بالفيديو| النوبيون والرئاسة.. من يحسم صراع الأرض؟

أهالي النوبة يتظاهرون ومشروع المليون ونصف المليون فدان

قضية أبناء النوبة، استمرت لأكثر من قرن وتوارثتها الأجيال، بدأت عند تهجيرهم من منطقة الشرق بأسوان مع التفكير في بناء خزان أسوان عام 1898، ثم حدثت تعليات للخزان في أعوام 1902 و1912 و 1933 ما أدى إلى تفتيت عدد آخر دون وجود أي تعويضات مناسبة لهم، ليتم تهجيرهم نهائيًا ويصبح 350 كيلومترًا بمحيط بحيرة ناصر خاليًا من النوبيين عام 1964 عند بناء السد العالي.

 

انتقل النوبيون إلى مركز كوم أمبو وتم تسكينهم في منطقة مساحتها 50 كيلو مترًا، وهي مساحة صغيرة مقارنة بموطنهم الأصلي، ليبدأ بذلك اعتراضهم وتنظيمهم لوقفات واعتصامات للمطالبة بحقهم في العودة إلى محيط البحيرة، ولكنها في أول الأمر لم تظهر  على فترات متوالية نظرًا للحروب والأزمات التي مرت بها البلاد خلال فترة التهجير.

 

ولم تكتفِ الحكومة بتهجيرهم، حتى أعلنت الأسبوع الماضي أنَّ أراضي توشكى ضمن المشروع القومي للمليون ونصف المليون فدان، ما اضطر الأهالي إلى تنظيم تظاهرة، السبت الماضي، أمام مقر ديوان عام محافظة أسوان؛ احتجاجًا على بيع أراضي توشكى لرجال أعمال مصريين ومستثمرين أجانب بمشروع المليون ونصف المليون فدان، فيما تصدت عناصر من الشرطة للأهالي.

 

وقفات واعتصامات

قال منير بشير رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية النوبية للمحامين إنَّ النوبيين بدأوا في المطالبة بحقوقهم منذ الثلاثينيات بالتوجه إلى مجلس النواب والنزول إلى الشارع في احتجاجات.

 

وأضاف - لـ"مصر العربية": "جاءت ثورة 25 يناير ليزداد الحراك النوبي في الشارع المصري بخروج ائتلافات وكيانات شبابية، حيث نظم شباب النوبيين اعتصامًا في أسوان استمر لمدة 9 أيام، للمطالبة بانشاء هيئة عليا تعمل على إعادة توطين النوبيين على ضفاف بحيرة ناصر".

 

 

تكرار المآساة بمشروع المليو ونصف فدان

أعلنت شركة الريف المصري المسؤولة عن مشروع المليون ونصف المليون فدان، طرح أراضي المشروع بعدة مناطق كان من ضمنها توشكى، مما أثار غضب النوبيين لعدم وجود بند واضح في كراسة الشروط يؤكد أحقية أهالي النوبة لتلك الأراضي.

 

ودعا الناشط النوبي بشير منير، رئيس الجمعية المصرية النوبية للمحامين، أبناء النوبة بعدم الفرحة والانخداع بتصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي، حول منح الأولوية لأهالي النوبة في تملك أراضي توشكى بمشروع المليون ونصف المليون فدان، واصفًا إياها بـ الفخ.

 

وأوضح في تصريحاتٍ لـ "مصر العربية" أنَّ حقوقهم ليست الأولوية في شراء أرض بمشروع توشكى ولكنها قرى نوبية بأراضيها ومنازلها وخدماتها على ضفاف بحيرة ناصر، قائلاً: "حقوقنا مازالت معلقة بأعناق الحكومة، فمشروع توشكى ليس حلمنا ولا يُفعل الدستور".

 

 وتساءل بشير: "كيف يكون لي الأولوية في شراء أرض وأنا صاحب ومالك لأرضٍ أخرى، فهل اشتري ملكي بكراسات شروطهم؟.

 

 

ووصف الناشط النوبي حمدي سليمان تصريحات الرئيس بـ"الفُتات والفرقعة الإعلامية"، قائلاً: "إعطاء الأولوية لنا في شراء الأراضي ما هي إلا فتات لتخدير النوبيين وإخماد الأصوات العالية وغضب الشباب الذي يبحث عن حقه كاملاً". وأوضح أنَّ مطلبهم هو قرار جمهوري بحق العودة وتملك أراضي نوبية، بدون مزايدات أو تجارة، مثلما كان القرار بالتهجير.

 

 

 

 

وقالت قوى سياسية نوبية - في مؤتمر حق العودة - إنَّ الأراضي المطروحة للبيع للأجانب هي ملك لأهالي النوبة ويحق لهم العودة بعد تهجيرهم منها خلال فترة بناء السد العالي.

 

 

وأكد هاني يوسف رئيس الاتحاد النوبي الأسبق أنَّ شباب القوى السياسية النوبية وعددًا من الأهالي قرروا التظاهر أمام مبنى المحافظة وجمع التوقيعات رفضًا لقرار الحكومة والذي يقتضي طرح توشكى للبيع لمستثمرين أجانب.

 

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد عقد اجتماعًا، السبت، ضم  وزراء الإسكان، والزراعة، والري، إضافة إلى رؤساء هيئة قناة السويس، وهيئة الرقابة الإدارية، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة، فضلاً عن مستشار رئاسة الجمهورية للتخطيط العمرانى، ورئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية، ومدير عام جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، ورئيس شركة الريف المصري.  

 

وقال السفير علاء يوسف الناطق باسم رئاسة الجمهورية إنَّ الاجتماع تناول الموقف التنفيذي لمشروع المليون ونصف المليون فدان، حيث استعرض رئيس شركة الريف المصري عاطر حنورة، تطورات عملية حفر الآبار وتجهيز الأراضي وفتح باب الحجز وسحب كراسات الشروط، مشيرًا إلى تخصيص مساحات مناسبة من الأراضي للشباب.

 

من جانبه، وجه الرئيس بمنح الأولوية لأهالي النوبة في تملك الأراضي التي تُطرح في إطار المشروع بمنطقة توشكى، وكذلك أهالي مطروح في الأراضي التي تطرح بمنطقة المغرة، ولأهالي سيناء بالأراضي التي تطرح في شمال وجنوب سيناء.

 

وطالب الرئيس القوات المسلحة والشرطة بإزالة التعديات على أراضي الدولة الواقعة على مخرات السيول وإخلاؤها فورًا، مع مراجعة الإنشاءات التي تم تنفيذها في مخرات السيول والمصارف بشكل متكامل.

 

ووصف فريد واصل، نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين، قرار الرئيس بمنح أراضي توشكى لأهل النوبة بـ"الصائب"، لافتًا إلى أنَّ الأراضي من حق الأهالي بمشروع المليون ونصف المليون فدان.

 

وأضاف لـ"مصر العربية" أنَّ كراسة شروط المليون ونصف المليون فدان لا تحتوي على هذا البند الخاص بتخصيص الأراضي لأهل المنطقة، مطالبًا بتغيير بنود كراسة الشروط ووضع الشرط الخاص بأولوية الأهالي للأراضي ضمن كراسة الشروط.

 

وقال الدكتور عبد الغني الجندي استشاري بمشروع المليون ونصف فدان إنَّ منطقة توشكى في مراحل المشروع الثلاثة لا تحتاج لأي مصدر مياه لاعتمادها على نهر النيل.

 

وأضاف لـ"مصر العربية" أنَّه سيتم تنفيذ 110 آلاف فدان في المرحلة الأولى من أراضي توشكى، والمساحة الكلية المستهدفة في توشكى هي 134 ألف فدان وسيتم زراعة 125 ألف فدان في جميع المراحل الثلاثة.

 

القرار 444 أصبحت مسودة مشروع قانون المادة 236 حبيسة الأدراج في حكومة المهندس إبرهيم محلب، ما دفع النوبيون لتنظيم وقفة في مايو 2015 للمطالبة بخروج القانون، إلا أنهم فوجئوا أن الجهات السيادية ترغب في تشريع قانون يعمل على هيمنة وزارة الدفاع على المنطقة بالكامل.

 

وصدر القرار 444 من الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي ينص على تحديد المناطق المتاخمة للحدود الجنوبية لمصر التي تقع بها مناطق بلاد النوبة الأصلية على ضفتي البحيرة بطول 350 كيلو مترًا من جسم الخزان شمالاً حتى الحدود المصرية السودانية جنوبًا، وبموجب هذا القرار وضعت وزارة الدفاع يدها على أكثر من 100 كيلو متر من أراضي النوبة، وتمَّ تقسيمها ما بين مناطق ممنوعة ومحظورة، باعتبارها خاضعةً للأمن القومي الاستراتيجي لمصر.

 

قدم النوبيون طعنًا في مجلس الدولة بتاريخ 27 ديسمبر 2014 على القرار، اعتراضًا على خروجه بدون قواعد منظمة توضح الأماكن المسموحة والمحظورة، وطلبوا تصريحًا من المحكمة للذهاب إلى المطابع الأميرية ومعرفة ما إذا كان القرار مرتبط بقواعد أم لا، لأن عدم وجودها يعتبر بمثابة إلغاء للقرار.

 

وأوضح منير أن مجلس الوزراء أصدر القواعد، وبرر عدم وجودها سابقًا بأنه سقط منهم سهوًا، قائلاً: "دا مش قانوني لأن أي قانون بياخد قوته القانونية بعد 60 يوم لكن القواعد صدرت بعد 3 شهور وهو ما أدى إلى نوع من الارتباك القانوني".

 

واستنكر رد مجلس الدولة عليهم خلال الجلسات السابقة بأن هذا القرار سيادي لا يمكن الطعن عليه، مشيرًا إلى أن القرار السيادي يجب أن يكون في حالة الحرب فقط، وهذا بمثابة تعدٍ على الدستور الذي أكد في مواده 48، 62، 63، 263 على حقهم في التوطين والتنقل والمحافظة على التراث وتاريخ هذا المكان لما به من ثروات معدنية.

 

وأضاف أن هناك قرارًا سابقًا ومشابهًا له برقم 204 لعام 2010 إلا أنه كان محددًا لبعض المناطق وتم تغيره، وهو مايدل على عدم سيادته وإمكانية الطعن فيه.

 

 

الرئاسة

أوضح منير أنهم تقدموا بطلب لرئاسة الجمهورية في أغسطس 2015 باسم الهيئات النوبية في مختلف المحافظات، لمقابلة الرئيس وعرض مشروع القانون، ولكن تم رفض الطلب.

 

وأكد أن حل هذه القضية التاريخية يكمن في حدوث لقاء بين النوبيين، والرئيس السيسي والمجلس العسكري، للاتفاق على ورقة عمل توضح حقوقهم مع عدم الإخلال بالأمن الوطني.

 

وأشار إلى استمرارهم في إعطاء الضوء الأحمر لمؤسسات الدولة من خلال الوقفات والاعتصامات في الشارع المصري واللجوء للقنوات الشرعية، ومطالبة النوبيين الموجودين بالخارج عن طريق اللجوء إلى المواثيق والمعاهدات الدولية التي وقعت عليها مصر، حتى يحصلوا على حقهم ويتم توطينهم في أماكنهم لأن استبعادهم يزيد على عاتق القوات العسكرية في الحماية، بالإضافة إلى استغلال ثرواتها التي بإمكانها تحويل مصر أغنى دول العالم.

 

 

 

 

مقالات متعلقة