عميد عراقي: أمريكا تفقد خيوط معركة الموصل .. وإيران تمد قنطرة لسوريا

معركة الموصل

قال العميد الركن خليل الطائي، مستشار مركز الأمة للدراسات والتطوير للشؤون العسكرية والأمنية بالعراق، إن معركة الموصل ستكون طويلة وصعبة ودموية، لافتا إلى أنه من الممكن حسمها عسكريا لكنها لن تستقر أمنيا.

 

وأضاف العميد المتقاعد بالجيش العراقي في حوار خاص لـ"مصر العربية"، أن جميع الدلائل والمؤشرات تشير إلى أن أمريكا بصفتها من يمارس القيادة والسيطرة على حرب الموصل، تفقد خيوط المعركة تدريجيا من خلال حالة الاستنزاف الكبير التي تتعرض لها الحشود، وتجاوز خططها العسكرية للتوقيتات الموضوعة في احتلال الأهداف  علاوة على الجانب الاقتصادي المكلف لهذه الحرب، هذا من الجانب العسكري.

 

 أما عن ما سيحدث بعد أن تحسم المعركة أوضح أنه ستظهر الأطماع والخلافات التي تمكنت واشنطن من إيجاد الحلول المؤقتة لها  مثل أطماع إقليم كردستان وسلطة المنطقة الخضراء  بالاستيلاء على مساحات جغرافية جديدة.

 

 نص الحوار ..

 

 هل تزيد معركة الموصل من حالة الانقسام الطائفي في المنطقة؟

ما يحدث وسيحدث في محافظة نينوي وعاصمتها الموصل بشكل خاص يتعدى مفهوم المعركة، فهى حرب شاملة وواسعة تحمل في ثناياها الكثير من الملفات والصفحات وعلى جميع المستويات العسكرية منها والسياسية والجغرافية والتاريخية.

 

 وتشترك فيها أطراف محلية وإقليمية ودولية ونتائجها لن تكون محصورة بمساحتها الجغرافية كبقية المعارك، بل ستمتد لأبعاد خارج الإطار العسكري وستتعدى مخرجاتها حيز المعركة العسكرية إلى فضاءات إقليمية واسعة ومتعددة، فهناك مشاريع دولية وأطماع وأحقاد إقليمية ومحلية.

 

 لذلك هي حرب المشاريع والأطماع والأحقاد، وتركيبة الحشود المشاركة بالمعركة تشير إلى أن المعركة طائفية عرقية بامتياز، لذلك بالتأكيد ستترك تأثيرات طائفية كبيرة بغض النظر عن نتيجة الحرب.

 

ولماذا تثير دول إقليمية كل هذه الضجة وتبدي مخاوفها على طوائف معينة؟

سير العمليات السابقة ونتائجها تظهر جليا ما تعرض له أهل السنة من قتل وتهجير وتدمير مدنهم ابتداء من جرف الصخر مرورا بديالى وتكريت وبيجي والرمادي والفلوجة وهيت وغيرها من المدن والقرى التي تعرضت للمعارك، فجميعها طغى عليه الانتقام الطائفي الواضح.

 

 

هل تتفقون مع المخاوف التي تثار من مشاركة الحشد الشعبي في المعركة ؟

القوات الحكومية في غالبيتها من المكون الشيعي وقادتها يسيرون وفق النهج الطائفي والسلوك المليشياوي واستبدلت العقيدة العسكرية المهنية بالنهج المليشياوي الذي هدفه التدمير والقتل والتهجير، واليوم المليشيات متواجدة بصفة مؤسساتية تحت غطاء الشرطة الاتحادية التي تأتمر بأمر قاسم سليماني وهذا ما تجلى واضحا خلال معركة الفلوجة.

 

 ناهيك عن أن رئيس أركان الجيش الحالي قد صرح علنا بأنه يأمر بأمر المرجعية الدينية في النجف، وبهذا فإن الجيش والشرطة هما يسيران وفق غايات إيرانية انتقامية وتوسعية والتي تتوافق مع غايات وأهداف الفصائل المليشياوية التي تدين بالولاء لولي الفقيه في إيران .

