حقوقيون: قانون الجمعيات الأهلية يكرس إدارة الأمن للمنظمات

جلسة التحفظ على اموال الحقوقيين

حالة من الرفض والإدانة واجهت قانون الجمعيات اﻷهلية، الذي وافق عليه مجلس النواب، في جلسته، أمس الثلاثاء، من قبل منظمات المجتمع المدني، وباﻷخص المؤسسات الحقوقية.

 

واعتبر حقوقيون، أن هذا القانون يقضي فعلياً على المجتمع المدني ويحيل أمر إدارته للحكومة والأجهزة الأمنية، بحد تعبيرهم.

 

 

الأمن يدير الجمعيات

محمد زارع، مدير مكتب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، رأى أن هذا المشروع يعد الأسوأ بين القوانين المطروحة على مدار العشرين عاما الماضية، موضحاُ أنه على الرغم من سوء قانون الجمعيات رقم 84 لسنة 2002  ووصفه بالقانون "سئ السمعة" إلا أن هذا القانون يعد إعادة اعتبار لقانون 84.

 

وانتقد زارع، في تصريحات لـ"مصر العربية"، توسيع العقوبات المفروضة في القانون التي تصل للحبس 5 سنوات وغرامة قد تصل لمليون جنيه كعقوبة لمجرد التواصل مع منظمة أجنبية، موضحا أن هذا التواصل قد يكون إرسال بريد إلكتروني والرد عليه، معلقا: "واضع هذا المشروع يعمل بعقلية أمنية".

 

وتقضي المادة 48 من مشروع القانون بإنشاء "اللجنة التنسيقية"، وتتشكل بقرار من رئيس مجلس الوزراء برئاسة الوزير المختص أو من يفوضه وعضوية كل من: ممثل من وزارة الخارجية، وممثل لوزارة العدل، ونائب لرئيس مجلس الدولة، وممثل لوزارة الداخلية، وممثل لوزارة التعاون الدولي، وممثل لوزارة التضامن الاجتماعي، وممثل لهيئة الأمن القومي (بالمخابرات العامة)، وممثل من البنك المركزي.

 

وعلق زارع أن تلك هى المرة الأولى الذي توضع فيها بشكل صريح ممثلين عن وزارة العدل والتعاون الدولي، معتبراً أن هذا التشكيل للجنة يشابه تشكيل مجالس الحرب في الكوارث الطبيعية وإعلان الحروب، مشيرا إلى أن التدخلات الإدارية من الجهات التنفيذية طالت كافة التفاصيل الخاصة بالجمعيات، الأمر الذي جعل الجهة الإدارية والأمن هما المتحكمين  في الجمعيات وليس مجلس إدارتها، بحد قوله.

 

فوفقا للمادة 12 من القانون، "توافق الجهة الإدارية والوزير المختص لفتح مقرات أو مكاتب تابعة للجمعية بمحافظات الجمهورية المختلفة. ويمنح المشروع الحق لممثلي الجهة الإدارية في دخول أي من مقار الجمعيات والمؤسسات والاتحادات "لتقديم الدعم الفني ولمتابعة أنشطتها والإطلاع على سجلاتها وفحص أعمالها من الناحية الإدارية والمالية"

 

وأشار مدير مكتب مركز القاهرة، إلى أن قضية التمويل الأجنبي متوقع منها أن تقضي على المنظمات الحقوقية، لكن هذا القانون يستهدف الجميع بما فيها الجمعيات التنموية ويبقى الهدف منه منع ظهور منظمات حقوقية مرة أخرى، بحد تعبيره.

 

وأكد على أن النظام لديه مشكلة مع كل ما له علاقة بالعمل العام، ويريد كل شئ تحت عين الأجهزة الأمنية، معلقا: "من الواضح أن النظام لا يثق في الحكومة ويريد للأمن السيطرة".

 

 

مخالف للدستور

 

مزن حسن، مدير مركز نظرة للدراسات النسوية، أشارت إلى أن القانون من البداية كان به مشكلة شفافية في طرحه وعدم وضعه للنقاش المجتمعي.

 

وقالت حسن لـ "مصر العربية"، إن القانون لأول مرة نص صراحة على التدخل الأمني في وجود ممثلين له في اللجنة التنسيقية، مؤكدة أنه ليس مسلطاً على الجمعيات التي تخضع لسلطته ولكنه يطال كافة الكيانات الأخرى التي تعمل في العمل العام بغرامات وحبس، منتقدة الألفاظ التي وصفتها بالفضافة، مؤكدة أن القانون سئ على مؤسسات المجتمع المدني كافة.

 

وتنص المادة الرابعة من القانون على حق الجهة الإدارية في الامتناع عن قيد الجمعية خلال ثلاثين يوما من تلقي الإخطار بتأسيسها إذا ثبت أن "من بين أغراض الجمعية نشاطا مؤثما وفق قانون العقوبات أو أي قانون عقوبي آخر أو أن بيانات وملحقات الإخطار غير مستوفاة"، وتخطر الجهة الإدارية ممثل جماعة المؤسسين بقرار مسبب وإلا اعتبرت الجمعية منشأة. ويحق للجمعية تصويب الخطأ أو استيفاء البيانات الناقصة أو الطعن أمام المحكمة المختصة خلال ستين يوما من تاريخ قرار الامتناع عن القيد.

 

لا تعتبر مزن تلك التدخلات إدارية ولكنها أمنية في المقام الأول، بحد قولها، فالمشكلة في هذا القانون لن تكون بيروقراطية وزارة التضامن وعرقلتها للإجراءات ولكن المراقبة الأمنية لكافة أنشطة الجمعيات وهو ما يعد مخالفاً لما نص عليه الدستور وكافة الأعراف المتفق عليها لإنشاء الجمعيات.

 

تتفق مزن مع زارع على استهداف العمل التنموي في القانون وليس الحقوقي، مؤكدة أن كل ما له علاقة بالعمل العام يبقي في مشكلة في ظل هذا القانون، لرفض الدولة كافة أشكال العمل المستقل.

 

 

تكريس الدولة البوليسية

 

أحمد مفرح، الحقوقي بمؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان، أكد أن القانون به مطاعن دستورية لتعارضه مع مواد الدستور، مشيرا إلى أن القانون يناصب العداء لأنشطة حقوق الإنسان، و يكرس من الدولة البوليسية عن طريق تقنين لدور الأمن في مواد القانون.

 

وأشار مفرح لـ "مصر العربية"، إلى أن القانون كان واضحا في عدائه للمنظمات الأجنبية، اتساقا مع النهج الذي يسير علية النظام العسكري في مصر من عدائه الشديد للمجتمع الأهلي والمدني.

 

مقالات متعلقة