شتاء نازحي العراق .. الموت بردا

عائلات نازحة من الموصل

مع إطلالات الشتاء الأولى في العراق يتعرض آلاف العائلات العراقية النازحة من الموصل إلى الموت الذي يتركون مناطقهم هربا منه بسبب المعارك الدائرة  من أجل تحرير الموصل من قبضة داعش.   

 

وتتصاعد حركة نزوح العائلات من الموصل مع تزايد حدة المعارك خوفا من القصف المتبادل بين القوات المسؤولة عن تحرير الموصل، وتنظيم داعش الذي يسيطر على المدينة منذ عامين.

 

وتعد مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، ثاني أكبر مدينة في العراق من حيث السكان بعد بغداد. ويبلغ تعداد سكانها حوالي 2 مليون نسمة قبل سيطرة "داعش" عليها. وتبعد عن بغداد مسافة حوالي 465 كلم.

 

صعوبة التنقل

وتحاول عشرات العائلات العراقية الخروج من ساحة القتال في منطقة كوكجلي وأحياء السماح والكرامة وعدن شرقي مدينة الموصل، لكنهم يواجهون صعوبة في التنقل بسبب المعارك والقصف.

 

وتتكرر مأساة الشتاء بالنسبة للنازحين بشكل سنوي خاصة مع عدم وجود حلول جذرية لأزمات النازحين التي تخلفها معارك طرد تنظيم الدولة من المناطق التي يسيطر عليها.

 

ووفقا لدراسة حديثة أعدتها وزارة المهجرين بالعراق فإن المحافظات التي حدث بها نزوح داخل وخارج البلاد هى  دهوك، الموصل، السليمانية، كركوك،  أربيل، ديالى، الأنبار، بغداد،بابل، كربلاء، واسط، صلاح الدين، النجف، القادسية، المثنى، ذي قار، ميسان، البصرة.

 

وتقدر المفوضية العليا لشؤون اللاجئين عدد العراقيين الذين نزحوا جراء المعارك التي تشهدها مناطق مختلفة في البلاد بـ 2.7 مليون شخص، وبين هؤلاء مئات الآلاف من أهالي الأنبار.

 

فيما تذكر تقارير الأمم المتحدة أن أغلبية النازحين (87 %) هم في الأصل من 3محافظات هم الأنبار 42% (1,334,592 فردا) ، ونينوى 32%( 1,011,606 أفراد)، وصلاح الدين 13%( 407,142 فردا).

 

 ويعزى سبب هذه الزيادة إلى الاشتباكات المستمرة بين داعش والقوات الأمنية العراقية في الفلوجة، وحول الأنبار و كركوك  ومؤخراً بمدينة الموصل في نينوى.

 

ارتفاع أعداد النازحين

وأكد رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في العراق، توماس لوثر فايس، أن النزوح في العراق يواصل الارتفاع، وأن النازحين بحاجة إلى دعم شامل بالتعاون مع فريق الأمم المتحدة والشركاء في العمل الإنساني والحكومة المحلية والجهات المانحة.

 

وأضاف في تصريحات صحفية أن النزوح المتواصل والحالي يتطلب اهتماماً فورياً، لافتاً إلى أن التمويل والإمدادات غير كافية لتقديم المساعدة المرجوة للأعداد الهائلة من النازحين العراقيين.

 

اتهامات بالتقصير

ويتهم الكثير من النازحين المنظمات الدولية بالتقصير في الاستجابة لمطالبهم وتحمل مسؤولياتها القانونية تجاه هذه المأساة الإنسانية، فيما أعرب آخرون عن اعتقادهم بأن هذه المنظمات تتصرف معهم ببرودة وتتفرج على مأساتهم من منطلق عنصري وطائفي كون غالبيتهم من المسلمين.

 

 ويسخر النازحون من المزاعم المزيفة التي تتشدق بها المنظمات الدولية والدول الغربية وعلى رأسها أمريكا بالدفاع عن حقوق الإنسان واحترام كرامة الانسان، في وقت تصم فيه هذه الأطراف أسماعها وتغلق أبصارها عن هذه المأساة التي نجمت في الأساس عن احتلال أمريكا للعراق ودعمها للتنظيمات الإرهابية.

 

مأساة متكررة

وأكد أحمد الملاح الباحث السياسي العراقي، أن الشتاء أزمة متكررة يعاني منه الآلاف من النازحين كل عام دون أن توفر السلطات الإمكانيات اللازمة للحد من الصعوبات التي تواجه الفارين من المعارك في المدن التي كان يسيطر عليها داعش على مدار العامين الماضيين.

 

 وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الحكومة ليس لديها رغبة في حماية النازحين الذين هربوا من جرائم داعش والمليشيات، ليواجهو الموت بسبب النزوح وتعرضهم لموجات البرد أو الحرارة في فترة الصيف.

 

بدوره أعلن وزير الهجرة والمهجرين العراقي جاسم محمد أن "أعداد النازحين في مخيمات الوزارة منذ انطلاق عمليات تحرير نينوى بلغت 37184 نازحا"، مضيفا أن الوزارة وزعت مساعدات غذائية وعينية على النازحين لدى وصولهم إلى مراكز الاستقبال.

 

 وفي وقت سابق، قال العضو بجمعية الهلال الأحمر العراقية إياد رافد إن وزارة الهجرة والمنظمات الإنسانية والأجنبية استقبلت خلال الساعات الماضية أكثر من ألفي نازح أغلبهم نساء وأطفال "هربوا من مناطق القتال شرقي الموصل ونقلوا بسيارات إلى مخيم الخازر".

 

تقصير حكومي

فيما قال صفاء الموصل، المحلل السياسي العراقي إن من الواجب الوطني على الحكومة العراقية المسارعة في توفير الأمن الإنساني للنازحين بشكل خاص وللعراقين بشكل عام من خلال تلبية الاحتياجات الأساسية لهم.

 

 وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن على الحكومة أن تعي جيدا أن المواطن هو القيمة العليا للبلاد فالإهمال له يعني التقصير في الواجب الوطني للبلاد على الرغم من أن الحكومة الحالية قصرت كثيرا في واجبها بل وتسببت في الانقسام الحالي.

 

 وأوضح أن تحقيق كل ماسبق للنازحين لن يحدث إلا بعد اكتمال البناء  الديمقراطي لجميع مؤسسات الدولة التي يفوح منها الفساد، مشيرا إلى ضرورة الانتقال من المصالح الشخصية والوعود الانتخابية الفارغة إلى عمل منظم وفق جدول زمني محدد.

 

تحذيرات دولية

 

 وبدورها، أعلنت منظمة الصحة العالمية التابعة للأمم المتحدة أنها شكلت "فرق الاستجابة السريعة"، للتخلص من أخطار الأوبئة، والتعرض للمواد الكيمائية ومخاطر صحية أخرى بين النازحين من الموصل.

 

وحذرت المنظمة في بيان لها من "تعرض مخيمات النازحين لمشاكل وأعطال في المياه والصرف الصحي، في ظل تنامي أعداد الفارين من الموصل، مما يزيد من مخاطر تلوث الأغذية، والأمراض التي تنقلها المياه مثل الكوليرا".

 

وأورد التقرير أن هناك مخاوف أخرى تشمل الأطفال الذين لم يتلقوا تلقيحهم منذ سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة الموصل في يونيو عام 2014.

مقالات متعلقة