في علاقة أمريكا بإيران .. المصالح تجبر ترامب

الرئيس الأمريكي الجديد دونلاد ترامب

"تمزيق الاتفاق النووي"، " مراقبة بشدة لتنفيذ بنود الاتفاقية بهدف تغييرها من اتفاقية سيئة إلى جيدة"، كلاهما تعهدان تلفظ بهما الرئيس الأمريكي الجديد دونلاد ترامب حينما كان  مرشحا رئاسيا حيال الاتفاق النووي الذي أبرمته الولايات الدول الخمس الكبرى دائمة العضوية بمجلس الأمن مع طهران في سبتمبر 2015 "اتفاق 5+ 1".

 

التصريح الأول كان الأشد حدة لترامب وأول تعليق على الاتفاقية، والثاني حين حاول تلطيف حدة الأول، ولكن يظل التصريحان ينمان عن عدم رضا كبير من الرئيس الأمريكي تجاه الاتفاق النووي، فهل يقبل على المساس به ويغير علاقة واشنطن بطهران؟.

 

ينص الاتفاق النووي على تقييد البرنامج النووي الإيراني على المدى الطويل مع وضع حد لتخصيب اليورانيوم وخفض عدد أجهزة الطرد المركزي والسماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكل المواقع الإيرانية المشتبه بها، وتوقف إيران عن بناء مفاعلات تعمل بالماء الثقيل، وعدم نقل المعدات من منشأة نووية إلى أخرى لمدة 15 عاما وحظر استيراد أجزاء يمكن استخدامها في برنامج إيران للصورايخ الباليستية لمدة 8 سنوات.

 

اللافت هو أن قبل أن يتسلم ترامب مقاليد الحكم بشهرين على الأقل بدأ الحديث الرسمي عن الاتفاقية بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وهو ما يكشف كم القلق من المساس بهذه الاتفاقية بعد نقل قيادة البيت الأبيض من الحزب الديموقراطي إلى غريمه الجمهوري.

 

إيران تبادر

المبادرة جاءت من جانب إيران على لسان رئيسها حسن روحاني يوم الأربعاء، بأن فوز دونالد ترمب لا يمكن أن يؤدي إلى إلغاء الاتفاق النووي.

 

وأضاف على حديثه وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بالمطالبة بتنفيذ الاتفاقية النووية، قائلا: "هذا خيار الشعب الأميركي، لكن يجب على الرئيس الجديد أن يدرك واقع العالم والمنطقة ويجب عليه احترام الالتزام الأميركي حول الاتفاق النووي".

 

فيما قلل  بهرام قاسمي متحدث الخارجية الإيرانية  من أهمية التصريحات السياسية منوها بأن ما يهم بلاده في قضية انتخاب ترمب هو أداء الحكومة الأميركية وسياساتها التنفيذية.

 

من جانبها أكدت وزارة الخارجية الأميركية، على لسان المتحدث باسم الوزارة مارك تونر أمس الخميس أن ليس هناك ما يمنع الولايات المتحدة من الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران إذا ما أراد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ذلك.

 

عواقب وخيمة

تونر وإن كان قد نبه بأن الاتفاقية غير ملزمة ويحق لأي طرف الانسحاب منها ولكنه في الوقت نفسه حذر من أن هذه الخطوة سيكون لها عواقب وخيمة، فكل بساطة إيران ستعود لمحاولة إنتاج السلاح النووي.

 

وأضاف: "لهذا السبب، نعتقد أنه من مصلحة الجميع، بما في ذلك مصلحة العالم بأسره، أنه إذا التزمت إيران بهذا الاتفاق، والتزمت جميع الأطراف به، نكون قد سددنا الطريق أمام إيران لحيازة السلاح النووي".

 

محمد حسين أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاهرة قال إن ترامب انتقد أوباما في عقد الاتفاق النووي مع إيران لأنه كان يرى هو ومجموعته أن طهران مصممة على المضي قدما اتجاه القنبلة.

 

حلفاء

ورجح في حديثه لـ"مصر العربية" أن ترامب سيحاول التملص من هذا الاتفاق وقلب الميزان ولكن ليس في الأمد القريب، فالتطورات في الشرق الأوسط تجعل  أمريكا وإيران حلفاء ضد العرب أو السنة تحديدا، فالمراقب للوضع سيجد التوترات في الدول العربية التي تحوي الشيعة، بحد تعبيره.

