيع الحكومة تلبية احتياجات المستوردين من الدولار؟
يقول الدكتور علاء الشاذلى، عضو مجلس إدارة البنك المركزي السابق، وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، إن الحكومة لن تستطيع تلبية احتياجات السوق من العملة الصعبة مهما جمعت من المواطنين، مؤكدًا أن إيرادات مصر من العملة الصعبة منخفضة بسبب خفض تحويلات العاملين بالخارج وهبوط عائدات السياحة وانخفاض الصادرات.
وأضاف الشاذلي في تصريح لـ "مصر العربية" أن الحكومة المصرية لم تترك بابًا إلا وطرقته من أجل الاقتراض، مشيرًا إلى أن القرارات الأخيرة ومنها رفع أسعار الفائدة سيساهم في رفع نسب التضخم وارتفاع الأسعار قائلًا "المصريين سيعيشون في جحيم".
فيما يقول عماد مهنا الخبير الاقتصادي، إن الحكومة تحتاج لـ 22 مليار دولار خلال الشهريين القادمين، لتنفيذ التزامها تجاه المستوردين بتوفير العملة الصعبة، لكن ما يوجد بالسوق الموازي لم يتخطَّ الـنصف مليار قائلًا "لو جمعت الحكومة الدولار كله من السوق الموازي لن تسد حاجات المستوردين".
الحصول على قرض صندوق النقد الدولي؟
ويقول عضو مجلس إدارة البنك المركزي السابق، إن الحصول على قرض صندوق النقد الدولي له عدة شروط منها تعويم الجنيه، مؤكدًا أنه ليس من الممكن الحصول على القرض ما لم تستطع مصر تنفيذ باقي شروط الصندوق، لافتًا إلى أن الحكومة أوسعت فجوة عجز الموازنة بدلًا من تقليصها.
فيما يقول الدكتور عماد مهنا، إن قرض صندوق النقد الدولي ليس للتنمية الاقتصادية، لكن الهدف منه معالجة نفقات الحكومة وسد عجز الموازنة، لافتًا إلى أن المواطن لن ينتفع بأي تنمية من هذا القرض، رغم شروطه القاسية داعيًا الحكومة لسرعة إلغائه إن استطاعت.
وأضاف مهنا: إن عجز الموازنة تخطى الـ 300 مليار جنيه، في الوقت الذي تقوم الحكومة بجمع العملة الصعبة من المواطنين لسد هذا العجز وسداد أقساط القروض دون المضي قدمًا نحو أي خطى إصلاحية.
وأعلن البنك المركزي، الخميس الماضي، خفض قيمة الجنيه بنحو 48%، بهامش ربحي 10%، ورفع أسعار الفائدة لـ 16%، وطرح شهادات استثمار جديدة بفائدة 20%.
كما أعلنت وزارة البترول رفع الدعم عن البنزين والسولاء وغاز السيارات بنحو 30% إلى 47% ، طبقًا لشروط صندوق النقد الدولي للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات.