القصة الكاملة.. 11/11 الدعوة الفنكوش

تشديدات أمنية تحسبا لـ11/11

"في أحد أتوبيسات النقل العام تجلس مسنة ترتسم على وجهها ملامح الاستغراب والدهشة تسأل جارتها بالكرسي "البلد مالها مليانة عساكر ليه"، لتجبها "عشان 11/11، هذا المشهد تكرر ولكن هذه المرة في أحد أسواق الخضروات بمنطقة الهرم حيث تتبادل مجموعة من السيدات الشكوى من الغلاء ليبادرهم البائع قائلا" ربنا بس يعدي 11/11 على خير والبلد ما تولعشي زي الأسعار"، مذيع شهير يحذر الجميع قائلا" الجمعة 11/11 يوم صعب ومش حيكون هزار".

3 مشاهد مختلفة بالشارع المصري لا يجمعهم سوى حالة الترقب لهذا اليوم، الذي كثر الحديث عنه عقب تحرير سعر الصرف ورفع أسعار الوقود، الأمر الذي ألقى بظلاله على العديد من السلع الأساسية .

البداية  

من خلال إحدى صفحات التواصل الاجتماعي المجهولة، خرجت دعوة للتظاهر الجمعة 11/11 ضد النظام المصري الحالي، تحت ما أسموه “ ثورة الغلابة”، وبدت هذه الدعوة منذ اطلاقها قبل شهور قليلة كـ" المولود اللقيط" فلم يتبناها أحد، بل زاد الأمر بتنصل الجميع منها سواء القوى السياسية المعارضة للنظام أو المؤيدة.

 

مماثلة لـ 28 نوفمبر

 

شبهها البعض بدعوات التظاهر في 28 نوفمبر قبل عامين، التي أطلقتها الجبهة السلفية ، فيما أسمته حينها " مليونية صلاة الفجر يوم الجمعة، والتي تسببت في حالة ترقب شديده حينها، إلا أنه قبل ساعات من الموعد تراجع الداعون.

 

التعويم يُنعشها

خفت الحديث عن 11/11 عقب المؤتمر الوطني للشباب الذي عُقد مؤخرا بمدينة شرم الشيخ تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، إلا أن الاجراءات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة المصرية من " تعويم الجنيه" ورفع أسعار الوقودـ، الخميس الماضي، أعادت الحياة مرة أخرى لهذه الدعوة، خاصة بعد الغلاء الذي أصاب غالبية السلع الاساسية.

وقرر البنك المركزي المصري الخميس الماضي تحرير سعر صرف الجنيه، حيث سيحدد سعر العملة وفقا لآليات العرض والطلب، وهو ما يعرف أيضا بتعويم العملة، وفي مساء نفس اليوم قرر رفع أسعار المواد البترولية.

 

وفي هذا الشأن قال المهندس ياسر قورة، نائب رئيس حزب الوفد، لـ" مصر العربية"، ليس منطقيا إقدام الحكومة على مثل هذه القرارات، التي من شأنها إثارة غضب المواطنين، قبل دعوات جماعة الإخوان للتظاهر في 11/11 المقبل، مشيراً إلى أن زيادة أسعار الوقود والتعويم حاليا، أحيا هذه الدعوات بعد أن كانت شبه منتهية.

 

 

التوك شو يهاجم

 

على مدار الأسابيع الماضية تحول الحديث عن 11/11 إلى أحد الركائز الأساسية لغالبية برامج" التوك شو" بالفضائيات المصرية، تحمل جميعها نبرة التحذير منها، فهذا أحمد موسى يؤكد " وقوف جهات أجنبية وخونة خلفها؛ لتركيع مصر وتدميرها"، أما عمرو أديب فحذر منها قائلا" من الوارد أن تتحول مصر إلى "دولة مستباحة مثل سوريا".  

فيما علق الإعلامي وائل الإبراشي، على الدعوات المطالبة بالنزول إلى الشوارع للتظاهر يوم الجمعة المقبل، تحت شعار "ثورة الغلابة"، مؤكداً أنه "يومًا وهميًا".

 

 

 

الإخوان متهمة  

ولكن بقي التساؤل عن هوية الداعين لها، وأُشيرت أصابع الاتهام للعديد من الجهات، فالمتهم الأول جماعة الاخوان، والتي بدورها تنصلت منها وحدث انقسام بها ما بين مؤيد لها ومعارض، في الوقت الذي تُوجه بعض الاتهامات للأجهزة الأمنية بالتسبب فيها، ووسط كل هذا تنصل الجميع منها ورفضها.

 

اتهمت القوى السياسية المؤيدة للنظام الحالي جماعة الاخوان بالوقوف خلف هذه الدعوة، فالدكتور صفوت النحاس، نائب رئيس حزب الحركة الوطنية السابق، اتهم جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف خلف هذه الدعوات، مشيرا إلى أن غرضهم إشاعة الفوضى وهدم الاستقرار الذي تعيشه مصر في الفترة الأخيرة وآخر مظاهرها كان مؤتمر الشباب. وأكد في تصريحات لـ" مصر العربية" على أن الإخوان هم المحرك الأساسي لهذه الدعوات ويحاولون إلصاقها بأجهزة الدولة، مشيرا إلى أنها ستمر في هدوء ولن يحدث شىء، رغم وجود غضب بالشارع المصري نتيجة للإجراءات الاقتصادية الصعبة، ولكنه لن يصل لمرحلة التظاهر ضد الدولة.

