"أنامل تصنع الجمال، تغزله وتطرزه وتغذيه بطابعها الخاص، لتخرج منتجات يدوية تدل على جمال صنعه وروعة خلق الله".. إنها الحرف اليدوية.
في مصر، توجد عشرات الحرف اليدوية التي توارثت عبر الأجيال، من جيل إلى جيل، حاملة معها البصمة الوراثية للإبداع والجمال، للدقة والإتقان، ورغم أنَّها في طريقها للانقراض في ظل غزو "الميكنة" إلا أنَّها ما زالت علامة من علامات إبداع الإنسان بيديه، وقدرته على الخلق، ولله المثل الأعلى.
السجاد اليدوي
ازدهرت في العصرين اﻷيوبي والمملوكي، وبعد سقوط دولة المماليك وحكم العثمانيين لبلاد الشام انتقلت معهم هذه الصناعة إلى محيط الدولة العثمانية بالكامل ومنها مصر.
ومن خلال التواصل الثقافي، ظهرت الطرازات الفنية والتصميمات المختلفة من السجاد مثل المملوكي والتركي والفارسي.
وتنتشر صناعة السجاد اليدوي في مصر بمحافظات المنوفية والقليوبية والغربية، ويتم التصنيع على أنوال من الخشب أو الحديد بطريقة يدوية، وتختلف اﻷنوال من حيث العرض والطول حسب السجاة.
الكليم اليدوي
تعتبر صناعته من الصناعات التراثية القديمة التي تشتهر بها مصر، وتأتي شهرته من كونه يعكس هوية المجتمع المصري خصوصًا الطبيعة الريفية والبساطة في العيش.
وتشتهر مدينة "فوة" بكفر الشيخ بصناعته منذ زمن طويل، حيث كان يتم فرش المساجد بها منذ طويل، حيث يتم فرش المساجد بها منذ عهد محمد علي باشا.
وانتشر أيضًا الكليم في عدة أماكن أخرى مثل سيوة حيث يصنع للخيام أو كفرش للمنازل البدوية،
وتختلف استخداماته فمنه ما يستخدم كسجاد على اﻷرضيات ومنه ما يعلق على الجدران كقطعة فنية، ومنه ما يوضع كفرش ﻷثاث المنزل.
العقادة
هي حرفة قائمة على تشكيل الخيوط الملونة من خلال العقد والبرم واللف والضفر والتدكيك والتشبيك والنسج ﻹنتاج مشغولات زخرفية تستخدم لتززين الملابس واﻷثاث والستائر، وتعتمد الخيوط المستخدمة على الخامات القطنية والحريرية.
برع أصحاب هذه الحرفة في إنتاج أنواع مختلفة من العقادة كالشرائط الزخرفية والفرنشات، وترجع جذورها إلى العصور المصرية القديمة، حيث تمَّ استغلالها في إنتاج أدوات ﻷغراض الاستهلاك والزينة، وتمَّ استخدامها أيضًا في تزيين الملابس العسكرية والمركبات الملكية والملابس الخاصة بالكنائس وكسوة الكعبة الشريفة، وكسوة جمل المحمل وهودجه.
وقد دخلت على هذه الحرفة لمسة غربية من خلال تأثرها بالعقادة اﻹفرنجية، مع انتشار المفروشات واﻷثاث على الطراز اﻷوروبي في مصر.
تنقسم "العقادة" إلى فرعين هما العقادة البلدية والمختصة بعمل القفطان والشرائط واﻷزرار المستخدمة في الملابس، والعقادة اﻹفرنجية والتي تختص بعمل المفروشات والستائر والخداديات وجميع الديكورات.
الخيامية
فن مصري أصيل وتعني صناعة الأقمشة الملونة التي تستخدم للسرادقات، وكانت ترتبط قديمًا بكسوة الكعبة المزينة بخيوط الذهب والفضة، والتي كانت تقوم مصر بتصنيعها حتى الستينات من القرن الماضي، وكان يتم إرسالها للحجاز في موكب مهيب يعرف باسم المحمل.
كانت هناك طقوس خاصة لاعتماد أي حرفي خيامي جديد، حيث كان يعقد الخياميين وشيخهم اجتماعًا لرؤية وفحص أعمال الخيامي الجديد، وإذا كانت على المستوى المطلوب يتم اعتماده، ويقيم مأدبة لجميع الخياميين للاحتفال بانضمامه لتلك المهنة.
