مصر تسابق الزمن للحصول على قرض صندوق النقد .. كان هذا فحوى التقرير الذي أوردته شبكة " بلومبرج" الإخبارية الأمريكية على موقعها الإلكتروني والذي ذكرت فيه أنّ مصر ستطالب المجلس التنفيذي للصندوق بدراسة قرضها البالغ قيمته 12 مليار دولار، في غضون يوم أو يومين، وفقًا لما صرح به وزير المالية عمرو الجارحي.
وقال التقرير إنَّ تصريحات الجارحي تجيء في أعقاب قيام البنك المركزي الخميس الماضي بتحرير سعر صرف الجنيه أمام العملات الأخرى فيما يُعرف بـ"تعويم الجنيه" في مسعى منه لمكافحة السوق السوداء للدولار وتحفيز الاستثمارات وتخفيف أزمة الدولار.
وأضاف التقرير أنّ محاولات القاهرة لإكمال اتفاقية القرض مع صندوق النقد الدولي تجيء في الوقت الذي بدأت فيه البنوك المصرية أمس الأحد تحرير سعر الصرف الأجنبي في التعاملات المصرفية التي تتم بينها وذلك للمرة الأولى.
خفض العملة المحلية كان واحدًا من الشروط الأساسية التي فرضها صندوق النقد الدولي على القاهرة مقابل حصول الأخيرة على قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات. ولم يصادق الصندوق رسميًا حتى الآن على القرض الذي يُنظر إليه على أنه عامل الحسم في إنقاذ الاقتصاد المصري المترنح.
وهبط الجنيه المصري لأدنى مستوياته أمام الدولار بواقع 16.55 جنيه أمام العملة الخضراء، قياسًا بـ 16 جنيها أمام الدولار في تعاملات البنك التجاري الدولي في الـ 3 من نوفمبر الماضي بعد الكشف عن تعويم الجنيه.
وقالت ريهام الدسوقي، كبيرة الخبراء الاقتصاديين في مؤسسة "أرقام كابيتال" ومقرها دبي: "البنك المركزي ليس أمامه سوى أن ينتظر ويرى كيف سيعمل النظام المصرفي من حيث التمويل الذاتي" قبل أن يقرر ما إذا كان سيقوم بضخ سيولة في السوق.
وتحول الاهتمام داخل الأوساط المعنية في مصر إلى صندوق النقد الدولي الذي ربط موافقته النهائية على منح القاهرة القرض بقيام الأخيرة بتحرير سعر الصرف لديها وخفض دعم الطاقة، وهو ما حدث فعلاً الأسبوع الماضي.
وترى مصر الاتفاقية مع صندوق النقد أساسية لتعزيز ثقة المستثمر في اقتصاد يكافح الأمّرين منذ ثورة الـ 25 من يناير 2011 التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك بعد 30 عامًا قضاها في الحكم.
لكن وفي المقابل يرى خبراء اقتصاديون أن الإجراءات الأخيرة من الممكن أن ترفع التضخم في البلد العربي الواقع شمالي إفريقيا، والذي يسجل بالفعل أعلى مستوياته منذ شهور في هذا العقد.
وقفز مؤشر البورصة المصرية الرئيسي " إي جي إكس 30" بنسبة 4.7% في تمام الساعة الـ10:46 صباح اليوم الاثنين بتوقيت القاهرة، ليواصل بذلك ارتفاعه لليوم الثامن، وهو المستوى الأعلى منذ مارس الماضي.
وأعلن البنك المركزي أيضا عن زيادة في أسعار الإقراض الأساسية بمعدل 300 نقطة أساسية بغية تحفيز الاقتصاد المتعثر، في الوقت الذي أصابت فيه أزمة نقص العملة الصعبة نشاط الأعمال بالشلل التام، كما تسببت في نقص حاد في عدد من السلع الأساسية، وزيادة السخط العام في بلد يعاني فيه المواطن والمؤسسات من ضرائب عالية ومعدلات تضخم سريعة.
كانت كريستين لاجارد، مديرة صندوق النقد الدولي قد ذكرت مؤخرًا أن مصر باتت " قريبة جدًا" من تأمين التمويلات اللازمة للحصول على قرض الصندوق البالغ قيمته 12 مليار دولار، مضيفة أنه تأمل في أن يوافق صندوق النقد على طلب القاهرة للحصول على القرض في غضون أسابيع قليلة.
وأوضحت لاجارد أن مصر تحتاج إلى التعامل مع السياسات المتعلقة بسعر الصرف والدعم، ما أثار تكهنات بأن صانعي القرار في البلد الواقع شمالي إفريقيا سيقدمون على خفض سعر العملة المحلية ورفع أسعار الطاقة قبل الحصول على دعم صندوق النقد الدولي.
ومع تراجع احتياطي البلاد من النقد الأجنبي، اضطرت القاهرة إلى تقنين الدولار الذي تدفعه لاستيراد السلع الأساسية مثل القمح والدواء، ودفع هذا أيضًا الشركات إلى اللجوء للسوق السوداء لسد احتياجاتها الملحة من العملة الصعبة.
وانخفض الاحتياطي الأجنبي لمصر من 36 مليار دولار قبل العام 2011 إلى 19.6 مليار دولار في سبتمبر الماضي، برغم حصول القاهرة على مساعدات بعشرات المليارات من الدولارات من الحلفاء الخليجيين- السعودية والإمارات والكويت.
وانخفضت أعداد السائحين الأجانب الوافدين لمصر على نحو دراماتيكي في أعقاب ثورات الربيع العربي، وذلك قبل أن تصل إلى الحضيض مع وقوع حادثة الطائرة الروسية التي انفجرت في أجواء سيناء في الـ 31 من أكتوبر 2015، ما زاد الطين بلة في القطاع الحيوي الذي يعد مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة.
جدير بالذكر أنّ رفع أسعار الوقود هو القرار الثاني من نوعه الذي تتخذه مصر في التاريخ الحديث، بعدما أقدمت في العام 2014 على زيادة أسعار الطاقة بنسبة وصلت إلى 78% لتخفيف عجز الموازنة.
لمطالعة النص الأصلي