مستندات.. إسرائيل تعاونت مع الصرب لذبح مسلمي البوسنة

إحدى المذابح الجماعية التي ارتكبها الصرب بحق المسلمين

رفضت المحكمة العليا في إسرائيل الأسبوع الماضي قبول دعوى للكشف عن صادرات الأسلحة الإسرائيلية لدولة يوغسلافيا السابقة خلال فترة الإبادة الجماعية التي ارتكبها الصرب ضد المسلمين في البوسنة في التسعينيات من القرن الماضي.

 

ادعت المحكمة أن كشف التعاون الإسرائيلي في تلك "المذابح" من شأنه الإضرار بالعلاقات الخارجية لإسرائيل، وهو ما يتجاوز المصلحة العامة في الكشف عن المعلومات وإمكانية محاكمة المتورطين في الأمر.

 

موقع "سيحا ميكوميت" العبري المناهض للاحتلال قال إن المدعيين المحامي "إيتي ماك" والبروفيسور "يائير أورون" قدما للمحكمة سلسلة من الإثباتات والدلائل حول تصدير إسرائيل أسلحة للقوات الصربية خلال تلك الفترة، بما في ذلك قذائف وبنادق فضلا عن تدريب الصرب على استخدامها.

 

من بين الأدلة يوميات الجنرال "راتكو ملاديتش" الذي جرت محاكمته أمام محكمة الجنايات الدولية على ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية، ويشير فيها بشكل واضح إلى صفقات السلاح الضخمة بين صربيا وإسرائيل في تلك الفترة.

 

تسارعت هذه الصفقات بعد قرار مجلس الأمن الدولي بفرض حظر على تصدير السلاح على كافة مناطقة يوغوسلافيا السابقة، وبعد نشر سلسلة من الدلائل على ارتكاب الصرب عمليات إبادة جماعية وإقامة مخيمات اعتقال.

 

واعتبر الموقع أن الرد الفوري للمحكمة الإسرائيلية برفض الدعوى هو بمثابة اعتراف بالتعاون الإسرائيلي في عمليات الإبادة الجماعية، مضيفا أنه لو لم يكن هناك ما يمكن إخفاؤه، لما خشيت المحكمة من أن تتسبب الوثائق المقدمة في الإضرار بعلاقات إسرائيل الخارجية.

 

يشار إلى أنه في الفترة بين 1991 – 1995 تفككت يوغوسلافيا، وأصبحت من دولة متعددة القوميات إلى مجموعة من الشعوب التي تتقاتل فيما بينها في حرب أهلية طاحنة، ارتكبت فيها مذابح جماعية وصلت بمرور الوقت إلى عمليات إبادة.

 

شن الصرب في عامي 1991 و1992 حربا على كرواتيا، وفي الفترة بين 1992 إلى 1995 توسعت حربهم لتشمل البوسنة أيضا. وخلال تلك الحرب ارتكب الصرب في المناطق التي احتلوها عمليات إبادة جماعية وتطهير عرقي ضد المسلمين. وصل عدد الضحايا إلى نحو 250 ألف شخص. فيما أصيب الآلاف وتعرض آخرون للمجاعة، وجرى اغتصاب آلاف النساء المسلمات واعتقل الكثيرون في مخيمات الاعتقال.

 

إحدى المذابح الشهيرة ارتكبها جنود الجنرال الصربي "راتكو ملادنيتش" في محيط مدينة سربرنيتشا في يوليو 1995. قتلت القوات الصربية نحو 8000 بوسني مسلم ودفنوهم في مذبحة جماعية، في إطار عملية تطهير عرقي للمنطقة من المسلمين.

 

 

كان يفترض أن تكون المدينة تحت حماية الأمم المتحدة، لكن ومع بدأ الهجوم وقف جنود الأمم المتحدة موقف المتفرج ولم يتدخلوا لحماية المسلمين. في 2012 سُلم “ملادنيتش” للمحكمة الجنائية في لاهاي وتجرى محاكمته حاليا.

