أخفق "اتفاق مسقط" بشأن الأزمة اليمنية في أول اختبار له، حيث شهد يوم أمس الخميس، الموعد المفترض لسريان الهدنة، استمراراً للأعمال القتالية على جبهات القتال المختلفة في اليمن.
وكان من المفترض أن يسري، وفقا للاتفاق الذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية بين الحوثيين والتحالف العربي، وقف الأعمال القتالية اعتبارا من 17 نوفمبر الجاري (الذي وافق أمس الخميس)، ليتم بعد ذلك استئناف مشاورات السلام أواخر الشهر نفسه، على أساس خارطة الطريق الأممية، وفق ما أعلنه وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري، والعُماني يوسف بن علوي، الثلاثاء الماضي.
ونظرا لغياب أي تمثيل للحكومة اليمنية عن تلك المشاورات التي جرت في العاصمة العمانية مسقط، فشلت خطة وقف إطلاق النار، ولم يطلب الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي من العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي تتزعم بلاده التحالف العربي، وقف إطلاق النار، كما جرت العادة عقب الدخول في أي هدنة إنسانية.
وفي هذا السياق، حاولت الإدارة الأمريكية احتواء موقف الحكومة اليمنية، حيث استقبل هادي في مقر إقامته المؤقت في العاصمة السعودية الرياض، "تيم ليندر كينغ" مساعد وزير الخارجية الأمريكي، و"ماثيو تولر" السفير الأمريكي في اليمن، بحسب وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ".
وذكرت الوكالة أن المسؤولين الأمريكيين اعتذروا عن التصريحات الصادرة عن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، دون توضيح تلك التصريحات.
ويرى مراقبون، أن اتفاق مسقط بات مهددا ولن يشهد تنفيذ جميع عناوينه البارزه، والتي من المفترض أن يكون آخرها، تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الحوثيون قبل نهاية العام الجاري.
وفيما يلي إطارا عن الموقف المحلية والإقليمية والدولية من اتفاق مسقط، والأسباب التي تحول دون تنفيذه:
الحوثيون
يُعتبر الحوثيون أبرز الأطراف في الاتفاق، فمن أجله سافر محمد عبد السلام، الناطق باسم جماعة الحوثي، إلى مسقط للاجتماع بكيري.
الحوثيون لم يصدروا بيانا رسميا حول موقفهم من الاتفاق، سوى ما أعلنته الخارجية العمانية بأنهم "التزموا أمامها بوقف إطلاق النار، في حال التزمت الأطراف الأخرى بذلك (الحكومة اليمنية والتحالف العربي).
ولاحقا سربت جماعة الحوثي، عبر وسائل إعلام موالية لها، وثيقة قالت أنها لمبادئ الاتفاق، منها "إلتزام الحوثيين بإرسال ممثلين عنها للمشاركة في اجتماعات لجنة التهدئة والتنسيق، التي من المفترض أن تعقد في ظهران جنوب السعودية (حسب اتفاق مسقط)".
ومن تلك المبادئ "موافقة الحوثيين على خارطة الطريق بما في ذلك التراتبية فيها (الانسحاب من صنعاء قبل تشكيل الحكومة)، التي قدمها مبعوث الأمم المتحدة الخاص باليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، كأساس للتفاوض من أجل التوصل لتسوية شاملة في اليمن، باعتبار أن تلك المحادثات ستبدأ نهاية شهر نوفمبر الجاري، وكذلك التزامهم بالعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية في مدينة صنعاء قبل نهاية العام 2016.
حزب صالح
بادر حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح الرئيس السابق علي عبدالله صالح) إلى الإعلان رسميا عن ترحيبه واستعداده لـ"التعامل الإيجابي" مع الاتفاق لوقف الحرب، رغم أن ممثليه في الوفد التفاوضي لم يتم دعوتهم لحضور اللقاءات في العاصمة العمانية.
كما اعتبر الحزب، مبادرة كيري "مشروعا مقبولا، يؤسس لصياغة اتفاق مكتمل الشروط والأركان لحل الأزمة اليمنية".
ووفقا للموقع الرسمي للحزب، فإن عارف الزوكا، الأمين العام للحزب ونائب رئيس الوفد التفاوضي، تلقى اتصالا هاتفيا من يوسف بن علوي، وزير الخارجية العماني، أبلغه بمحتوى ما تم الاتفاق عليه في مسقط، وهو ما جعل الحزب يرحب بقراراته رغم غيابه عن الحضور.
