دموع، دعوات، وحالة من الترقب تخيم على منطقة الورديان بغرب الإسكندرية، في انتظار وصول جثمان "الشيخ حسني" كما اشتهر بين أبناء الحي، الفنان الراحل محمود عبد العزيز، الذي توفي مساء أمس السبت عقب صراع مع المرض.
"كان جدع ومانساش حد، دمه خفيف من صغره ولعب معانا كورة، كان أب وأخ لأخواته" صفات كثيرة أطلقها جيرانه في الشارع عليه، بينما جاءت كلمات جارته في المنزل والتي تقطن بالدور الثالث مبهمة حول تلقيه صدمات متتالية لم يقدر على استيعابها فقالت"الصدمة كانت كبيرة عليه أوي" حاولنا إقناعها بالتصوير وانتشالها من حالة البكاء التي سيطرت عليها أثناء ترديد هذه الكلمات، وجاءت موافقتها لإعلان حب كافة جيرانه له ولأسرته.
تقول مدام محمود المعاون جارة أسرة الفنان محمود عبد العزيز، إنه كانشخص كريم وبار بأهل الإسكندرية ويحبهم، موضحة أنه كان صديق لوالدها وزوجها ولكافة الجيران، عرف بجدعنته وحبه لأخوته، وأنه كان يقضي شهر رمضان هو وأولاده مع أسرته في ذلك المنزل، وكانت والدته أم للجميع معلقة "فقدناه جدا".
30 عام هي المدة التي عايشت فيها الجارة أسرة الفنان الراحل، حيث كان جار لوالدها وحين انتقلت لبيت الزوجية في نفس المنطقة تجاورت أيضا مع أسرته، تقول الجارة أن يوم مجيئه للمنطقة كان يمثل سعادة للجميع، وأنه دائما ما كان يتذكر الفقراء والغلابة ويجهز "شنط رمضان" معلقة"مش بقى فنان ونسى أهله لا".
كان رأفت الهجان هو أكثر الأدوار التي أثرت فيها حين كبرت، موضحة أن قصة "الشيخ حسني" في فيلم الكيت كات، كانت قصة حقيقية لشيخ كان يحفظ القرآن للأطفال في المنطقة، وأن محمود عبد العزيز كان يقلد حركاته بخفة ظل، مشيرة إلى أن المنطقة أثرت فيه بشكل كبير، وأنه لم ينسها أبدا حيث كان يأتي في بعض الأحيان يتجول بسيارته يتفقد الشوارع، السوق، مدرسته، والمناطق التي كان يلعب بها.
بساطة الأسرة أكثر ما ميزتها وهو ما حافظ عليها الفنان الراحل رغم نجاحه الكبير في المجال الفني، تقول جارته أن كريم محمود عبد العزيز يشبه والده كثيرا، موضحة أن الفنان الراحل تعرض لصدمات متتالية على مدار 3 سنوات والتي شهدت وفاة والدته"الحاجة صديقة"، وأخته الصغرى"وفاء"، وشقيقيه"أحمد ومجدي" وذلك بداية من عام 2013.
آخر فترة تواجد فيها الفنان الراحل بالإسكندرية أثناء تصوير مسلسل"رأس الغول" التي أكدت الجارة رفضها لمشاهدة المسلسل بسبب حالته الصحية فتقول"مسلسل راس الغول ماكنتش بحب أشوفه، مكانش محمود عبد العزيز خالص كان تعبان" موضحة أنهم كان لديهم أمل في شفائه، وأنها استقبلت خبر وفاته بصدمة وبكاء شديد، مشيرة إلى أن وفاته كانت الصدمة الثانية لها بعد وفاة زوجها من فترة قريبة.
