"بلاش نضحك علي بعض مفيش تجديد للخطاب الديني هيتم فى مصر، لأنه لا يمكن تجديد الخطاب الديني إلا من خلال إنشاء جيل جديد لديه رغبة فى تعلم الدين وعقول جديدة وأساتذته محترمين ودول بصراحة مش موجودين، هيفضل مستقبل الخطاب الديني والدين بهذه الطريقة طول محدش بيسمع، فكم مؤتمر اتعمل وهيتعمل فى هذه القضية علشان نرضى سيادة الرئيس فقط ؟!!"..
كانت هذه الانتقادات التى أطلقها الدكتور يسرى جعفر أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين جامعة الأزهر بالقاهرة، بإحدى ندوات حزب التجمع كفيلة بفتح أبواب جهنم (مجازا) عليه، وإيقافه عن العمل واتهامه من قبل المؤسسة الدينية فى مصر بالإلحاد ونشر أفكار طه حسين ومحمد عبده.
يسرى جعفر الذى طالب بتغيير عقول علماء الأزهر، يرى أن بناء العقول والعلماء أفضل من بناء المساجد، وأن العِلمانية -بكسر العين- التى يحتكم فيها للعلم وليس الخرافة هي المنقذ الوحيد لمصر فى الوقت الراهن.
وانتقد يسرى جعفر فى حوار سابق لجريدة عقيدتي عام 2015 ، مواقف الأزهر السياسية وطالب قيادات الأزهر بالخروج من عباءة السلطة، لحماية الأزهر من الانتقادات التى يتعرض لها بين الحين والآخر، وإلا يكون قد قدم للمنتقدين أسباب الهجوم ومبرراته.
لم يكتفى بذلك بل قال أيضًا : " لا شك أن مناهج الأزهر تحتاج إلى تطوير ولكن من يجرى الآن ليس تطويرا وإنما تدمير لهذا المناهج"، مؤكدا أنه لا يمكن اختصار المواد الشرعية الأربع (الحديث والتفسير والسيرة والتوحيد) في مادة واحدة هى أصول الدين، موضحا أن هذا الإجراء ليس في مصلحة الدعوة، لأن من شأنه يخرج أزهريا هشا وضعيفا.
على مدار العقود الماضية خاض الأزهر حروبا كبيرة ضد تجسيد الأنبياء والرسل والصحابة فى الأعمال الفنية، وتدخل بقوة لمنع عرض الكثير من الأفلام والمسلسلات التى حكت سير أنبياء ورسل بدعوى أنها حرام، إلا أن الدكتور يسرى جعفر فضل التغريد خارج السرب، مؤكدا أن لا يوجد نص يحرم تجسيد الأنبياء، وأن ما صدر مجرد فتوي لا تستند إلي دليل شرعي.
أعلن مرارا وتكرارا رفضه تقديس أي كتاب حتى وإن كان صحيح البخاري، قائلا :" أنا ضد أن يقال أن اصح الكتب بعد كتاب الله صحيح البخاري فهذا خطأ ارفضه، إنما الأجدر أن يقال أن اصح الكتب بعد كتاب الله ما صح من أحاديث نبوية وردت عن رسول الله سواء كانت في البخاري ومسلم أو غيرهما".
وفى إحدى المحاضرات العامة التى عقدت منذ عامين بمدرج الإمام عبد الحليم محمود بكلية أصول الدين بالقاهرة فى حضور الدكتور عبد الفتاح العواري عميد الكلية، سأل أحد الطلاب، الدكتور يسرى جعفر عن مسألة "الولاء والبراء" فى العقيدة الإسلامية، فأكد أستاذ الفلسفة، أنها عبارة عن مواقف نسبيه متغيرة وليس ثابت ولا يوجد نص عليها.
ومنذ ذلك اليوم لم يطلبه أحد للحديث عن رؤيته لتجديد الخطاب الديني، وتفاجئ مؤخرا بصدور قرار إيقافه عن العمل والتحقيق معه بنشر الإلحاد وأفكار طه حسين ومحمد عبده.
كما منعه الدكتور حامد أبو طالب عضو لجنة التحقيق معه بجامعة الأزهر من اصطحاب محام معه، خوفا من إظهار الشكوى الخاصة باتهامه بكونه ورما خبيثا يجب بتره، بعدها أكد أن التحقيق معه تصفية حسابات بين القرناء بسبب آرائه المعتدلة وحب الطلاب له.
بدورها ذهبت "مصر العربية" إلى كلية أصول الدين بالقاهرة، للحديث مع الطلاب وأعضاء هيئة التدريس بقسم العقيدة، وعميد الكلية بشأن الدكتور يسرى جعفر للتعرف على شخصيته، فأكد أحد طلاب الفرقة الرابعة بقسم العقيد أن الدكتور يسرى أعطاهم محاضرة واحدة فى الفلسفة بداية العام الدراسي بعدها اختفى وتم إسناد المادة لدكتور آخر.
وأشار طالب آخر بنفس الفرقة، إلى أنه تم إيقافه عن العمل بسبب أراءه الفلسفية، لافتا إلى أن الفلسفة تفكير حر وليس مقيد بشيء وحتى ولو كان نصا شرعيا، إلا أن كل طلاب الفرقة الرابعة أجمعوا على حبهم واحترامهم للدكتور يسرى.
وقال أحد أعضاء هيئة التدريس بقسم العقيدة، إن الدكتور يسرى عالم جليل متجدد ولا يريد أن يسير على خطى الأولين الشرح واستنباط المعلومات، موضحا أنه يحظى بشعبية كبير خارج الأزهر الشريف.
أما الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بالقاهرة، فرفض الإدلاء بأي تصريحات عن هذا الموضوع، قائلا: " لا شأن لي بهذا الموضوع.. الموضوع برمته في إدارة الجامعة.. والمهتم برئ حتى تثبت إدانته وهذه أمور السكوت عليها أفضل"، إلا أنه ألمح إلى أن أحد الأشخاص تابع تصريحاته بعد الندوة التى شارك فيها بحزب التجمع عن تجديد الخطاب الديني، وكتب شكوى فيه وقدمها لإدارة الجامعة بعيدا عن الكلية، موضحا أنه شارك فى المحاضرة التى تحدث فيها جعفر عن " الولاء والبراء"، وأنه لم يخطئ علميا فيما قاله من معلومات.