في مساء الثلاثاء الماضي، بثت أسرة مجدي مكين، مقطع فيديو له في مشرحة زينهم بعد ساعتين قضاهم داخل قسم شرطة الأميرية خرج منها قتيلاً نتيجة التعذيب، بحسب أسرته.
لم تكن تلك هي الحالة الوحيدة للوفاة نتيجة التعذيب خلال عام 2016 الذي بدأ بالعثور على جثة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني، مقتولاً بعد اختفائه ما يقرب من 10 أيام، وفي نفس الشهر تلقت أسرة أحمد جلال، اتصالاً لإخبارهم بالذهاب لاستلام جثة ذويهم من المشرحة بعد القبض عليه في 19 يناير من كمين شرطة بمنطقة المعادي.
حوداث القتل داخل أقسام الشرطة لم تتوقف طوال العام فوفقا للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات لقي سائق مصرعه في إبريل داخل قسم شرطة سنورس بالفيوم إثر إصابته بكدمات وكسور في مناطق متفرقة على خلفية مشادة كلامية نشبت بينه وبين ضابط وأمناء المركز تطورت بالتعدي عليه بالضرب بالعصي والشوم.
لم تقع حوادث الوفاة بالتعذيب داخل أقسام الشرطة فقط، فداخل سجن برج العرب توفي بدر شحاته، نتيجة التعذيب، بحسب شهادة أسرته بوجود أثار لتعذيب بدني على جسده بعد وضعه بالتأديب وتعرضه للضرب.
وتقدم أهله ببلاغات للنائب العام ضد إدارة سجن "برج العرب" متهمينهم بالتسبب في وفاة المعتقل جراء التعذيب الممنهج.
داخل قسم إمبابة بشهر يونيو لقي سائق توكتوك مصرعه متأثراً بإزمة قلبية إثر قيام أحد العاملين بالفسم بصفعه على وجهه، ووفقا لتحقيقات النيابة فأن الخلاف كان على أجرة التوصيل بين السائق وأحد الركاب أمام القسم.
في سبتمبر تجمهر العشرات من قرية البعيرات التابعة لمحافظة الأقصر في انتظار النيابة العامة لسماع أقوال أمناء شرطة في واقعة التعدي على شاب في قسم ثان الغردقة وتعذيبه حتي أصيب بالشلل الرباعي.
اتهم الأهالي عدد من أمناء الشرطة بتعذيبه وإحداث كسر بالنخاع الشوكي والفقرات الظهرية حتي أصيب بالشلل.
وفقا لأرشيف مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب شهد عام 2016 وقوع أكثر من 58 حالة وفاة داخل مناطق الاحتجاز كالأقسام والسجون ومعسكرات الأمن المركزي، ووقع ما يزيد عن 221 حالة تعذيب فردي داخل تلك المناطق.
قال مينا ثابت، الحقوقي بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات، إن التعذيب أصبح ممارسة روتينية لدى أجهزة الأمن، مشيرا إلى أن الأمر لم يعد مرتبطا بانتزاع اعتراف من متهم ولكنه تحول لممارسة يومية.
وأضاف ثابت في تصريحات لـ"مصر العربية"، أن هذه الممارسة كانت واضحة في مقتل مواطن بقسم الأميرية، مجدي مكين، موضحا أنه لم يكن متهماً في قضية ولكن طبقا لشهود العيان قبض عليه لمشاجرة نتجية اصطدام عربته الكارو بعربة القسم، وأخذ للقسم لـ"تأديبة".
وأشار إلى أن تلك الممارسات ليست بجديدة على ضباط الشرطة، مؤكدا أنه لا يوجد مبرر للتعذيب والحق في السلامة الجسدية موجود في كافة القوانين حتى قوانين الحرب لم تسمح لتعذيب مواطن أوالاعتداء عليه وتعرضه للإكراه المادي والمعنوي.
وأوضح أن مكين انتهى به الأمر قتيلاً ورغم ذلك صرح مصدر أمني بأن الوفاة كانت نتيجة إصابته بمرضي السكري والضغط وعدم تناوله للعلاج معلقا: "ضغط الدم لا يسبب تشوهات وآثار تعذيب على جسد الضحية"، معتبرا أن تلك الممارسات تفقد أجهزة الأمن للمصداقية، مؤكدا أنه حتى في حالة تورطه في جريمة لا يجوز تعذيبه.
وتابع أنه لا يوجد ضابط يعاقب على جريمة تعذيب وهو ما كان واضحاً بتولي لجنة حقوق الإنسان لضابط كان متهماً من قبل في قضية تعذيب، معلقا :" لا يمكن استمرار هذا الوضع أكثر من ذلك".