بالرغم من وجود استقرار نسبي في أسعار الدولار في البنوك والتي لا تختلف أسعارها كثيرًا، ولكن بحسب متعاملون فإن البنوكى ترفض بيع الدولار للجمهور، مقتصرين المعاملات على شراء الدولار من الأفراد، دون توفيرها لكبار المستوردين.
خبراء في النقد والمعاملات المصرفية والبنكية أكدوا لـ"مصر العربية" أن امتناع البنوك عن بيع الدولار لجميع الفئات من المستوردين قد يترك أرضًا خصبة لعدودة السوق السوداء للدولار مرة أخرى والتي سينها فيها سعر الجنيه أمام الدولار انهيار تام خاصة بعد "التعويم".
وقال محمد فاروق، الخبير الاقتصادي والمصرفي، وعضو المجلس المصري للشئون الاقتصادية، إن عملية تحرير سعر صرف الجنيه كانت يجب أن يسبقها آليات لعمل توازن بالسوق المصرفية بعد "التعويم"، حتى لا تؤثر على عملية بيع البنوك للدولار للمستوردين ورجال الأعمال.
وأضاف "فاروق" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن الحكومة لديها موارد محدودة من النقد الأجنبي بالرغم من أن 75% من حجم استهلاك المحلي من الخارج، لافتًا إلى أن الحكومة استطاعت أن تجذب إلى جعبتها ما بحوزة المضاربين فقط وليس التجار الكبار دون توجه منها لتوفير العملة للمستوردين.
وتوقع فاروق أن يلجأ المستوردون إلى السوق السوداء بعد تحرير سعر صرف الجنيه، في حالة عدم توفير البنوك لحصيلة دولارية كبيرة وهو ما يعيدنا إلى ارتفاع الدولار مرة أخرى
إلى أن يستجد متغيرات على موارد العملة الأجنبية.
وأوضح أن إي إجراء يتخذه البنك المركزي للحفاظ على سعر الدولار هو إجراء دون فائدة لأن الأزمة متعلقة بالعرض والطلب طالما هناك نقص في المعروض سيظل هناك سوق موازية للسعر الرسمي.
أما نبيل الحكيم، المدير الاقليمي لبنك "جمال ترست" فيؤكد أن البنوك تلجأ إلى الشراء فقط لفترة محدودة "أسبوع مثلا" لكي يكون لديها حصيلة دولارية وتستطيع أن تبيع من خلالها، في حين أن هناك بعض البنوك مثل "الأهلي" تبيع الدولارات حاليا.
وعن إرسال البنك المركزي لمندوبين له لمراقبة عملية البيع والشراء بشركات الصرافة، أكد أنها لطمأنة البنك على مسيرة السوق المصرفي في مصر خلال الفترة المقبلة، مطالبًا المواطنين بعدم التعامل مع السوق السوداء، لافتًا إلى أن البنك المركزي سيطرح عطاء بـ4 مليار جنيه قريبا في خلال أيام لكي يغطي احتياجات السوق .
من جانبه قال أحمد قورة، رئيس البنك الوطني المصري السابق، إنه إذا استمرت البنوك في عدم بيع الدولارات سيلجأ المواطن إلى السوق السوداء مرة أخرى، موضحًا أن الأزمة تتلخص في فتح حسابات بملآيين الدولارات لبعض المستوردين والتي لن تستطيع البنوك تلبيتها ولكن المعاملات البسيطة يمكن تدبيرها ومؤشرات ذلك أن البنوك المصرية فتحت التعامل بـ"الفيزا، الكريدت كارد" من الخارج بعد أن أغلقت في الفترة الأخيرة بسبب ضعف السيولة النقدية من العملة الصعبة ، كما أنه لا توجد أية مشكلات في الحوالات الداخلية ولكن الأزمة قد تتمثل في التحويلات الخارجية.
وأضاف قورة، خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن عملية مراقبة التعامل بالدولار في الصرافات سيستمر فترة حتى ينتهي التعامل بالسوق السوداء، موضحًا أن المندوبين هم ضمان سير العملية المصرفية، مشيرًا إلى أنه قد تتأخر الدفعة الأولى لقرض صندوق النقد الدولي، حتى يتأكد الصندوق أن النظام الجديد الخاص بتحرير سعر صرف الجنيه أكثر استقرارا.
في السياق ذاته، أكد نادي نجيب، سكرتير شعبة الذهب في الغرف التجارية أن تجار الذهب قد يلجأون للسوق السوداء للحصول على الدولار لاستيراد الذهب واستمرار نشاطهم، بسبب صعوبة الحصول عليه من البنك، بعد رفض البنوك تمويل التجار وتحديد الأولوية لاستيراد السلع الغذائية الأساسية.
وأضاف نجيب في تصريح لـ"مصر العربية" أن حركة البيع والشراء في السوق تأثرت كثيرا بسبب الارتباك في سوق الصرف بعد قرار تعويم الجنيه.