أما عسكريا، فلم يصدر أي موقف من الحزب.
الحكومة الشرعية
كانت حكومة هادي، أبرز غائب عن المشاورات والاتفاق الذي نتج عنها في مسقط، ولذلك سارع وزير الخارجية، عبد الملك المخلافي، إلى الإعلان بأن "ما جرى هناك (في مسقط) لا يعنينا".
واعتبر مراقبون أن غياب أي ممثل للحكومة اليمنية عن مشاورات مسقط، وإعلان كيري بشكل منفرد أن "الحوثيين والتحالف العربي اتفقوا على وقف إطلاق النار، واستئناف المشاورات"، بمثابة "تهميش للحكومة اليمنية"، ما دفع الإدارة الأمريكية للاعتذار لهادي في وقت لاحق.
وأشاروا إلى أنه "من المحتمل أن تغير الحكومة اليمنية موقفها من الاتفاق، بعد اعتذار كيري لها.. ويبقى اتخاذ المواقف حسب تطور الأحداث".
الأمم المتحدة
لم يكن لمنظمة الأمم المتحدة دور كبير في الاتفاق وتفاصيله، فمبعوثها الخاص الى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، غاب أيضا عن مشاورات مسقط، إلا أن كيري أعلن أن "ولد الشيخ أحمد يسانده بقوه"، والأخير بدوره قال في اليوم التالي من إعلان الاتفاق أنه "يباركه ويشكر دور سلطنة عُمان".
وكذلك لم تصدر الأمم المتحدة أي بيان رسمي تحديد فيه موعدا واضحا لوقف إطلاق النار، خاصة وأن الحكومة اليمنية لم تعط موافقتها على موضوع وقف إطلاق النار.
التحالف العربي
لم يعلن التحالف أي موقف رسمي عن موقفه من الاتفاق أو وقف إطلاق النار، حيث قال متحدث رسمي باسم التحالف، في تصريحات صحفية، أمس الخميس، إن "الحكومة اليمنية لم تطلب منا وقف إطلاق النار، ولذلك فإن عملياتنا العسكرية مستمرة".
لكن كيري قال في تصريحات صحفية أنه التقى ولي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلا أن الرياض لم تعلن عن أي لقاء جمع الرجلين معا.
ووفق تصريحات كيري فإن محمد بن سلمان ومحمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، أبرز قطبين في التحالف العربي "وافقا على المضي قدما بوقف إطلاق النار"، إلا أن الرياض وأبوظبي لم تعلنان عن أي موقف رسمي مشابه لما قاله كيري.
يشار إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أعلنت في وقت سابق دعمها الصريح لخارطة الطريق الأممية في اليمن، أبدت على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، تحفظها بشكل كبير على اتفاق مسقط، كما غابت أخبار الإعلان عن الاتفاق وتصريحات كيري، عن وكالة الأنباء الرسمية "وام".
الجامعة العربية
رحبت جامعة الدول العربية، في تصريحات لنائب أمينها العام، أحمد بن حلي، بالإعلان عن وقف لإطلاق النار في اليمن، وأشارت إلى أنها تعمل على الدفع قدما نحو التوصل لحل سياسي للأزمة الراهنة في البلاد، لكن جميع الدول العربية تحفظت على ذلك الاتفاق.
ويشهد اليمن حربًا منذ أكثر من عام بين القوات الموالية للحكومة اليمنية من جهة، ومسلحي الحوثي، وقوات الرئيس السابق، علي عبد الله صالح من جهة أخرى، مخلفة أوضاعا إنسانية صعبة.
وتشير التقديرات إلى أن 21 مليون يمني (80% من السكان) بحاجة إلى مساعدات، وأسفر النزاع عن مقتل 7 آلاف و70 شخصاً، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
وتقود السعودية منذ 26 مارس 2015، تحالفاً عربياً في اليمن ضد الحوثيين، يقول المشاركون فيه إنه جاء "استجابة لطلب الرئيس هادي بالتدخل عسكرياً لحماية اليمن وشعبه من عدوان المليشيات الحوثية، والقوات الموالية لصالح".