"وعود دونالد ترامب تقلب النظام العالمي".. هكذا علقت صحيفة "نيويورك تايمز" اﻷمريكية على فوز الجمهوري المثير للجدل دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، ووعوده التي جاءت عكس الطريق الذي اتبعه أسلافه، وتأثير ذلك على مختلف القضايا في العالم.
وفيما يلي نص التقرير:
الفوز المذهل لدونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة، يقلب النظام الدولي الذي كان سائدًا لعقود، ويثير تساؤلات عميقة حول مكانة أمريكا في العالم.
لأول مرة منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، يختار الأميركيون رئيسًا يَعِد بالسير عكس الطريق الذي اتبعه أسلافه، مع فوزه ينذر بأن أمريكا سوف تكون أكثر تركيزا على شؤونها الخاصة، وتترك العالم يعتني بنفسه.
الثورات الخارجية التي أوصلته إلى السلطة تعكس تحولا أساسيا في السياسة الدولية اتضح بالفعل هذا العام بسبب الكثير من الأحداث مثل استفتاء بريطانيا لترك الاتحاد الأوروبي، ونجاح ترامب قد يؤجج الشعبوية، مع تصريحاته بمنع الهجرة، والقومية، إغلاق الحدود بالفعل واضح جدًا في أوروبا وانتشر في أجزاء أخرى من العالم.
الأسواق العالمية تراجعت بعد الانتخابات، وكثيرون حول العالم سارعوا لمعرفة ما قد يعني فوزه، وبالنسبة للمكسيك، يبدو أنه نذير حقبة جديدة من المواجهة مع جارتها الشمالية.
وبالنسبة لأوروبا وآسيا، يمكن إعادة كتابة قواعد التحالفات الحديثة، والصفقات التجارية، والمساعدات الخارجية، لمنطقة الشرق الأوسط، وصراع جديد مع إيران.
وقال "أوغستين باريوس غوميز" عضو سابق في الكونجرس المكسيكي: "كل الرهانات والتوقعات توقفت".
وقال "كريسبين بلانت" رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب البريطاني: "دخلنا مرحلة الغموض والمجهول".
يربط العديد بين فوز ترامب، وتصويت بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي، وانهيار أوسع للنظام الدولي المعاصر، وكتب جيرار ارو، سفير فرنسا لدى الولايات المتحدة في تغريدة على تويتر:" بعد انفصال بريطانيا وهذه الانتخابات.. كل شيء ممكن .. العالم ينهار أمام أعيننا".
الانتخابات استحوذت على اهتمامات الناس في جميع أنحاء العالم الثلاثاء، حيث تجمع الملايين حول شاشات التلفزيون في مختلف أرجاء المعمورة، وحتى حركة إرهابية في نيجيريا أعربت عن قلقها من أن انتخاب ترامب سوف يؤثر على بلادهم.
وليس من المستغرب أن يدعم الكثير من دول العالم هيلاري كلينتون عن ترامب الذي رفع شعار "أمريكا أولا".
ترامب وعد ببناء جدار على طول الحدود المكسيكية، وبمنع المهاجرين المسلمين من دخول الولايات المتحدة. وتساءل حول التزام واشنطن منذ فترة طويلة بحلف الناتو، ودعا لقطع المساعدات الخارجية، وأشاد بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتعهد بتمزيق الصفقات التجارية الدولية، وهاجم الصين، واقترح أن يقوم الحلفاء الآسيويون بتطوير أسلحة نووية.
وأشارت استطلاعات الرأي إلى أن كلينتون كانت تفضلها الكثير من الدول، باستثناء روسيا. وفي الصيف الماضي، وجد مركز بيو للأبحاث أن الناس في جميع البلدان الـ 15 التي شملتها الدراسة يثقون أن كلينتون سوف تفعل الشيء الصحيح في الشؤون الخارجية أكثر من ترامب بنسب تصل 10 مقابل واحد.