الفخار والخزف
من الصناعات المميزة التي تعبر عن تطور الأمم وحضارتها، ورغم سهولتها إلا أنَّها تحتاج لمهارة حرفية عالية.
بدأت صناعة الفخار في مصر منذ عصور ما قبل التاريخ مع تواجد المصريين في دلتا النيل.
ازدهرت صناعته في العصر الفاطمي الذي تميز بألوانه ورسوماته وزخارفه الرائعة، وتطورت في العصر الأيوبي الذي شهد ظهور القيشاني الأيوبي "البورسلين"، الذي اشتهر بطينته الناعمة وزخارفه الزجاجية والرسوم الرائعة للنباتات والطيور والحيوانات.
وتتمركز صناعة الفخار في مصر الآن في منطقة الفسطاط بمصر القديمة ومحافظة الفيوم والوادي الجديد وقنا.
الرخام
تعد منطقة "شق الثعبان" بمنطقة طرة أكبر تجمع لصناعة الرخام والجرانيت على مستوى الجمهورية بمساحة 1000 فدان.
وتعتبر المنطقة رابع أكبر تجمُّع صناعي على مستوى العالم في تصدير الرخام والجرانيت، بينما تشتهر منطقة "الدريسة" بالإسكندرية بوجود ورش لأعمال الموازييك اليدوية، وأخرى لتصنيع منتجات باستخدام كسر ومخلفت الرخام لعمل لوحات جدارية وأحواض.
الألباستر
النحت وصناعة الألباستر من الحرف المصرية التي توارثتها الأجيال منذ عصر القدماء المصريين، وحافظت على استمرارها.
وتعد مواد حجر الجير الأصفر والجرانيت الأسود والبازلت والرخام والمرمر البلدي، أبرز المواد المستخدمة في هذه الحرفة ويتم جلبها من المنطقة الجبلية في منطقة القرنة بالبر الغربي بالأقصر.
ويعيش الحرفيين في قرية القرنة وسط المعابد والحضارة القديمة متوارثين حرفة أجدادهم ففي نحت الصخور، وتشكيل تحف فرعونية تبهر السياح.
الزجاج
مصر القديمة كانت تقوم بتصنيع الزجاجيات منذ الآف السنين، واعتنى المسلمون في العصور الوسطى بصناعة الزجاج وقاموا بتطويرها.
ومن منتجات هذه الصناعة الزجاج المنفوخ الذي تطور في مصر منذ العصر الروماني، وكان يتم دمج الأصباغ في الزجاج ليعطي لونًا داكنًا أو باهتًا.
تطورت الحرفة بعد ذلك بعدما ابتكر العرب الكثير من الأدوات التي لم تكن مستخدمةً في العصور السابقة، منها أن يتم نفخ الزجاج باستخدام قضيب يمسك بقاع إناء بالإضافة إلى استخدام الكتل الخشبية لتشكيل الزجاج المنصهر على هيئة كرة قبل نفخه.
أمَّا عن الموازيك "الزجاج المعشق" فتقوم على أساس تجميع قطع حجرية أو خزفية أو زجاجية صغيرة تعطي في النهاية الشكل المطلوب.
مشغولات خشب السرسوع
يضم صعيد مصر وتحديدًا قرية "حجازة" أضخم مركز للمشغولات الخشبية اليدوية واﻷثاث الذي يلفت أنظار العالم، وتتسم القرية بمزج العادات والتقاليد المصريةوالقبطية والعربية والإسلامي.
وتتواجد في القرية أجود أنواع الخشب مثل "السرسوع والنبق والسنط واﻷثل والبرتقال"، ويصنع منها المقاعد والطبالي التقليدية واﻷبواب والشبابيك.
وبرع أهالي القرية في النحت والخرط والفن التشكيلي، باﻹضافة إلى قطع اﻷثاث ذات الطابع الفرعوني، والتحف الخشبية واللوحات الفنية والتابلوهات، وأدوات المبخ الخشبية.
النحاس والمشغولات المعدنية
من أقدم الحرف التي عرفها المصريون القدماء، وتطورت حتى وصلت لقمتها في العصر الاسلامي المملوكي، حيث ازدهرت صناعة أباريق الشاي وآواني شرب المياه، كما شملت اللوحات الحائطية المزينة أبيات قرآنية.