من الخطأ فهم عدم المشاركة في 11/11 بالرضى عن أداء الحكومة قرارات الحكومة تخدم الثورة المضادة والغضب يتصاعد القرض كارثي ولدينا 12 بديلاً لحل الأزمة الاقتصادية القيمة المضافة ضريبة يتحمل أعبائها الفقراء وحدهم العاصمة الإدارية الجديدة مشروع ضرره أكبر من نفعه ويجب إلغائه
تعرفه وسائل الإعلام بأنه أحد الخبراء الاقتصاديين البارزين، وتراه مجموعات اليسار المصري على أنه أحد المفكريين القلائل الملمين بالجوانب الاقتصادية، وشغل حقيبة التضامن الاجتماعي بعد ثورة 25 يناير، ويترأس حاليا اللجنة الاقتصادية لحزب التجمع.
في حواره مع "مصر العربية"، يعلن الدكتور جودة عبدالخالق أستاذ الاقتصاد، رفضه لقرض صندوق النقد الدولي محذرا من تبعاته، ويتوقع حدوث انفجار شعبي كأثر لتردي الأوضاع الاقتصادية الحالية، مؤكدا على أن الحكومة تنحاز للأغنياء على حساب الفقراء.
وإلى نص الحوار:
ما هو موقفكم من القرارت الاقتصادية الأخيرة؟
نحن نرفض قرض صندوق النقد الدولي، لأنه سيترتب عليه نتائج كارثية تقع على كاهل المصريين، ونرفض أيضا كل الضرائب غير المباشرة، كضريبة القيمة المضافة، ونؤيد الضرائب التصاعدية، والضرائب التي تفرض على الدخول غير المكتسبة، كأن تشترى أرض وتبيعها بعد فترة بأضعاف السعر، ففي هذه الحالة يجب أن تفرض ضريبة مغلظة على عملية البيع لأن المالك لم يبذل جهد في هذا المكسب.
ماهى اعتراضاتك على قرض صندوق النقد في نقاط محددة؟
أولا: لا يمكن التوجه للخارج لحل مشاكل الداخل، فهذا القرض خطأ فاحش، لأنه يعنى أن الحكومة تأخذ من جيوب الفقراء والطبقة الوسطى، وتصب في جيوب الخوجات والأغنياء، ثانيا: الاحتفاء بزيادة أرباح البورصة بعد قرار تعويم الجنيه وهمي لأن الزيادة التي حققهتا البورصة بمعدل 25% لم تدخل خزانة الدولة منه مليما واحدا، كما أن عدم تحديد سعر للجنيه لن يجذب مستثمرين كما تدعي الحكومة ﻷن المستثمر لا يعرف هامش الربح الذي سيحققه نتيجة عمله في السوق المصري .
لكن الحكومة تقول إن قراراتها في صالح المواطنين وأنها ضمن برنامج إصلاحي؟
هذا الكلام غير دقيق، والأمر قد يبدو متخبطا أحيانا، وواضح في أحيان أخرى، ففي بعض الحالات تبدو لي توجهات الحكومة الاقتصادية وكأنها تمشي في طريق معلوم ومحسوب وتظهر من خلاله انحيازاتها التي تقف فيها بجوار الأغنياء على حساب الفقراء.
كما أن البرنامج جوهره تقليص الدعم من الطاقة بما يرفع أسعار الكهرباء للمنازل بمتوسط 42%، وإلغاء دعمها للمصانع تمامًا، ورفع أسعار المحروقات الأخرى مما يعنى زيادة تكاليف الإنتاج، وتجميد الأجور وفرض ضريبة القيمة المضافة مما يعني خفض الدخول الحقيقية للعاملين، وتوسيع عمليات الخصخصة وهذا ليس في صالح الفقراء.
وللعلم قد يحقق هذا البرنامج بعض الإيجابيات، مثل جذب استثمارات أجنبية للبورصة نتيجة شراء أسهم شركات و بنوك القطاع العام التي ستطرح للاكتتاب بنصف الثمن بعد قرار تعويم الجنيه، وهو ما سيعزز احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي، لكن سلبيات البرنامج ستكون أكبر من الإيجابيات، لأنه سيولد موجة غلاء شديدة تؤدي إلى إفقار متزايد للطبقات الدنيا و الوسطى و يضر بالعدالة الاجتماعية.
ما هى البدائل إذن؟
اللجنة الاقتصادية لحزب التجمع أصدرت 12 بديلا كفيل بإنهاء الأزمة الاقتصادية ونقدمها كحل.
ما هى تلك البدائل والحلول؟
التركيز على دفع عجلة الإنتاج الصناعي والزراعي و تشغيل المصانع المعطلة لزيادة العرض الكلي وهو ما يتيح زيادة حجم ونوعية الصادرات، إضافة إلى عمل منظومة رقابية جادة لمحاربة الفساد، ووضع برنامج للتقشف وضغط الإنفاق على قائمة المشروعات الكبرى بتأجيل بعضها وإلغاء البعض الآخر، ومراجعة نظام دعم القمح والخبز والسلع التموينية وردع المتلاعبين بأقوات الغلابة.
كما يمكن ضبط الواردات، وضبط معاملات البورصة ووضع ضوابط لحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، إضافة لزيادة شرائح نظام الضرائب التصاعدية على الأشخاص الطبيعيين، ورفع الشريحة العليا إلى 30%وإعادة الإلزام بإقرار الثروة و إعادة العمل بالضريبة على أرباح البورصة بدلا من ضريبة القيمة المضافة، ورفع كفاءة تحصيل الضريبة العقارية و الضريبة على الأرباح الرأسمالية وفرض ضريبة على الزيادة في الثروة.
