صدمة مدوية هزت العالم بعد فوز الجمهوري دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة اﻷمريكية، مخالفا كل التوقعات واستطلاعات الرأي، التي كان تصب حتى اللحظات اﻷخيرة في صالح منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
لم يكن أحد يؤمن حتى إغلاق صناديق الاقتراع، بأن قطار الانتخابات، سيحمل رجل اﻷعمال وملياردير العقارات، إلى سدة الحكم ويوصله إلى البيت اﻷبيض.
الغريب في اﻷمر أن الملياردير الشعبوي حصل على 274 صوتا مقابل 218 لمنافسته الديمقراطية، من أصوات المجمع الانتخابي، حيث كان أكثر المتفائلين يتوقع أن يكون ترامب منافسا جديا لكلينتون فحسب.
خلال حملته الانتخابية، وقع ترامب، أول رئيس أمريكي بلا خبرة عسكرية أو سياسية من أي نوع، في العديد من الزلات، وأهان أغلب الجماعات العرقية في البلاد، بجانب اﻷمريكيين البيض، واتهم بالاعتداء الجنسي، على الورق، حتى بدا أنه أسهل خصم يمكن التغلب عليه، ومع ذلك، فاز وأصبح الرئيس.
الفوز المذهل لترامب كان بمثابة تسونامي "قلب النظام العالمي الذي كان سائدًا لعقود، وأثار تساؤلات عميقة حول مكانة أمريكا كما قالت صحيفة "نيويورك تايمز". نيويورك تايمز: فوز ترامب يعيد رسم خريطة العالم
لماذا فاز ترامب؟
لكن اﻷهم كيف فعلها ترامب، وكيف أخطأت استطلاعات الرأي ووسائل الإعلام والتحليلات والمعلقون؟.
الإجابة واضحة ومعروفة، كما يشير موقع "ديبكا" اﻹسرائيلي، حيث قال إنه "رغم أن عنوان القاضي باقتراب ترامب من الفوز كان مكتوبا بحروف كبيرة على الحائط، رفضت كل المؤسسات رؤيته وكرست عقولها وأقلامها وميكروفوناتها لصالح كلينتون".
والسبب وراء ذلك كان بسيطا للغاية، فترامب تحدث وخطب وغرد، ضد كل هذه المؤسسات، التي وقفت ضده بتقديمها دعما غير محدود لكلينتون.
ومن هنا حصلت كلينتون على منظومة ضخمة، وكميات هائلة من الأموال، ودعم كامل من قبل المؤسسات، بينما حصل ترامب على “ثروة” واحدة فقط، هي دعم الناخبين له ورغبتهم في رؤية تغيير في النهج السياسي القائم بالولايات المتحدة، الذين ضاقوا به ذرعا.
ديبكا: هكذا فاز ترامب
مجلة "ذا ويك" البريطانية، رأت من جانبها أن هناك عدة أسباب لخسارة الحزب الديمقراطي، وهي ضعف كلينتون غير العادي والتي بالكاد تمكنت من إبعاد بيرني ساندرز، رغم حصولها على أكبر دعم من النخبة ﻷي مرشح في الانتخابات التمهيدية، إضافة إلى صراعات المرشحة الديمقراطية مع وسائل الإعلام، وجدول أعمالها المعقد، والحذر الاقتصادي، وشخصيتها السياسية العامة، غضافة إلى خطاب ترامب المتعصب.
مجلة بريطانية: 4 أسباب وراء خسارة كلينتون
الصدمة تلحق بأسواق المال
الصدمة التي هزت العالم بفوز ترامب طالت كذلك أسواق النفط والدولار والذهب، وسجلت الأسواق تراجعا كبيرا بشكل تدريجي مع توارد المعلومات من وسائل الإعلام الأمريكية عن نتائج الأمسية الانتخابية الأمريكية الطويلة والاستثنائية.