وفي نفس السياق يؤكد السفير محمد العرابي، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، أنه لا خوف من دعوات التظاهر في 11/11التي تدعمها جماعة الإخوان؛ لأن الشعب المصري يدرك أن هدفها التخريب وهدم استقرار الدولة المصرية؛ لذلك لن يلتفت لها من الأساس.

 

الإخوان منقسمة  

وقبل ساعات من جمعة 11/11،أكدت جماعة الاخوان عدم علمها شىء عن الدعوة، إلا أن هناك انقساماً حل بها فيما يتعلق بالمشاركة، حيث قال إبراهيم منير، نائب مرشد جماعة الإخوان، في إحدى القنوات التابعة لهم، إنه ليس لديه أى علم بيوم 11 نوفمبر.

 

ولكن في الوقت ذاته صدر بيان من الجماعة على لسان متحدثه الرسمي ، يزعم أن 11/11 هو يوم التظاهر، وأشار أن موسسات مصر قلقة من هذا اليوم.

 

الدولة متهمة  

فريق آخر يرى أن أجهزة الدولة هي التي تقف خلف هذه الدعوات؛ للتأكيد على شعبية الرئيس السيسي في حالة عدم نزول أحد، واتخذتها ذريعة لاجراءات استثنائية حال وجود تظاهرات في الشارع.

 

فيقول حازم عبد العظيم، رئيس لجنة الشباب بالحملة الانتخابية للرئيس عبد الفتاح السيسي، إن 11/11 لعبة من الأجهزة لإنقاذ شعبية الرئيس التي انهارت بشكل كبير، موضحا أنها تعتمد على تسخين الأمور من خلال الفضائيات وأكونتات وهمية يتم إلصاقها بجماعة الإخوان، ثم يمر اليوم في هدوء، ويتم الدفع بمؤيدي الرئيس للشوارع.

 

ويضيف عبدالعظيم، لـ" مصر العربية"، أن أجهزة الدولة هى التي خلفت 11/11، وليس للإخوان علاقة بالأمر، كما أن تصدير نغمة أن هناك بعض رجال الأعمال وأجهزة الدولة العميقة يحاربون الرئيس، كلام وهمي، فالسيسي يُحكم قبضته على البلد وجميع الأجهزة تعمل لصالحه.  

الدولة لا تحتاج مبررات

 

في تصريحات صحفية نفى اللواء طارق عطية مساعد وزير الداخلية المصري لقطاع الإعلام، أن يكون للدولة أي دور في صناعة وهم 11-11 كما يقول البعض.

وأضاف: "سنتعامل بكل حزم مع أي محاولة لزعزعة استقرار البلاد، ويوم 11 نوفمبر سيمر بأمان على مصر والمصريين".  

معسكر حمدين يتبرأ  

ولم تستثني الاتهامات الجبهة المعارضة للنظام الحالي ومتواجدة بمصر متمثلة في تحالف التيار الديمقراطي، الذي يعد أحد قياداته المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية الأخيرة حمدين صباحي، وهو ما تبرأ منه في بيان رسمي، والذي جاء به على لسان القيادي بالتحالف مدحت الزاهد" ليس لنا علاقة بالتظاهرات المعارضة لـلرئيس عبدالفتاح السيسي 11 نوفمبر المقبل، نافيا دعوتهم لمليونية “إسقاط السيسي”".  

 

النور يحذر حذر حزب النور من دعوات 11/11، حيث قال في بيان له،"ربما تقود البلاد إلى مخاطر الفوضى"، مؤكدا عدم مشاركته في تلك التظاهرات.  

وأضاف النور، " يستحيل المحافظة على سلمية تلك المظاهرات في جو يتسم بالانقسام بين طبقات المجتمع وقواه السياسية، وفي ظل هذا الخطاب التحريضي مما قد يترتب على ذلك من سفك للدماء، وانتهاك للحرمات، والصدام بين أبناء الشعب الواحد"، مشيرا إلى أنها تؤدي لمزيد من الفساد والظلم لا لمعالجته.

 

استعداد أمني

 

رغم عدم خروج الدعوة من الفضاء الالكتروني، إلا أن الأجهزة الأمنيةاتخذت اجراءات استباقية لإجهاضها من خلال تحذير المواطنين من الاستجابة للنزول إلى الميادين والتعرض للممتلكات والمنشآت العامة.

 

كما ألقت قوات الأمن القبض على عدد من الأفراد، واتهمتهم التحقيقات بـ"التحريض ضد النظام، والدعوة لقلب نظام الحكم، واستغلال ارتفاع أسعار بعض السلع لتأجيج مشاعر المواطنين لتحريضهم على التظاهر".

 

اضافة للانتشار المكثف لقوات اأمن في شوار وميادين القاهرة منذ الساعات الأولى من صباح اليوم الخميس، قبل 24 ساعة من موعد الدعوة.

 

 

في موعدها

 

صدر بيان عن إحدى صفحات الفيس بوك المسماه " حركة غلابة" تؤكد تراجعها عن النزول غداً الجمعة 11/11 فيما أطلقت عليه " ثورة الغلابة"، عقب اعلان نتائج الانتخابات الأمريكية بفوز دونالد ترامب، ولم تمضي سوى ساعات قليلة وخرج بيان من صفحة تحمل نفس الأسم تتهم أجهزة الأمن بالوقوف خلف البيان السابق وتؤكد تنيظمها لتظاهرات 11/11 في موعدها.

مقالات متعلقة