بالمحاصصة .. الصومال يرقع الحياة السياسية

انتخابات الصومال

بعد عقود من الزمن وأنهار من الدم أخذت الصومال تشق طريقها إلى الوجود مرة أخرى من خلال اختيار أعضاء المؤسسة التشريعية التي بدأت انتخاباتها  بشكل غير مباشر وهي الأولى من نوعها في البلاد، إلا أن الاختيار مبني على المحاصصة القبلية الأمر الذي اعتبر نهجا خاطئا سيزيد من آلام الصومال، بحسب مراقبين.

 

وعلى الرغم من أن الصوماليين راهنوا على الانتخابات البرلمانية وتطلعوا إلى طي صفحات الخراب والصراعات القبلية، والعودة إلى الاستقرار واستعادة الدولة هيبتها، إلا أن القبلية تسيطر على الانتخابات ما يهدد مستقبل المؤسسة التشريعية في البلاد.

 

 المحاصصة القبلية

ويعني نموذج الانتخابات غير المباشرة المحاصصة القبلية (أربعة ونصف) التي تحصل بموجبها القبائل الأربع الكبرى على حصص متساوية في البرلمان، وتحصل القبيلة الخامسة على نصف حصة.

 

وبدأت انتخابات مجلسي الشعب (275 نائبا) والشيوخ (54 عضوا) في 23 أكتوبر الماضي وتستمر حتى اليوم10 نوفمبر 2016، على أن ينتخب النواب رئيس الجمهورية في اقتراع سري في 30 نوفمبر الجاري.

 

وتستمر عملية التصويت في الانتخابات البرلمانية في جنوب غرب الصومال، ويتنافس فيها أكثر من 200 مرشح على 69 مقعدا.

 

ويشارك في عملية التصويت لاختيار نواب جنوب غرب الصومال 3519 شخصا يمثلون قبائل وعشائر المنطقة في انتخابات غير مباشرة هي الأولى من نوعها في البلاد.

 

4 انتخابات

 

 وبعد الإطاحة بالحكم المركزي عام 1991، ودخول البلاد مرحلة الفوضى التي أتت على الأخضر واليابس، خاض الصومال 4 انتخابات رئاسية وبرلمانية، 3 منها عقدت خارج البلاد في كينيا وجيبوتي، بينما الأخيرة التي انتخب فيها الرئيس الحالي الذي انتهت ولايته في العاشر من سبتمبر الماضي) كانت داخل الدولة.

 

 بدورها قالت أسماء الحسيني الباحثة المتخصصة في الشؤون الإفريقية إن الصومال أمامه فرصة كبيرة لتحقيق ذاته من خلال انتخابات رئاسية وتشريعية يراها الشعب الصومالي أنها أمل يلوح في أفق بلد دمرته الحروب الأهلية.

 

وأضافت في تصريحات لـ"مصر العربية" أن الصومال عاش أكثر من 20 عاما منذ ضياع دولته المركزية بسبب الحروب الأهلية وتدخلات القوى الدولية والإقليمية والتي تسببت في وصوله إلى الهاوية ليصبح عنوانا للجوع والفقر .

 

وأوضحت أن الصومال الآن يواجه الكثير من التحديات التي قد تكون عائقا لفرصة حقيقية يحدد من خلالها مصيره، أهم تلك التحديات المحاصصة القبلية المرتبطة بالوضع الأمني المذري، في ظل وضع اقتصادي متندٍ، وعدم وفاء المجتمع الدولي بالمساعدات التي فرضها على نفسه للصومال، فضلاً عن غياب الدعم العربي.

 

وأكدت أن المحاصصة الانتخابية  لن تفرز منتجا انتخابيا قادرا على التغيير للأفضل، وذلك لأن المحاصصة ستكون هى الهدف بين الفرقاء السياسيين وليس البحث عن مستقبل أفضل.

 

نهج خاطئ

 

فيما قال الدكتور باسم رزق  الباحث بمعهد بحوث الدراسات الإفريقية بجامعة القاهرة، إن الدولة الصومالية تحاول معالجة الانقسام وغياب المؤسسات عن طريق نهج خاطئ لن يضيف للحياة السياسية التي لم تخرج صورتها إلى النور حتى الآن.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن نظام المحاصصة وتقسيم السلطة في مجتمع مؤهل وقائم بالفعل فيه الانقسام، لن يضيف شيء إلا زيادة في الانقسام الاجتماعي، مؤكداً أنها تجربة ستزيد من آلام الصومال .

 

ولفت إلى أن نظام المحاصصة قد ينفع في بلاد مستقرة لكن الوضع في الصومال كما يعلم الجميع غير مستقر منذ ما يقرب من سنوات طويلة، سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية وهذه أخطرهم لأن الصومال يعتبر شبه دولة بسبب اقتصاده الضعيف.  

 

 تحديات

 

بيد أن ثمة تحديات قد تبقى عالقة أمام اكتمال مؤسسات الدولة على رأسها المحاصصة القبلية، فضلا عن الجانب الاقتصادي الهزيل، على الرغم من أن الصومال حافظت على اقتصاد صحي غير رسمي يقوم على أساس الثورة الحيوانية والتجارة وخدمات النقل والموصلات والاتصالات والخدمات المالية وشركات الطيران والتعليم والصحة والبناء والفنادق.

 

ورغم شح الإحصاءات الرسمية إلا أن المتوفر منها بحسب تقارير إعلامية يشير إلى أن الاقتصاد الصومالي شهد على مدى سنوات معدلات نموا بلغت في المتوسط 2.6%، وقدر الناتج المحلي الإجمالي عام 1994 ثلاثة مليارات وثلاث مليون دولار أمريكي، حتى وصل عام 2010 إلى مايقارب 6 مليار دولار، وارتفعت قيمة العملة الصومالية " الشلن"، حيث تراجع سعر الدولار من نحو 32 ألف شلن صومالي عام2011، إلى 1016 "شلن" عام 2012 .

 

واستمر الاقتصاد بسلبياته وإيجابياته خاصة بعد عام 2012، رغم الوضع الأمني غير المستقر، لكنه أعطى مؤشرات مبشرة خاصة مع نجاح الحكومة في عدد من الملفات أهمها تشكيل الولايات الفيدرالية، ولجنة ترسيم الحدود، ومن قبلهما لجنة الدستور، وتكوين المفوضية القومية للانتخابات.

 

ويشهد الصومال اجتماعات أمنية مكثفة بين القيادات الأمنية في البلاد، وقوات حفظ السلام الأفريقية "أميصوم"، لضمان أمن وسلامة الانتخابات.  

 

لكن "حركة الشباب" فرع تنظيم القاعدة بالصومال كثفت من هجماتها خلال أغسطس الماضي (قبل شهرين من موعد الانتخابات)، عندما نفذت 4 هجمات، كان آخرها استهداف فندق قرب القصر الرئاسي، والذي راح ضحيته أكثر من 15 شخصا، في رسالة واضحة موجهة للحكومة الصومالية، بحسب مراقبين سياسيين.

 

ورغم التحديّات الماثلة أمام الحكومة تجاه تلك الانتخابات، إلاّ أن الرئيس الصومالي أعلن في أكثر من مناسبة، عزم بلاده استكمال الانتخابات.

مقالات متعلقة