وانخفضت الأسواق الأمريكية أكثر من 5%، وتراجعت بورصة لندن حوالي 5% في الأسواق الآجلة قبل ساعات من بدء الجلسة، وهبطت أسعار النفط بشكل حاد، خاصة سعر الخام الأمريكي الخفيف، كما ارتفعت أسعار الذهب.
هآرتس: 5 أسباب لانهيار الأسواق بعد فوز ترامب
مخاوف إسلامية
خلال حملته الانتخابية كان لترامب تصريحات مثيرة للجدل جعلت الجميع متخوفا من وصوله إلى سدة الرئاسة، خاصة المسلمون، حيث دعا في ديسمير الماضي لمنعهم من دخول الولايات المتحدة بعد حادث إطلاق النار في ولاية كاليفورنيا.
وبعد فوزه في الانتخابات دبت المخاوف في أوساط المسلمين، خشية أن يقدم ترامب على تنفيذ تصريحاته بعدما أصبح سيد البيت الأبيض، فهل سيعي أن تصريحاته ضد المسلمين كانت فقط لدعم حملته الانتخابية وسوف يدرك أن المسلمين يشكلون عددا كبيرا من سكان الولايات المتحدة؟
أم أنه لن ينسى وعوده الضخمة لأنصاره وبناء جدار على الحدود مع المكسيك، وإلغاء اتفاقات التجارة الدولية التي وقعت عليها الولايات المتحدة الأمريكية؟.
مع فوز ترامب.. العالم اﻹسلامي يخشى الغزو اﻷمريكي
تشاؤم عربي
فوز ترامب بمثابة ضربة موجعة نزلت كالصاعقة على غالبية صناع القرار العربي، خاصة من هم متورطون في حروب سوريا واليمن وليبيا. بحسب مراقبين.
فترامب لم يتوقف منذ بدء حملته الانتخابية عن إطلاق التهديدات والتلويح بمعاقبة الدول العربية وخاصة الخليجية في حال عدم تطبيق تلك الدول لما تمليه أمريكا من قرارات تخدم سياستها في المنطقة.
المرشح الجمهوري تحدث عن علاقة وطيدة مع روسيا، وأيضا عن تدخله عسكريا بشكل أكبر في العراق وسوريا وليبيا، وإصراره على معاقبة السعودية ماليا على أحداث 11 من سبتمبر، بموجب قانون جاستا الأمريكي، وأيضًا تنبؤه بزوال السعودية في حال تخلي أمريكا عن دعمها.
فالنظرة التشاؤمية بعد فوز ترامب لم تقتصر فقط على الدول العربية واللاجئين السوريين، الذين وصفهم من قبل بأنهم جيش من الإرهابيين، بل تتعداها لغيرها من الملفات مع إيران وتركيا والأكراد.
ترامب رئيسا لأمريكا.. العرب في ورطة
مصر تترقب
"تسفي برئيل" محلل الشئون العربية بصحيفة "هآرتس" الإسرائيلية قال إن الرئيس عبد الفتاح السيسي يأمل في ضخ "روح جديدة في العلاقات بين مصر والولايات المتحدة" بعد فوز المرشح الجمهوري.
وأكد أن الأمور بالنسبة لمصر لا تقتصر على الشعور بالرضا حيال خسارة هيلاري كلينتون، التي كانت ستسير على درب أوباما، بل أيضا القلق إزاء السياسة الخارجية لترامب، تلك السياسة الغامضة، التي تبث تقوقع أمريكا داخل نفسها والانسحاب من العالم، تحت شعار "أمريكا أولا".
هآرتس: بعد فوز ترامب.. الشرق الأوسط إلى أين؟
لكن في ظل غموض السياسة الخارجية لترامب، من المبكر معرفة ما ستؤول إليه اﻷمور، حيث يؤكد المستشار النمساوي كريستيان كيرن، أن المؤشرات تدل على أن كثير من تصريحات الرئيس الجديد خلال حملته الانتخابية لن تحدث مثلما قال أو ستحدث بشكل محدود فقط.