قال "دورون بيسكين" الخبير الإسرائيلي في اقتصاديات الشرق الأوسط، إن الأزمة الاقتصادية الخانقة في مصر التي تبعتها قرارات حكومية صعبة بتعويم الجنيه ورفع أسعار الوقود، دفعت أجزاء من المصريين للحنين لفترة الحكم القصيرة و"سيئة الصيت" للرئيس المعزول محمد مرسي. على حد قوله.
ورأى "بيسكين" في مقال بموقع "كالكاليست" الاقتصادي العبري أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يتحمل وحده الفشل الاقتصادي الذريع. صحيح أن "لإرث الاقتصادي الذي حصل عليه لم يكن هينا وكذلك فإن الواقع الذي يعمل به معقد، لكن مع ذلك فإن أداءه هو ورجاله في المجال الاقتصادي خلال العامين الأخيرين فاقم المشاكل، التي تجلت هذه الأيام في نقص السكر وارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات".
إلى نص المقال..
لن تُذكر سنة 2016 على أنها سنة ناجحة خاصة بالنسبة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. فالرجل الذي قورن في بداية طريقه بالقصر الرئاسي في صيف 2014 بعبد الناصر، ورمز إلى الآمال العريضة لملايين المصريين، في مقدمتهم الطبقات الوسطى، يتعذر عليه إخراج البلاد من المستنقع الذي تغوص فيه منذ قرابة الستة أعوام.
في نهاية الأسبوع أعلنت مصر عن سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية بعيدة المدى، التي من جهة تقربها من برنامج المساعدة الخاص بصندوق النقد، لكن من الجهة الأخرى تؤكد اعتراف القيادة المصرية بأن الأزمة شارفت على درجة الغليان.
يمكن أن نعزي للرئيس السيسي الفشل الذريع والمتواصل في المجال الاقتصادي، الأمر الذي يدفع بعض المصريين للحنين لفترة الحكم القصيرة وسيئة الصيت للرئيس المعزول محمد مرسي، القيادي بالإخوان المسلمين.
يقال في حق السيسي إن الإرث الاقتصادي الذي حصل عليه لم يكن هينا وكذلك فإن الواقع الذي يعمل به معقد، لكن مع ذلك فإن أداءه هو ورجاله في المجال الاقتصادي خلال العامين الأخيرين فاقم المشاكل، التي تجلت هذه الأيام في نقص السكر وارتفاع أسعار معظم السلع والخدمات.
تحدث هذه الظواهر هياجًا شعبيًا، يتجلى بعضه تحديدًا في التنفيس على شبكات التواصل الاجتماعي. على سبيل المثال أحدثت مبادرة لـ"يوم غضب" في 11 نوفمبر زخمًا على الإنترنت، للاحتجاج على تدهور الظروف المعيشية في البلاد، لكن حتى اللحظة لا يعرف تحديدًا مدى استجابة الجماهير المصرية للخروج للشوارع. مع ذلك، مشكلة السيسي الآن هي أنّ الأزمة الحالية ملموسة في كل بيت مصري تقريبًا، بما في ذلك في قاعدة تأييده الرئيسية بين الطبقة الوسطى وما أعلى.
انهيار قيمة الجنيه المصري
ساهمت سياسات البنك المركزي المصري على نحو حاسم في أزمة العملة، فبعد السماح بتعويم الجنيه يوم الخميس الماضي، فقدت العملة المحلية 50% من قيمتها. جاء انهيار الاحتياط الأجنبي منذ 2011 من 36 مليار دولار إلى 20 مليار دولار اليوم بشكل أساسي نتيجة الوضع الأمني والسياسي- هروب المستثمرين والسياح، وتراجع تحويلات المصريين في الخارج والانخفاض الحاد في التصدير.
على سبيل المثال، و فقا لمعطيات وزارة الصناعة والتجارة المصرية، وصل حجم تصدير البضائع والمنتجات (باستثناء قطاع البترول والغاز) في عام 2011 إلى 23.3 مليار دولار، لكن هذا الرقم تراجع العام الماضي ليصل إلى 18.7 مليار دولار فقط.
الانهيار في القطاع السياحي لا يقل خطورة. فمثلا في شهر سبتمبر 2016 سجل انخفاض حاد بنسبة 41% في عدد السياح الوافدين إلى مصر مقارنة بسبتمبر 2015. جاء التراجع في جوهره نتيجة لتوقف السياحة الروسية لمصر في أعقاب تحطم الطائرة الروسية نهاية العام الماضي بسيناء.
ما حفز تراجع قيمة العملة خلال العامين الماضيين منذ وصول السيسي للحكم كان أيضا ما ينظر إليه من قبل السوق على أنه عدم كفاءة الحكومة المصرية في التعامل مع المسألة وتحديدا عدم قدرتها على دفع الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. ينطوي هذا الاتفاق الذي يتوقع أن يضخ في الخزينة المصرية قرضا بقيمة 12 مليار دولار، على دلالة أوسع بكثير من هذا المبلغ.
سيكون التوقيع على الاتفاق بمثابة ختم من صندوق النقد بأن الاقتصاد المصري في مسار التعافي، كما يمكن أن يعيد ثقة المستثمرين في السوق المصري. كذلك يتوقع أكثر المتفائلين في مصر بإمكانية تلمس التأثير الإيجابي للخطوات الجديدة على الاقتصاد المصري خلال فترة تتراوح بين عام إلى عامين اعتبارا من اليوم. وهذا هو السؤال الرئيسي، هل سيتحلى ملايين المصريين الذين استيقظوا يوم الجمعة على واقع جديد من التآكل الملحوظ في رواتبهم بالصبر انتظارا للتغيير المنشود.
الخبر من المصدر..