نفق مفخخ حفرته الدولة الإسلامية في العراق ليس أول شيء شاهده الفرنسي، لكن "برنار هنري ليفي" كتب برقيات من الخطوط الأمامية لمعركة الموصل، جاء فيها وحدات البيشمركة الكردية تصطحب صحفيين غربيين في معاركها، وهذا ليس من قبيل الصدفة، إنها خطوة ماكرة من حكومة إقليم كردستان لضمان أن يعرف العالم دور الأكراد في دورها لاستعادة السيطرة على الموصل، ثالث مدينة في العراق، من داعش، بحسب صحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية.
وبعد عامين من هروب الجيش العراقي من الموصل، وترك سكانها يعانون تحت رايات داعش السوداء، القوات نفسها تقود الآن المهمة لاستعادة السيطرة على المدينة، والأفضل من ذلك، العلاقات بين بغداد والأكراد رغم أنها ظاهريا قوية، لكن الوفاق لا يزال هشا، وإذا كان يمكن توثيقها أكثر، فهذا سوف يساعد على قيام عراق مستقر.
وقالت الصحيفة، إن معركة الموصل خطط لها بعناية، بمساعدة الغرب، القوات العراقية وعدت باحترام إقليم كردستان، في المقابل، وعدت البيشمركة بعدم دخول الموصل، وهذا الجزء سهل، فبحسب "مايك فرسان" باحث في معهد واشنطن، الأكراد لا تريد تكرار الأخطاء التي ارتكبتها عام 2003، عندما دخلت الموصل ونهبوا المدينة، ثم حاولوا حكم شعب يكرهها بشدة.
وفي كركوك، تم التوصل إلى اتفاق خاص، بغداد سوف تدفع الرواتب، والبيشمركة توفر الأمن، ويتم تقسيم عائدات النفط مناصفة، قد لا تكون خطوة جيدة نحو الاستقلال الذي يسعى إليه الأكراد، ولكن حتى حدوث انتعاش في أسعار النفط، هذا هو الطموح الذي يدفع الأكراد، بالإضافة إلى صفقة النفط، بغداد تتقاسم الأسلحة الغربية مع البيشمركة.
معركة الموصل تساعد على تعزيز هذه الثقة، ولكن الفوز في المعركة سوف يجلب خطرين، الأول، مع هزيمة داعش سيكون هناك فراغ في السلطة داخل المدينة، وسوف يحاول اثنين من اللاعبين التأثير على الأوضاع، وهما السكان السنة في الموصل، والميليشيات الشيعية في العراق، بحسب الصحيفة.
سنة الموصل سوف يستغلون الفراغ للمطالبة بالحكم الذاتي، على غرار كردستان العراق، الدستور العراقي نظريا يمنحهم درجة كبيرة من الحكم الذاتي، ولكنه سوف يظل لديه مخاوف من النظام السابق، المدينة كانت في الجحيم تحت حكم داعش، لكن المعركة القادمة يمكن أن تكون أسوأ من ذلك.
الموصل موطن لكثير من البعثيين السابقين الذين دعموا صدام حسين، لذلك لن يتم منحهم مزيدا من الحكم الذاتي، وليس من الواضح كيف سوف تتقاسم فصائلها السلطة سلميا.
التحدي الأكبر، هي الميليشيات الشيعية، هذه العصابات مليئة بالجنود المتطرفين الذين يكرهون السنة، وتساندها إيران، التي تعمل على إبقاء العراق ضعيفا وغير مستقر، وإذا منحت إيران فرصة يمكنها تعزيز قوة أعوانها في بغداد، ويمكن أن يرجع العراق إلى حالة الفوضى التي كانت خلال حكم نوري المالكي.
تجنب هذا المصير يحتاج إلى الصبر، والقوة العسكرية واستراتيجية ذكية، ويجب على الغرب أن يواصل مساعدة الحكومة العراقية الهشة، ولكن يجب أن يساعد أيضا في إقناع بغداد بقبول الواقع، ومنح السنة مزيدا من الحكم الذاتي، ومن أجل الحفاظ على تماسك العراق، يجب على قادته أن يكون لديهم استعداد لتقاسم السلطة.
وهذا سوف يستغرق سنوات وليس شهورا، وإنها جائزة تستحق القتال من أجلها، وإذا تمكنت الطوائف العراقية، والمجموعات من إيجاد وسيلة لتقاسم السلطة، يمكن أن يصبح العراق مثالا للمنطقة بأسرها.