لم يجد اليمنيون أمامهم سوى الإضرابات التي عطّلت معظم الوزارات والمؤسسات الحكومية في العاصمة اليمنية صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والعاصمة المؤقتة عدن (جنوب البلاد) مقر الحكومة، بسبب عدم صرف الرواتب للشهر الثالث على التوالي، على خلفية نقص السيولة النقدية والتراجع الحاد للإيرادات العامة.
وقابلت جماعة الحوثيين المسلحة الإضرابات بالحلول الأمنية في مواجهة احتجاجات الموظفين، بينما تواجه الحكومة الاحتجاجات بالوعود.
واعتقل مسلحون تابعون لجماعة الحوثي عددا من المحتجين من موظفي المؤسسة العامة للاتصالات في صنعاء، واعتدوا بالضرب على محتجين يطالبون بمستحقاتهم في مؤسسات حكومية أخرى في أغلب المدن الخاضعة لسيطرة الجماعة.
ومع تفاقم الأزمة وازدياد معاناة اليمنيين في ظل مشهد بات معقدا وعقده أكثر انقطاع الرواتب منذُ قرابة الـثلاثة أشهر واستمرار الصراع المسلح وسط ركود في العملية السياسية التي يتلاعب فيها أطراف النزاع بمصير أبناء هذا البلد.
رصدت عدسة "مصر العربية " جانب من المعاناة التي يعيشها اليمنيون حيث أن أغلب المواطنين استنفدوا كافة مخزونهم الغذائي والمادي تلاه مؤخرًا بيع الاثاث المنزلي من أجل لقمة العيش وإعالة عائلاتهم. يقول" عبدالله ناصر الشلالي" إنه جاء إلى سوق الحراج لبيع أثاث منزله بسبب الوضع الاقتصادي والمعيشي الصعب الذي يمر به أغلب اليمنين.
وتابع أنه لم يعد قادرا على توفير لقمة العيش والاحتياجات الضرورية اليومية من الماء، والخبز، والمسكن، مكملا:" لم نعد قادرين على توفير هذه المتطلبات فاضطرت إلى بيع كافة أثاث منزلي من غرفة نوم واسطوانات الغاز وكل ما أملكه تم بيعه”.
وأضاف"الشلالي في حديث خاص لـ " مصر العربية " أنَّ الأسباب الذي جعلته يبيع أثاث منزله الحرب المتصاعدة منذُ عامين وأزمة انقطاع الرواتب والقتال المستمر في الداخل اليمني فضلاً عن انعدام فرص العمل بالتالي في حال استمرت الحرب ستكون هناك مجاعة ووضع كارثي بكل المقاييس. وتقول المنظمات الدولية والمحلية العاملة في مجال حقوق الإنسان إنَّ هناك أكثر من 22 مليون يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية طارئة ويفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة اليومية.
يقول عبد الرزاق الجبرتي :" جئت لبيع غرفة نوم أسرتي بسبب انقطاع الرواتب والوضع المعيشي الصعب الذي تسببت فيه الحرب ما جعل المواطن يتضرر بشكل كبير واظطر إلى بيع أثاث المنزل من أجل أن يحصل على لقمة العيش”.
واستطرد أنَّ المواطن أصبح في وضع سيء للغاية وفي حالة معيشية يرثى لها، فأغلب الناس لم يصبحوا قادرين على توفير كيلو من الدقيق أو شراء قطع الخبر.
"أدى تأخر الرواتب إلى تفاقم معاناتنا نحن أصحاب الدخل المحدود، وحدوث مشاكل يومية مع المؤجرين ومحال المواد الغذائية" بهذا عبر" عبدالله يوسف رداعي " أحد العمال في السوق عن معاناته.
وأوضح أن هناك شريحة كبيرة من المواطنين بدأوا ببيع أثاث منازلهم نتيجةً للفقر الحاصل الذي خلفته الحرب المتصاعدة وقطع الرواتب على الموظفين.
وذكر رداعي أن هناك أسرا لم تسطع العيش في المدنية فلجأت إلى بيع الأثاث والعودة إلى الريف موطنهم الأصلي بسبب الوضع الاقتصادي المتفاقم.
ويعاني اليمن أزمة خانقة في السيولة المصرفية منذ ثلاثة أشهر، أدت إلى تفاقم معاناة الناس وصعوبة في توفير رواتب الموظفين
وقال الرئيس عبدربه منصور هادي، في كلمة اليمن التي ألقاها في أعمال الدورة 71 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك نهاية سبتمبر الماضي، إن قرار نقل البنك المركزي من صنعاء يأتي بهدف إنهاء الحرب من خلال تقييد تدفق الأموال إلى المليشيات.
وأضاف هادي أن الاقتصاد اليمني أوشك على الانهيار، نتيجة قيام المليشيات الانقلابية بصرف البنك المركزي اليمني عن مهمته وتحويله إلى واحدة من وسائل الحرب على الشعب اليمني عبر تمويل الحرب والنهب المنظم لمقدرات البنك وإنهاء استقلاليته وانهيار العملة المحلية وتصفير الاحتياطي النقدي عبر سياسات اقتصادية غير مسؤولة.