وسط دموعها وجهت الجارة رسالة للفنان الراحل قالت فيها"بحبك وحتوحشنا أوي وحنفتقدك بكل معنى الكلمة وأنت إنسان شرفت الورديان وبلدك، كنت محترم وأدوارك يشوفها الصغير والكبير"
وفي الجهة المقابلة للمنزل تقع صيدلية اعتاد الفنان الراحل على شراء علاجه منها فترة تواجده في الإسكندرية، يقول شفيق السيد شحاته أنه عاشر الفنان الراحل منذ أكثر من 40 عام، موضحا أنه منذ انتقل إلى القاهرة كان الاتصال بينهم متقطع، إلا أنه دائما ماتردد على الصيدلية أثناء تواجه في الورديان.
منذ 7 أشهر كان آخر لقاء جمع الحاج شفيق بالفنان الراحل، فقال أن آخر ما يتذكره عنه هو سفره بالخارج حيث تابع حالته الصحية والتطورات التي حدثت بها، مؤكدا أنه كان كريم يعطف على الفقراء وكان يقضي رمضان مع أسرته، معلقا"هو مش غريب على بيته ولا منطقته ولا أسرته"
فيما أوضح الحاج"منصور" صديق الطفولة للفنان الراحل أنه عايشه طوال فترة الطفولة والشباب حيث كان جاره في المنزل وزميله في الدراسة، وأنهم طالما ما تشاركوا في لعب الكرة، وكان دائما ما يشارك في فرق التمثيل في المدرسة.
كان آخر لقاء بينهم عقب وفاة شقيق الفنان الراحل"مجدي عبد العزيز" منذ حوالي عام، مشيرا إلى أن شخصية محمود عبد العزيز لم تتغير عقب شهرته في عالم الفن، موضحا أنهم كانوا يتابعون حالته الصحية منذ فترة وكانوا على تواصل مع إخوته منذ عودته من أوروبا.
وأضاف أحمد عبد اللطيف من جيران الفنان الراحل أنه طالما عرف بخفة ظله، وأنه لم ينقطع عن المنطقة طوال هذه المدة، حيث كان يصطحب أولاده في الأعياد والمناسبات لزيارة الأسرة، موضحا أن أعماله الخيرية مستمرة ولم تنقطع، معلقا"مش متكبر وكان بيسلم على الصغير قبل الكبير"
وأكد عبد اللطيف أن الفنان الراحل خسارة كبيرة ليس لأهله وجيرانه فقط بل لمصر والعالم العربي، والعالم أجمع، وأنه كان فنان قدير، ورجل طيب، وأخ حنون، وكان بالنسبة لأخوته عقب وفاة والده الأخ والأب معلقا"كل الصفات الحلوة فيه" مشيرا إلى أن اسمه الحقيقي هو محفوظ.
وأشار سعيد البوري مالك معرض سيارات مواجه لمنزل الفنان الراحل أنه عاصره منذ الصغر، مشيرا إلى أنه في الفترة الأخيرة كان يصور أحد الأعمال الفنية في منطقة المكس وكان يأتي عقب صلاة الفجر للراحة قليلا أمام باب المنزل، موضحا أنه كان مشهور بخفة دمه وعطائه في المنطقة.
وأوضح البوري أن أكثر الأدوار التي أثرت في جيرانه هي شخصيته في فيلم"الكيت كات" والتفاصيل التي ذكرها عن شخصية الشيخ "حسني"، مشيرا إلى أن والد الفنان الراحل كان يعمل مفتش تموين في منطقة الساحل"الضبعة" وأن الفنان كريم عبد العزيز ابن الفنان الراحل دائما ما يفتخر بكونه ينتمي لمنطقة الورديان.
وذكر أن الفنان الراحل كان دائما ما يأتي في الأعياد حيث كان يتم تنظيم صلاة العيد في المسجد المجاور للمنزل ويتم توزيع الهدايا على الأطفال، مؤكدا أن محمود عبد العزيز فنان لا يعوض، وكانت وفاته صدمة لأهالي المنطقة.
شاهد الفيديو..