جدل الجمعيات اﻷهلية مستمر.. تقييد وتضييق أم رقابة صارمة

مجلس النواب المصري

لاتزال أصداء قانون الجمعيات الأهلية الجديد، الذي أقره مجلس النواب، قائمة بالشارع السياسي المصري، باعتراضات حقوقية، واتهامات بـ"أمنجة" العمل الأهلي والتضييق عليه، في الوقت الذي يدافع عنه قطاع ليس بالقليل من نواب البرلمان باعتباره يحافظ على الأمن القومي، ويضع حدا للتمويلات الأجنبية.

وزاد من الجدل حول القانون، ما قاله رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال، أثناء مناقشة القانون، بكون العديد من المعارضين له "متهمين" في القضية التي لم تفتح فيها أي تحقيقات حتى الآن، المعروفة إعلاميا بــ"250"أمن دولة؟

 

واعتبر البعض أن تصريحات عبد العال، "إرهاب" للنواب المعترضين، لقبول القانون وعدم الحديث عن سلبياته، والعوار الدستوري به، فيما هددت بعض المنظمات بالطعن عليه، بعد الانتهاء من إصداره من رئيس الجمهورية.

 

 

إرهاب وضغوط

عفيفى كامل، عضو اللجنة التشريعية بمجلس النواب، وأحد المعترضين على القانون، قال لـ"مصر العربية": "للآسف الشديد القانون به العديد من الألغام والعبارات غير المفهومة وعبارات غير دستورية"، مشيرا إلى أن القانون تم عمله على عجل، وهو ما لم يحدث من قبل في البرلمان.

وأضاف كامل، أن الانتظار لقانون الحكومة كان أفضل بكثير، حيث يضع ضوابط محددة للعمل الأهلي، وآليات تلقي التمويلات للعمل دون أي قيود، مشيرا إلى أن القانون الذي أقره المجلس به عبارات فضفاضة بشأن زعزة الأمن القومي للبلاد، دون تحديد، قائلا: "العبارات الفضافة سيئة ولها تأثيرات سلبية وستكون محطة للانتقام من أي شخص بزعم زعزة الأمن القومي".

وتابع: "الصورة الذهنية عن أي عبارات فضفاضة في أي قانون معروفة لدى أصغر محامي في مصر بأنها أمر غير دستوري ولا يجوز"، مشيرا إلى أن العقوبات أيضا فضفاضة وهذا الأمر يؤثر بالسلب على العمل الأهلي، منتقدا ما أذاعه رئيس المجلس بشأن المعترضين علي القانون بأنهم متهمين في قضية 250 أمن دولة، مؤكدا على أن هذا الأمر لا يجوز.

واتفق معه النائب إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصري الديمقراطي، مؤكدا على أنه اعترض على القانون، لكن الأغلبية من نواب دعم مصر ساعدوا على تمريره دون أي تعديلات في جلستين.

وأكد منصور لـ"مصر العربية"، على أن القانون يمكن تسميته "مقيد العمل الأهلي" وليس داعمه، مشيرا إلى أن دعم العمل الأهلي لا يجوز أن يكون بالغلق والمنع،  وهذا الأمر تقييد واضح ويسئ للدولة المصرية.

 

وأشار  إلى أن خدمات الجمعيات الأهلية كبيرة ولا يصح وقفها بسبب التعنت القانوني، قائلا: "مصالح المواطنين أهم من القانون ألف مرة".

وعن ما صدر من رئيس المجلس بشأن القضية 250 أمن دولة قال منصور: "أمر غير مقبول إطلاقا.. القضايا محلها النيابة والقضاء وليس مجلس النواب وهذا تهديد غير مقبول أبدا".

 

الرقابة مهمة

من جانبه قال عاطف مخاليف، وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب السابق: "هذا القانون ليس بالصورة السلبية الذي يحاول البعض تصديرها للرأي العام "، مشيرا إلى أنه وضع ضوابط حاكمة لمواجهة التمويلات التي كانت سببا رئيسيا في أسباب كوارث في الشارع المصري طوال الفترة الماضية، والسماح لمنظات أجنبية بالتواجد في مصر دون أي رقابة بحجة العمل الأهلي والخيري.

وأكد مخاليف لـ "مصر العربية"، على أن الوضع في مصر خلال المرحلة لا يجوز أن يكون بحالة من التسيب، والقانون لابد أن يطبق على الجميع، مشيرا إلى أن القانون أوجد لجنة لمتابعة العمل الأهلي وليس تقييده كما يردد البعض، قائلا: "اللي شغال كويس وفي مصلحة البعض مش هيخاف من القانون ده إطلاقا وفي حالة العكس هو اللي هيخاف بس".

اتفق معه النائب محمد أبو حامد، عضو مجلس النواب، مؤكدا على أن القانون يقنن العمل العمل ولا يقوم بتقييده إطلاقا، مشيرا إلى أنه يحق للجمعيات الحصول على تمويلات من جمعيات أجنبية، بشرط إخطار الجهاز المسئول عن تراخيص الجمعيات، والجهاز بدوره يستعلم عن الجمعية قبل بدء العمل أواستلام التمويل بهدف حماية مؤسسات المجتمع المدني من التورط في التعامل مع جمعيات مشبوهة.

وأكد أبو حامد لـ"مصر العربية"، على أن العمل الأهلي في مصر خلال الفترة الماضية تم اختراقة بشكل كبير ولا يجوز الصمت على التجاوزات التي تمت فيه، مشيرا إلى أن قانون الحكومة سيتم عرضه على البرلمان أيضا بعد مراجعة مجلس الدولة للقانون، وإذا كان فيه أمور إيجابية ستتم المداولة عليه مرة أخرى، قائلا: "نحن مع الأفضل للعمل الأهلي وليس مع تقييده إطلاقا".

 

وحدات محلية

 

وعلى المستوى الحقوقي، قال حافظ أبو سعدة، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، إن القانون الذي أقره مجلس النواب جعل الجمعيات الأهلية وكأنها وحدات محلية تابعة للحكومة، مع سيطرة الأجهزة الأمنية عليها بشكل كبير، وأيضا وجود وزارات في الجهاز القومي الذي أنشأ القانون ليس لها علاقة بالعمل الأهلي مثل وحدة غسيل الأموال بالبنك المركزي، والداخلية وهذا أمر مخالف للأعراف الدولية.

وأكد أبو سعدة لـ"مصر العربية": "الأمر المثير للدهشة ما ردده رئيس المجلس بأن المعترضين عليه متهمون في القضية 250 أمن دولة"، مؤكدا على أن هذه القضية تعد "إرهاب" محفوظ بالأدراج الحكومية، حيث لم يتم التحقيق فيها إطلاقا ولا أحد من المتهمين معروف، وبالتالى حديث رئيس المجلس عنها أمر مدهش.

وأبدى عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان غضبه من هذه التصريحات التي اعتبرها تهديد صريح للمعارضين، متسائلا: "أنا مش عارف بيهدد الناس ليه والله ده قانون ولازم نتقبل الرأي والرأي الآخر".

 

يشار إلى أن العديد من المنظمات الحقوقية والأحزاب السياسية أصدرت بيانات مشتركة لرفض هذا القانون، مؤكدين على أنهم بصدد إعداد مذكرة للطعن عليه بعد إقراراه من رئيس الجمهورية.

 

 

 

 

مقالات متعلقة