خبراء يجيبون عن: كيف سيتأثر الاقتصاد بعد وصول الفائدة لـ20%؟

البنوك شهدت إقبالا على شهادات الاستثمار الجديدة

لم يكن مشهد الازدحام أمام البنكين الأهلي ومصر، أمس الأحد، غريبا بل إنه من المتوقع أن يزيد هذا الازدحام خلال الأيام القادمة، إذ إن البنكين يطرحان شهادات استثمارية بنسبة فائدة يعتبرها الخبراء من أعلى نسب الفوائد في العالم، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل عن أثر هذه الفائدة على الواقع الاقتصادي المصري هل هو سلبي أم إيجابي؟.

 

وبدأ البنك الأهلي ومصر طرح شهادتي ادخار جديدتين إحداهما بفائدة 16% لأجل 3 سنوات، وأخرى بفائدة 20% لأجل 18 شهرا، وذلك بعد أن أعلنا عنهما في أعقاب قرار البنك المركزي، يوم الخميس الماضي، بتعويم الجنيه وترك سعره يتحدد بناء على العرض والطلب.

 

عوائد شهادات الاستثمار ليست وحدها التي شهدت ارتفاعا ملحوظا هذا الأيام، فالعائد أذون الخزانة لأجل ثلاثة وتسعة أشهر قد قفز يوم الأحد في أول مزاد بعد قيام البنك المركزي بتعويم الجنيه ورفع أسعار الفائدة 300 نقطة أساس.

 

وبلغ متوسط العائد على أذون خزانة لأجل 91 يوما 19.055% من 14.594% في المزاد المماثل السابق، وقفز متوسط العائد على أذون خزانة لأجل 266 يوما إلى 20.367% من 16.545% في المزاد المماثل السابق.

 

"مصر العربية" ترصد أثر ارتفاع الفائدة على شهادات الاستثمار من خلال آراء الخبراء في هذا التقرير:

الدكتور ضياء الناروز، الخبير الاقتصادي ونائب مدير مركز صالح كامل الاقتصادي، قال إن طرح هذه الشهادات بهذه النسبة له تأثير سلبي على الاستثمارات المحلية بشكل خاص، والتي بطبيعتها تعاني تراجعاً شديداً، وذلك في الوقت الذي يحتاج فيه الاقتصاد المصري إلى جذب وضخ استثمارات جديدة.

الأعلى عالميا

وأضاف "الناروز" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن طرح هذه الشهادات بهذا العائد الذي يمكن وصفه بأنه أعلى سعر فائدة في العالم، له أثاراً إيجابية تتمثل في محاولة كبح جماح التضخم الذي يرتفع معدله يوماً بعد يوم، وذلك من خلال تقليل نسبة السيولة في السوق (خفض العرض النقدي)، بسبب تفضيل أصحاب الفوائض المالية استثمارها في هذه الشهادات ذات العائد المرتفع.

وأوضح أنه ما بين استهداف جذب الاستمارات الأجنبية وتشجيع الاستثمارات المحلية، ومحاولة تخفيض معدلات التضخم يختار متخذي القرار أيهما في مصلحة الاقتصاد الوطني، قائلا: "اعتقد أن متخذي القرار لم يكلفوا أنفسهم عناء المقارنة وتفضيل القرار الأنسب في ظل ما يشهده الاقتصاد المصري من تغيرات وتطورات سريعة".

ويتوقع مديرو صناديق الاستثمار أن يكون تغير الاستثمار الأجنبي المباشر البالغ 6.8 مليار دولار بطيئا؛  لأن قرارات الشركة تمر بعملية معقدة، ويعتمد الاقتصاد المصري بشكل كبير على الاستيراد ومن المستبعد أن يشهد طفرة تصديرية في أي وقت قريب.

استثمار آمن

 

الدكتور على عبدالرؤوف الإدريسي، الخبير الاقتصادي، واستاذ الاقتصاد بجامعة ٦ أكتوبر و الأكاديمية العربية للنقل البحري، أكد أن عائد شهادات الاستثمار البالغ 20% يضغط بشكل مباشر على الاستثمار في مصر، لأن هذا العائد كبير وسيكون عليه إقبال شديد لكونه استثمار آمن بدون أية مخاطر.

وأضاف "الإدريسي"، خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية"، أن رفع الفائدة بهذه الصورة جاء لسببين؛ الأول هو زيادة معدل التضخم، والثاني هو محاولة البنوك زيادة الطلب على العملة المحلية، في ظل الطلب الكبير على العملة الصعبة.

وأوضح استاذ الاقتصاد بجامعة ٦ أكتوبر، أن شهادات الاستثمار تأتي في محاولة لسحب النقود من السوق بعد ارتفاع معدلات طبع البنكنوت، لافتا إلى أن رفع العائد جاء بعد قرارات استثمارية تاريخية تضمن مزايا كبيرة للمستثمرين وحافز على ضخ المزيد من الاستثمارات في البلاد.

وعن رفع فائدة شهادات استثمار قناة السويس من 12% إلى 15,5% للأعوام الثلاث المتبقية من فترة الشهادات، قال "الإدريسي" إنه قرار منطقي وجدير بالاحترام، خاصة أن معظم حائزي شهادات قناة السويس كان سيحاولون سحب أموالهم ووضعها في شهادات أخرى.

وأعلنت وزارة المالية المصرية، الأحد، عن رفع الفائدة على شهادات استثمار قناة السويس من 12% إلى 15.5%، حيث قالت الوزارة في بيان إن وزير المالية عمرو الجارحي أوضح أن "الزيادة في سعر عائد الشهادات يأتي للتوافق مع قرار البنك المركزي بزيادة العائد على الودائع".

وأضاف البيان أن ذلك "يعكس رعاية ومساندة الدولة للمواطنين الذين تسابقوا للاستثمار في الشهادات حبا وانتماء لتمويل هذا المشروع القومي لمصر".

 

عبء كبير

 

في المقابل يرى محمد شعراوي، الخبير الاقتصادي ومحلل أسواق المال، أن عدم ضخ المركزي لعطاء دولاري استثنائي هو ما وضع البلاد في هذا المأزق، موضحا أن البنوك الآن تحاول سحب الدولار والجنيه كذلك من السوق مشددا على أن هذه الإجراءات تدفع بالبلاد نحو مشاكل اقتصادية كبيرة.

 

وأضاف "شعراوي" خلال تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" أن الدين العام سيرتفع بشكل كبير بسبب رفع الفائدة بهذا النحو، حيث أن مستوى 20% هو أعلى مستوى فائدة في العالم، متسائلاً عن المشروعات التي ستقوم البنوك باستثمار هذه الأموال فيها.

 

وأوضح خبير أسواق المال أن رفع الفائدة سيكون له تأثير سلبي على البورصة المصرية وخاصة المستثمرين المحليين، مؤكدا أن العائد مغري جدا بالنسبة للمستثمرين، لكنها في المقابل يمثل عبئا كبيرا على الاقتصاد المصري.

مقالات متعلقة