"لا مكان للسياسة في المدرجات" مبدأ فرضه الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" في ملاعب العالم، إلا أن الجماهير العاشقة لذلك الجلد المدور ضربت به عرض الحائط في السنوات الأخيرة، خاصةً فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بعدما رفعت جماهير عدة أندية أوروبية وعربية أعلامًا ولافتات مؤيدة لفلسطين ومنددة بالاحتلال الصهيوني في مشاهد وقف لها الضمير الإنساني وقفة إجلال وإكبار، رغم ما فرضه فيفا من عقوبات قاسية واتهامات بمعاداة السامية. يبدو أن مشهد آخر وفصلًا جديدًا سيسطر دفاعًا عن القضية الفلسطينية، وهذه المرة من قبل الجماهير المصرية عندما يلاقي المنتخب الوطني نظيره الغاني في الجولة الثانية من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2018، حيث يتولى قيادة منتخب البلاك ستارز المدير الفني الإسرائيلي، أفرام جرانت. هلع يصيب النقاد والإعلاميين الرياضيين في مصر خوفًا من خروج الجماهير عن النص في المباراة التي ستقام يوم الأحد المقبل على ملعب "برج العرب" بالإسكندرية، خصوصًا بعدما نشرت إحدى الصحف الإسرائيلية شائعات بأن المدرب أفرام جرانت، المدير الفني لغانا مهدد بالقتل في مصر، فتعالت الأصوات مطالبة الجماهير بإلتزام الحياد. وتتجه جماهير الفراعنة للسير على خطى غيرها من الجماهير التي أعلنت تأييدها لفلسطين من خلال المدرجات، كان أخرها جماهير نادي "سيلتك الأسكتلندي"، التي رفعت الأعلام الفلسطينية خلال المباراة التى جمعت فريقهم بنادي "هابويل بئر السبع الإسرائيلي"، في إطار تصفيات دوري أبطال أوروبا، الأمر الذي أدى إلى تغريم النادي الإسكتلندي 34 ألف يورو باعتباره سلوكًا خارجًا. هذا السلوك ليس جديدًا على الملاعب الأوروبية، حيث اعتادت جماهير إيطاليا على إظهار دعمها للقضية الفلسطينية لعل أبرزها جماهير نادي "ليفورنو"، التي حملت علمًا كبيرًا لفلسطين طوله أكثر من 30 مترًا، إضافة إلى اللافتات والرايات الداعمة ، التى كُتب على إحداها "فلسطين حرة" باللغة العربية، وذلك خلال مباراة فريقهم أمام فريق "مكابي حيفا الإسرائيلي" في كأس الاتحاد الأوروبي. كذلك جماهير "لاتسيو" الإيطالي التي ترفع الأعلام الفلسطينية بشكل منتظم كان أبرزها في إحدى مباريات الفريق في الدوري الأوروبي موسم 2012-2013، حيث قامت برفع أعلام ولافتات منددة بوحشية الاحتلال الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني الأعزل. أما جماهير نادي "ليل" الفرنسي لم يكتفوا برفع الأعلام واللافتات بل امتد الأمر بهم إلى اقتحام مباراة فريقهم ضد "ماكابي حيفا الصهيوني" ، وقاموا بالهجوم على اللاعبين والبصق والاعتداء عليهم ضربًا، وهو ما جعل الحكم ينهي المباراة في الدقيقة 86، ذلك الشعور تسرب من المدرجات إلى أرضية الملعب ومن قلوب الجماهير إلى قلوب اللاعبين الذين أصروا على إبراز تعاطفهم، لعل أبرزهم محمد أبوتريكة، لاعب الأهلي ومنتخب مصر السابق، الذي قام بالكشف عن قميص كان يرتديه أسفل قميص المنتخب والذي كتب عليه " تعاطفا مع غزة" بعد تسجيله هدف في مرمي السودان في كأس الأمم الأفريقية 2008 في غانا. كذلك فريدريك كانوتيه، لاعب أشبيلية الإسباني والمنتخب المالي السابق، الذي قام برفع قميص فريقه بعد إحرازه هدف في مرمى فريق "ديبورتيفو لاكورونيا" في ذهاب دور الـ16 من كأس ملك إسبانيا عام 2009، لتظهر كلمة فلسطين باللغتين الإسبانية والعربية على قميصه الداخلي.