 

"ترامب سيجلس مع رجال الأمن القومي والمخابرات لعرض عليه الملفات وإطلاعه على الحقائق، ومادامت أمريكا تحاول خلق المشاكل في الشرق الأوسط ستظل مقربة من إسرائيل وإيران" هكذا أضاف أستاذ العلاقات الدولية.

 

في رأي حسين أمريكا بحاجة لتحالفها مع إيران لإرهاب العرب بها حتى يضطروا للتسليم لإسرائيل وعدم معاداتها.

 

في الفترة الثانية

على أي حال يؤكد الخبير في العلاقات الدولية حقيقة مقولة أن " الرئيس الأمريكي يتعلم في أول سينتين من حكمه السياسة الخارجية وينشغل في ثاني سنتين بمعركة إعادة انتخابه"، مبينا بأن ترامب أو غيره إن كان لديه سياسة خارجية مختلفة ستظهر في المدة الثانية من حكمه.

 

التصريحات السياسية كما يراها حسين من قبيل مغازلة الناخبين وخطب ودهم والهدف منها تحقق وكسب ترامب الأصوات، ولكن كل الرؤساء لا يستطيعون الإيفاء بكل وعودهم.

 

أولويات

وأشار إلى أن مبادرة إيران بالتعليق بأن ترامب لا يستطيع المساس بالاتفاق النووي من باب الاستفزاز فأمامه 70 يوما حتى يتولى زمام الأمور، وفي النهاية الشرق الأوسط لن يكون في اهتمام ترامب الأولى فأمامه تشكيل فريقه الرئاسي الذي سيكون مؤثرا في رسم شكل علاقته بإيران، ومن ثم انتزاع موافقة الكونجرس على تعيين الوزراء في الوزارات السيادة، وأيضا تعيين القضاة.

 

وتابع:" حينما انتخب جور بوش أدار ظهره 9 شهورا للشرق الأوسط حتى وقعت أحداث 11 سبتمبر  وأجبرته للالتفاف للمنطقة".  

وبيّن أن العرب تفاءلوا بأوباما وحديثه المعسول عن الإسلام وظنوا أنه سيغير العدوانية الأمريكية تجاههم، ولكن هذا لم يحدث بل أن الكثير من أصابع الاتهام ومن بينها ترامب اتهم الإدارة الأمريكية الأخيرة بصناعة داعش الذي أضر بصورة الإسلام وزاد بلاد العرب دمارا.

 

تجنب الصراعات

واختتم حسين:" ترامب سيهمل الشرق لمدة سنة ولن يدخل في صراعات مع أحد، ولن يتورط في السياسة الخارجية كما فعل جورج بوش إذ تعلم الجمهوريون من أخطائه".

 

واتفق معه في الرأي محمد حامد الباحث في القانون الدولي والعلاقات الدولية قائلا:" لابد أن نفرق بين ترامب الرئيس  وترامب المرشح ، والتأكيد أن الولايات المتحدة دولة مؤسسات  وليس فردا واحدا".

 

وواصل حديثه لـ"مصر العربية" بأنه لابد من الانتظار لحين تشكيل الفريق الرئاسي لترامب خاصة من يتولوا حقائب الأمن القومي  و الخارجية للحكم على الأمور مستقبلا.

 

الاتفاق استراتيجي

وعن الاتفاق النووي ذكر حامد أن الكونجرس الأمريكي وافق عليه فأصبحت واشنطن ملتزمة به ومن الصعب التراجع عنه فهو خيار استراتيجي لها والسياسة الأمريكية في والشرق الأوسط .

 

وتابع:" رغم أن ترامب قال إنه سيمزق الاتفاق النووي إذا وصل للحكم ولكن من السهل التراجع عن قراره  بعد أن أصبح رئيسا" ، مفيدا بأن إيران تترقب ما سيفعله ترامب مستقبلا نحوها خاصة أنها تنتمي للمحور الروسي السوري المحارب للإرهاب والذي أبدي ترامب إعجابه به.

 

 

مقالات متعلقة