 

ومن هنا فإن سلوك وتصرفات هذه الحشود بمختلف مسمياتها ستكون انعكاسا لعقيدة سلطة المنطقة الخضراء الطائفية والتي تستهدف أهل السنة مباشرة ودون تردد وهذا ما يصرح به علنا في الإعلام، فهم ينظرون لأهل السنة على أنهم إرهابيون ويجب اجتثاثهم وتقزيم مساحتهم الجغرافية.

 

 لذلك فإن هذه القوات ما هى إلا أدوات تتخذ مقاتلة تنظيم الدولة الإسلامية ذريعة لتنفيذ المشروع الإيراني في المنطقة من خلال التمدد شمالاً وإيجاد مناطق تماس مع تركيا وسوريا لإيصال الخط الاستراتيجي الإيراني المطلوب تأمينه من إيران ـ ديالى ـ صلاح الدين ـ الموصل ـ تلعفر ـ الأراضي السورية باتجاه البحر الأبيض المتوسط وبهذا يكون لطهران خط تماس مع تركيا وسوريا عبر العراق بعد أن أمنت تماسها بالمملكة العربية السعودية عن طريق الحوثيين.

 

 

هل تتحول الموصل لساحة قتال طائفي؟

حرب الموصل ستكون طويلة وصعبة ودموية، وإن حسمت عسكريا فإنها لن تحسم أمنيا وسيكون النصر المتحقق فيها هش وقلق، هذا إن تم حسم المعركة، فجميع الدلائل والمؤشرات تشير إلى أن أمريكا بصفتها من يمارس القيادة والسيطرة على حرب الموصل، تفقد خيوط المعركة تدريجيا من خلال حالة الاستنزاف الكبير التي تتعرض لها الحشود، وتجاوز خططها العسكرية للتوقيتات الموضوعة في احتلال الأهداف ناهيك عن الجانب الاقتصادي الملكلف لهذه الحرب، هذا من الجانب العسكري.

 

أما ماسيحصل بعد أن تحسم المعركة فستظهر الأطماع والخلافات التي تمكنت واشنطن من إيجاد الحلول المؤقتة لها وهنا نشير إلى إقليم كردستان وسلطة المنطقة الخضراء فكل منهما يريد أن يستولي على مساحات جغرافية جديدة، وهذا ماصرح به المتحدث باسم المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني بأن حدود كردستان ترسمها البشمركة في المناطق التي تسيطر عليها.

 

 بالإضافة إلى زعامات المليشيات لتحويل تلعفر ذات الأغلبية السنية إلى قضاء شيعي يلبي الطموحات الإيرانية، وعليه فنحن أمام مناطق صراع طائفي وعرقي طويل الأمد.

 

ما صحة ارتكاب الحشد الشعبي للعديد من جرائم الحرب في الموصل؟

ما حدث ويحدث في الساحة العراقية واضح للجميع فمليشيا الحشد أسست طائفيا وشعاراتها وتصريحاتها جميعها انتقامية وسجلها مليء بالجرائم التي أصبحت واضحة للجميع وعناصرها يتباهون بذلك علنا.

 

وما حدث في قرية عداية جنوب غرب الموصل ليس ببعيد عندما قامت هذه المليشات بقتل العشرات من الرجال وأسر النساء والأطفال ونقلتهم إلى جهة مجهولة، وستتكرر هذه الجرائم عدة مرات في القرى والأحياء الموصلية لأن الإرهاب أصبح نهجا وعقيدة لهذه المليشيات الطائفية.

 

 

هل تخضع فصائل الحشد الشعبي لرقابة حكومية حقيقية؟

شكليا فصائل مليشيا الحشد تتبع لرئيس الوزراء حيدر العبادي، أما فعليا فهي لديها أوامرها وخططها الخاصة بها وقرارها بيد قاسم سليماني، وسلطتها الفعلية أكبر من صلاحيات رئيس الوزراء المحصورة في التصريحات الإعلامية فقط.

