مع اقتراب الانتخابات النيابية الكويتية في السادس والعشرين من الشهر الجاري، تطفو من جديد قضية المال السياسي، أو ما يسمى بشراء الأصوات، حتى أن صحيفة "السياسية" الكويتية (خاصة) صدرت قبل أيام بعنوان رئيسي مفاده أن ثمن الصوت بلغ أحيانا 3 آلاف دينار(حوالي 10 آلاف دولار أمريكي)، وذلك رغم تجريم القانون الكويتي لهذا الفعل. والمال السياسي ليس بدعة كويتية، وإنما حالة عالمية، ويتخذ أشكالا عدة، منها تقديم مال أو وظيفة لناخب، أو تجديد ودهان ديوانية (صالة لاستقبال الضيوف)، أو إرسال طلاب للدراسة بالخارج، مقابل منح الناخب صوته لمرشح بعينه أو حجبه عن مرشح محدد؛ لمنع وصوله إلى مجلس الأمة (البرلمان). "بومحمد"، وهو كنية ناخب كويتي رفض نشر اسمه، يقول لوكالة الأناضول إن "شراء الأصوات موجود في كل الدوائر الانتحابية (الخمسة)، وليس في دائرة العاصمة الكويت فقط.. وبعض المرشحين يدفعون أكثر من ألفي دينار (حوالي 6400 دولار) مقابل الصوت الواحد". أما الناخب عبد العزيز كريم، وهو موظف، فيتحدث للأناضول عن "رفض الكثير من المواطنين بيع أصواتهم لأي مرشح"، معتبرا أن "من يبيع صوته بحفنة دنانير يمكن أن يبيع وطنه بأبخس الأثمان". وهو ما تؤكده الناشطة الدكتورة خالدة الخضر بقولها لوكالة الأناضول: "للأسف يوجد بيع وشراء للأصوات، سواء بدفع مال كاش (نقدي) أو هدايا ربما تكون عبارة عن شنط (حقائب) نسائية من ماركات عالمية.. وأحيانا عبر توظيف ناخبين في لجان انتخابية". وتبدي دهشتها من "أناس متعلمين ويعرفون الحلال والحرام، ويبيعون أصواتهم، وليس بسبب الحاجة (الاقتصادية)، فنحن نعيش في بلد خير". عملية شراء وبيع الأصوات يصفها نائب رئيس جمعية المحامين الكويتية، شريان الشريان، بأنها "جناية أخلاقية وقانونية ووطنية تتعلق بالحاضر والمستقبل". ويمضي الشريان قائلا لوكالة الأناضول إن "كل من يبيع أصواتا أو يشتريها هو خائن لوطنه ودينه وقيمه، ولابد من تغليظ العقوبة على المشتري والبائع لتصل إلى (السجن) المؤبد، فلا يكفي أن تكون العقوبة هي الحبس خمس سنوات فقط". بدوره، يوضح رئيس منظمة حريات حقوق الإنسان، الدكتور شبيب الزعبي، أن "من يبيعون أصواتهم لا يفعلون ذلك من أجل ضروريات، وإنما لشراء أمور تافهة.. شراء كماليات وترف معيشي". ويشدد الزعبي، في تصريحات لوكالة الأناضول، على أن "شراء الأصوات وبيعها أمر مجرَّم شرعا وقانونا، ومن يشتري أو يبيع صوته ليس لديه أي وازع ديني، وهو في حقيقة الأمر يبيع إرادته". وبحسب رئيس المنظمة الحقوقية، فإن "هناك تقصير من الجهات التنفيذية في تتبع هذه الجريمة.. ولا دب من حرمان المرشح، الذي يشتري الأصوات، من الترشح، وكذلك حرمان الناخب من الإدلاء بصوته". وخلال انتخابات سابقة، اتهمت السلطات مرشحين بشراء أصوات، لكن القضاء حكم في معظم هذه القضايا بالبراءة؛ لأسباب متنوعة، غلب عليها وجود أخطاء إجرائية في عملية القبض عليهم، رغم أنهم كانوا في حالة تلبس (وهم يرتكبون هذا الجرم). ومن يتورط في شراء الأصوات الانتخابية بالكويت ينص القانون على معاقبته بـ"الحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن ألفي دينار (نحو 6200 دولار) ولا تزيد على خمسة آلاف دينار (حوالي 16 ألف دولار) أو بإحدى بإحدى هاتين العقوبتين". وفي حدث هو العاشر في تاريخ الكويت، قرر أمير البلاد، في السادس عشر من الشهر الماضي، حل مجلس الأمة؛ وهو ما أرجعه مراقبون إلى تقديم عدد من النواب طلبا لاستجواب وزيري المالية والعدل؛ مما فجر أزمة بين المجلس والحكومة. وبحسب وزارة الداخلية الكويتية فإن عدد المرشحين في الدوائر الانتخابية الخمس يبلغ 454 مرشحا، بينهم 15 امرأة، سيتنافسون على مقاعد مجلس الأمة البالغة خمسين مقعدا. -