"الحاجة أم الاختراع" مثل معروف ينطبق على حال محلات الصاغة وورشها هذه الفترة، حيث دفعها ضعف الإقبال وانخفاض الطلب من جانب المستهلكين بسبب اشتعال أسعار الذهب، لابتكار طرق جديدة لم تكن متبعة من قبل لتشجيع المستهلك ودفعه للشراء، ومن أهم هذه الطرق إنتاج المشغولات الخفيفة والمنفوخة، وهي مشغولات من أعيرة ذهب مرتفعة إلا أنها خفيفة في وزنها، وتعتمد على أسلوب النفخ في التصنيع حتى تبدو سمكية وكبيرة.
وتأتي هذه الطريقة بعد فشل فكرة الأعيرة المنخفضة كعيار 12 و14 في تحقيق الهدف وجذب المستهلك، إذ لم تلق الفكرة قبولا من المستهلكين محليا، وذلك نظرا لثقافة المستهلك المصري التي لا تعترف بهذه اﻷعيرة ولا تعتدها كأحد منتجات الذهب.
وتبدو المؤشرات اﻷولية لتطبيق الطريقة الجديدة وهي إنتاج المشغولات الخفيفة، إيجابية ومبشرة، إذ بدأ اتجاه طفيف من الطلب من قبل المستهلكين يتجه نحوها.
كشف نادي نجيب سكرتير الشعبة بغرفة القاهرة التجارية عن اتجاه ورش الذهب لتصنيع مشغولات ذهبية خفيفة هذه الفترة، وذلك في محاولة لمواجهة الركود القاتل الذي يخيم على أسواق الذهب منذ عدة أشهر، ما يسهم في إنعاش سوق الذهب وإعادة الطلب لقوته نوعًا ما مرة أخرى.
وأوضح نجيب في تصريح خاص لـ"مصر العربية" أنّ إنتاج المشغولات الذهبية يرتكز على صناعة مشغولات كبيرة شكلاً، غير أنها جوفاء من الداخل أي "منفوخة" بالمعنى الدارج، وذلك ﻹعطاء مظهر مغرٍ وجذاب يشجع المستهلكين على الشراء، مشيرًا إلى أن هذه الطريقة في التصنيع معروفة وتتجه إليها الورش حين الحاجة ﻹنتاج مشغولات خفيفة.
غير أنّه أشار إلى أنَّ لهذه الطريقة في التصنيع بها عيب خطير، وهي أن المشغولات الذهبية تكون ضعيفة وغير متينة وذلك لانخفاض حجم المعدن الداخل فيها، واعتمادها على النفخ في الشكل بطريقة مبالغ فيها، ما يجعلها مهددة بالتلف والكسر سريعا.
وأضاف نجيب أن هذه الطريقة قد تكون الأكثر قبولا لدى المستهلك من طرح العيارات المنخفضة مثل 14 و 10 وكهذا، مؤكدا أن طرح العيارات المنخفضة لم تفلح في جذب المستهلك، إلا أنه في المشغولات الخفيفة فإن المستهلك يشتري عيار ذهب مرتفع مثل 18 أو 21، ولكن في صورة جرامات قليلة ومحدودة، مبديا تفاؤله من هذا الاتجاه ﻹنعاش أسواق الصاغة وإعادة الحياة لها.
من جهته، اتفق رفيق عباسي رئيس شعبة صناعة الذهب باتحاد الصناعات مع "نجيب"، مؤكدًا أن إنتاج المشغولات الخفيفية يعد الحل المناسب لهذه المرحلة ﻹنعاش أسواق الذهب، والحد من الركود المخيم عليها.
وقال عباسي في تصريح لـ"مصر العربية" إن تجربة طرح عيارات ذهب منخفضة باءت بفشل واضح، حيث رفضها المستهلك المصري ولم يقبل عليها، مرجعا ذلك لثقافة الشعب المصري التي لا تعترف بالعيارات المنخفضة من الذهب، وتعتبر تلك العيارات في عداد مشغولات النحاس وليس الذهب، نظرا لارتفاع نسبة النحاس الداخل فيها مقارنة بالذهب، لافتا إلى أن ذلك الاعتقاد يمتد حتى لعيار لـ 18 .
وأشار إلى تراجع ملحوظ في إنتاج المشغولات الثقيلة من الكوليهات، والأساور، بالورش والمصانع، وأن اتجاه الغالبية منهم ﻹنتاج القطع الخفيفة التي لا تتطلب كميات كبيرة من الذهب، ما ينعكس إيجابا على سعرها بالانخفاض، اﻷمر الذي يعود بإقبال من المستهلك وطلبه نظرا لانخفاض سعرها.
وأردف عباسي أن المستهلك المصري بطبيعته يميل دائمًا لادخار أمواله في الذهب، فكلما توفر له فائض من الدخل يكون شراء الذهب هو المنفذ اﻷول لاستثمار هذا الفائض، غير أنَّ الارتفاع المتوالي في أسعار الذهب، فضلا عن التراجع المتوالي أيضا في مستوى دخله وتدهور الحالة الاقتصادية العامة بالبلاد، يجعل من الصعب وصوله لهدفه والادخار في الذهب، لذا فلابد لصناع الذهب وتجاره من ابتكار وسائل جديدة تيسر بها على المستهلك الشراء والادخار من ناحية، وتساعد أسواق الذهب على تجاوز ركودها والعودة للانتعاش والرواج من ناحية أخرى.
من جانبه، عبر وصفي أمين وصيف رئيس الشعبة العامة لتجار الذهب بالاتحاد العام للغرف التجارية عن أمله في أن يساعد قرض صندوق النقد في زيادة المعروض من الدولار ومن ثم خفض سعره محليًا، وهو ما يعود باﻹيجاب على سعر الذهب ورواج أسواقه.
وأكد وصيف لـ"مصر العربية" أن من صالح تجار وصناع الذهب أن ينخفض سعر الذهب، وذلك لما سيعود من ورائه من زيادة الطلب وانتعاش اﻷسواق، مقارنة بما هو جاري حاليا من ركود وكساد، مشددا على حرص محلات الصاغة وسعيها على جذب المستهلك وتشجيعه على الشراء بشتى الطرق.