وقال كونيهيكو مياكي، دبلوماسي ياباني سابق:" السؤال الذي يتردد حاليا، هل ستستمر أمريكا في المشاركة بالشؤون الدولية ويكون حليفا يمكن الاعتماد عليها .. وإذا توقف عن ذلك، فإن أوروبا والشرق الأوسط والحلفاء في آسيا سوف يعيدون النظر في كيفية تأمين أنفسهم".
وفي ألمانيا، حيث تتواجد القوات الأمريكية لأكثر من سبعة عقود، فإن احتمال انسحابه يبدو محيرا، وكتب "هنريك مولر" أستاذ الصحافة في الجامعة التقنية في دورتموند، في دير شبيجل: "ستكون هذه هي نهاية الحقبة".
وقال "نوربرت روتجين" رئيس اللجنة البرلمانية الألمانية للسياسة الخارجية وعضو في الحزب الحاكم: انتخاب ترامب قد يؤدي إلى أسوأ قطيعة بين أمريكا وأوروبا منذ حرب فيتنام".
فوز ترامب لم يكن أكثر وضوحا للقلق مما كان عليه في المكسيك، التي اعترضت على وعوده ببناء الجدار ومشروع قانون أمريكا الجنوبية.
ومن المحتمل أن التداعيات الاقتصادية أبعد صدى، فقد توقعت إيزومي كوباياشي، نائبة رئيس مجموعة من رجال الاعمال اليابانية، انخفاض الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة".
عدم الارتياح من فوز ترامب في الخارج وصل إلى أبعد من الشركاء التقليديين، وقال "أبو بكر كاري" أستاذ العلوم السياسية في جامعة أبوجا: معظم النيجيريين يعتقدون أن إدارة ترامب لن تكلف نفسها عناء التدخل مع قضايا خارج الولايات المتحدة".
وقال ماشاريا جايثو:" إذا فاز ترامب سوف يكون هناك مساحة لإعادة تقييم علاقاتنا مع الولايات المتحدة".
روسيا كانت من الأماكن القليلة التي استقبلت فوز ترامب بحماس.
ﻷول مرة منذ الحرب الباردة لعبت روسيا دورا كبيرا في الانتخابات الرئاسية، مع إشادة ترامب بالرئيس بوتين، المحققون الأمريكيون خلصوا إلى أن الروس اخترقوا رسائل البريد الإلكتروني المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وكانت إسرائيل مكانا آخر يتمتع ترامب فيه ببعض الدعم، وذلك أساسًا بسبب تصور أنه سيمنح البلاد المزيد من الحرية في طريقة تعاملها مع الصراع الطويل مع الفلسطينيين، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والقادة والمعلقين الإسرائيليين الآخرين قلقون من ترك أمريكا للأمور في الشرق الأوسط غارقة في الحرب والإرهاب والاضطراب.
وقال يوحنان بلسنر، عضو سابق في البرلمان الإسرائيلي: "لا يمكن تأجيل القرارات .. الوضع في سوريا فوضوي للغاية.. الاضطرابات في المنطقة ما زالت مستمرة .. وعلى أمريكا أن تقرر ما إذا كانت تريد أن تلعب دورًا فاعلاً في تشكيل التطورات في المنطقة أم لا".
حتى بعض البلدان التي قد نتوقع أن نرى بعض فوائد التراجع الأمريكي، مثل الصين تشعر بقلق حول وعد ترامب بسحب القوات الأمريكية مرة أخرى من آسيا.
وقال شين دينجلي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة فودان في شنغهاي:" إذا انسحبت أمريكا سوف تسعى اليابان لامتلاك أسلحة نووية .. كوريا الجنوبية سوف تسير أيضا في نفس الاتجاه، إذا سحب ترامب الصواريخ من سول، وتركها تواجه وحدها التهديدات الكورية الشمالية، وكيف سيكون هذا جيدًا بالنسبة للصين؟
الناخبون الأمريكيون، بعد عقود من القلق حول ما هو جيد بالنسبة لبلدان العالم، قرروا أن الوقت قد حان للقلق حول ما هو جيد لأمريكا، ووعد ترامب بفعل ذلك، حتى لو كان بقية العالم لا ترغب في ذلك.
الرابط اﻷصلي