 

وسير المعارك السابقة كشفت هذا جليا عندما يصرح قادة الحشد ببدء المعارك والمناطق التي سيدخلونها وغير ذلك من الفعاليات الميدانية تحدث، ومن هنا فنحن أمام قوة مليشياوية خارج سيطرة سلطة المنطقة الخضراء وبإشراف مباشر من قاسم سليماني.

 

حدثنا أكثر عن علاقة إيران بالحشد الشعبي..

إيران المتمثلة بولي الفقية هي الداعم الرئيس لهذه المليشيا وهي تعتبرها من ضمن جيش التحرير الشيعي فهي تزوده بالسلاح والأموال والتجهيزات والتدريب لتجعل منه القوة الوحيدة في العراق على غرار الحرس الثوري الإيراني وحزب الله في لبنان، وهذا الدعم والإسناد يواكبه غض الطرف من قبل واشنطن، فكلا الاحتلالين ( الأمريكي ـ الإيراني) يستهدفان السلم الأهلي والأمن المجتمعي في العراق.

 

 

هجوم كركوك.. هل يشير إلى ضعف في استراتيجية معركة الموصل؟

في حرب الموصل  كل من طرفي المعركة له استراتيجيته الخاصة به، فتنظيم الدولة الإسلامية له استراتيجية عسكرية من جزئين  أحدهما إدارة معارك تعويقية ودفاعية متنوعة ضمن جغرافية الموصل.

 

والثانية شن هجمات مباغتة خارج الجغرافية العسكرية للموصل، والذي جرى في كركوك قيام مجموعة قتالية من تنظيم الدولة الإسلامية بشن هجوم مدبّر ومباغت وفق مفهوم الهجوم للتماس ضمن صفحة الهجوم إحدى صفحات القتال في الميدان غايته ليس مسك الأرض، بل تشتيت الجهد وإضعاف المعنويات والاستنزاف وكسر روح القتال للطرف الآخر وإرباك محاور تقدمه باتجاه الموصل.

 

وهذا النوع من الهجوم يتطلب قدرات وإمكانيات قتالية وعناصر تمتلك الجرأة والضبط بالاعتماد على المعلومة الاستخبارية الدقيقة وسرية التنفيذ، ومن ثم ستحصل القوة المهاجمة على مبدأ المباغته وهو أحد أهم مبادئ الحرب في معارك المدن.

 

 السيطرة السريعة على عدد من أحياء كركوك ضمن وقت محدود وهروب القوات الأمنية والحكومية المتواجدة في المدينة يدل على عدم إمكانية هذه القوات من إدارة أي صفحة من صفحات القتال سواء في الهجوم أو الدفاع في ظل غياب الغطاء الجوي الذي توفره طائرات التحالف الدولي.

 

 

وهل ستنجح تداعيات هجوم كركوك بتحويل دفة الصراع من صراع طائفي إلى عرقي ؟

جميع الأطراف المشاركة في حرب الموصل يحاول أن يوظف هذه المعركة خدمة لمشاريعه وأطماعه، والبشمركة لديها أطماع في توسيع جغرافية الإقليم على حساب العرب، وفي هجمات كركوك أرادت الهروب من الفشل الكبير لقواتها الأمنية والعسكرية عن طريق إلصاق التهم بالنازحين بحجة الخلايا النائمة والحواضن لشن حملة تهجير واعتقال كبيرة بحق النازحين من العرب السنة.

 

لذلك لايمكن أن نصف ما حدث في كركوك بعد الهجمات بالصراع لأن الجاني فيها هو طرف واحد وهو قوات الإقليم أما النازحون فهم ضحايا لحدث لا علاقة لهم به.

 

 

وأخيراً.. هل تعتقد أن هدف معركة الموصل القضاء على داعش أم تقسيم العراق؟

 

حرب الموصل مدخلاتها مشاريع وأطماع وأحقاد ومخرجاتها تدمير وتهجير وتقسيم.

مقالات متعلقة