وتطبيق برنامج جاد للتقشف لتقليل الطلب الكلي، بجانب تعزيز الاستقرار النقدي وتدعيم القوة الشرائية للجنيه بوضع حد أقصى لزيادة كمية النقود، وتغيير نظام سعر الصرف بربط الجنيه بسلة عملات أخرى بدلا من الربط بالدولار فقط.
وضع سقف معلن للدين العام حماية للأجيال القادمة، ووضع نظام لضبط الأسعار بهوامش ربح عادلة، وأخيرا استعادة نظام الدورة الزراعية وإعادة بنك التنمية والائتمان الزراعي إلى وظيفته الأصلية كبنك زراعي، وتنفيذ مشروع قومي لتأهيل شبكة الصرف المغطي للأراضي الزراعية، وتعديل قانون العلاقة الإيجارية للأراضي الزراعية.
ما هى المشروعات القومية التي ترى ضرورة تأجيلها؟
يجب إلغاء مشروع العاصمة الجديدة، وتأجيل بعض المشروعات الأخرى، والتي يمكن أن توفر عشرات المليارات من الجنيهات.
تقول إن الضريبة التصاعدية أحد الحلول وكانت أولى بالتطبيق من القيمة المضافة.. لماذا؟
لأن ضريبة القيمة المضافة، هى في الأصل ضريبة مبيعات لكن بشكل أشمل وأعم، وبالتالي فإن عواقبها تنصب بشكل مباشر على السلع والخدمات وسترفع الأسعار شئنا أم أبينا، ورفع الأسعار يقع عبئه على الفئات الأقل فقرا.
أما الضريبة التصاعدية تفرض على الدخول المرتفعة وبالتالي لن تؤثر على أسعار السلع والخدمات ولن تقترب من مستوى الأمان الهامشي الذي تنعم به الطبقات الفقيرة والمتوسطة في الوقت الحالي، وهناك أيضا ضريبة على الأرباح الرأسمالية في البورصة.
لكن ضريبة أرباح البورصة فُرضت قبل ذلك وتم إلغائها بعدها بساعات؟
نعم ألغيت في اليوم الثاني لإقرارها وهذا يظهر منه انحيازات السلطة الحالية الاجتماعية والسياسية التي تحابي الأغنياء على حساب الفقراء.
لكن هناك قوى من خارج الحكومة تمتدح القرار ؟
طبيعي لأن هذه القرارات تعبر عن مصالحهم، وبالتالي هم أسعد الناس بهذا، والقرارات تعبر عن مصالح قوى الثورة المضادة بمصر، فلو قلنا أن قوى ثورة يناير انتصرت في وقت ماضي فبعد هذا القرارات الغلبة لقوى الثورة المضادة.
لكن هذه القوى تمتلك وسائل إعلام وصحف فهل سيتمكنون من إقناع الناس بهذ البرنامج؟
لا.. هناك بيت شعر قديم يقول لا يدرك الشوق إلا من يكابده، والناس يرون ما حل بهم بسبب هذه القرارت وبالتالي لن يسمعوا لأحد.
هل يمكن أن يترجم الرفض الحادث حاليا لهذه القرارات لحراك شعبي؟
حاليا يوجد مشكلة في الجسد السياسي المصري، والناس يحتاجون لمن يعبء قواهم وينظمهم في شكل مجموعات سياسية تستطيع التعبير عن نفسها، فلو تواجدت قوة منظمة تستطيع تحريك الرافضين الذين يقدرون بعشرات الملايين وقتها سيختلف الوضع، لكن حاليا المجموعات اليمينة هى من تسيطر على الإعلام وعلى صناعة القرار وتعيين الوزراء.
لكن يجب الانتباه إلى أن هذا الوضع لن يستمر ولن يدوم، لأن هذه القرارات تخلق ضحايا تزداد أعدادهم بشكل يومي تقريبا، وبالتالي يمكن الانفجار في أي وقت كما حدث في 25 يناير فالنالس لم تقصد القيام بثورة لكنهم نزلوا في مظاهرة ضد ممارسات الأمن وتطورت إلى أن وصلت لثورة.
تقصد أن الحالة الثورية التى تحققت في 25 يناير قابلة للإعادة مرة أخرى؟
بالطبع، هذا وارد ومحتمل بشكل كبير.
لكن كانت هناك دعوات في 11/1 ولم يستجب لها أحد رغم أنها حملت عنوان " ثورة الغلابة"؟
أرجوا ألا تفهم الحكومة ما حدث في 11 نوفمبر بشكل خاطئ، وأن تقرأه بصورة سياسية صحيحة وألا يعتقد القائمون على الحكم أن عدم نزول الناس للشوارع يبرهن رضى مجتمعي، هذا غير صحيح فهناك سخط مجتمعي لكن الساخطين يشككون في نوايا الداعين لـ11/11 وبالتالي قالوا "دي مش بتاعتنا" وأعتقد أن المصريين سيعبرون عن غضبهم في الوقت الذي يرونه وبالطريقة التي يرونها، لكن متى ذلك لا يمكن التنبؤء به.
برأيك هل الإصلاح في مصر سيكون تدريجي أم أن الأمر يمهد لثورة ثالثة؟
أعتقد أن موازين القوى الحالية دفعت في اتجاة معاكس لطموحات الناس، وبالتالي سيكون هناك رد فعل وفي اللحظة التي سيدرك الناس أن قدرتهم على التحمل وصلت للنهاية سيستجيب.