 

وبحسب الموقع الإسرائيلي :”خرجت منظمات يهودية بارزة بطلب لوقف عمليات الإبادة وإغلاق معسكرات الاعتقال. لكن إسرائيل لم تفعل ذلك. فخارجيا أدانت المذبحة، لكنها في الحقيقة زودت الجزارين بالسلاح ودربت قواتهم".

 

صواريخ إسرائيلية في سراييفو

جمع المحامي "ماك" والبروفيسور "أورون" الكثير من الشهادات والإثباتات لتجارة السلاح بين إسرائل وصربيا، بما في ذلك صفقات جرت في أوج الحظر الذي فرضته الأمم المتحدة على توريد السلاح للمنطقة في سبتمبر 1991. جُمعت هذه المعلومات من مصادر مختلفة، وأُدرجت باختصار في الدعوى التي رفضتها المحكمة الإسرائيلية.

 

في عام 1992 نشرت موظفة بارزة سابقة في وزارة الدفاع الصربية كتابا تطرقت فيه لصفقة سلاح بين إسرائيل وصربيا وُقعت بعد شهر من فرض الحظر، جاء فيه :”تم تنفيذ إحدى أكبر الصفقات في أكتوبر 1991، ولأسباب مفهومة لم تكن الصفقة مع اليهود علنية في حينها".

 

وأدلى إسرائيلي تطوع في منظمة إنسانية بالبوسنة بشهادة قال فيها :”في عام 1994 طلب مني ضابط بالأمم المتحدة تفحص بقايا قذيفة قطرها 120 ملم انفجرت في مدرج بمطار في سراييفو وكان مكتوب عليها كلمات بالعبرية". وأضاف أنه رأى في البوسنة مقاتلين صرب يحملون بنادق من نوع عوزي المصنوعة في إسرائيل.

 

في 1995 أبرم تجار سلاح إسرائيليون بالتعاون مع تجار فرنسيين صفقة لتزويد صربيا بصواريخ من نوع "لاو". وبحسب تقارير أخرى وصل إلى العاصمة الصربية بلجراد وفد من وزارة الدفاع الإسرائيلية وقع هناك على اتفاق لتزويد الصرب بالقذائف.

 

كذلك كتب الجنرال "ملادنيتش" في مذكراته :”اقترحت علينا إسرائيل مشاركتنا الصراع ضد الإسلام المتطرف. اقترحوا تدريب عناصرنا في اليونان، وتزويدنا ببنادق قنص مجانا".  

وجاء في التقرير الذي أُعد لصالح الحكومة الهولندية للتحقيق في أحداث مذبحة سربرنيتسا : اعتبرت بلجراد أن إسرائيل وروسيا واليونان أفضل أصدقائها. في خريف 1991 أبرمت صربيا صفقة سلاح سرية مع إسرائيل".

 

في 1995 ورد تجار سلاح إسرائيليون كميات كبيرة من السلاح لـ" VRS” التي تضم (جيش جمهورية صربسكا، والقوات الصربية) هذه الصفقات كانت تتطلب الحصول على موافقة الحكومة الإسرائيلية.

 

تضمنت الدعوى أيضا تقارير لناشطين حقوقيين قالوا إن قوات إسرائيلية دربت الجيش الصربي، وأن صفقات السلاح مع الصرب هي التي سمحت بخروج آمن لليهود من مدينة سراييفو المحاصرة.

 

في الوقت الذي حدث كل ذلك تحت غطاء كثيف من السرية، أبدت حكومة إسرائيل أسفها على المجازر التي يرتكبها الصرب ضد الأقلية المسلمة.

 

 

وفي شهر يوليو 1994 زار رئيس لجنة الأمن والخارجية بالكنيست آنذاك النائب "أوري أور" بلجراد وقال :”لدينا ذاكرة جيدة، وندرك أنه من الصعب العيش في ظل المقاطعة. كل قرارات الأمم المتحدة ضدنا اتخذت بأغلبية الثلثين"، وهو الموقف الذي يقدم سببا محتملا لدعم إسرائيل لعمليات الإبادة الصربية ضد مسلمي البوسنة والهرسك.

 

في نفس العام استدعى نائب الرئيس الأمريكي آنذاك "آل جور" السفير الإسرائيلي وحذره من استمرار إسرائيل في التعاون مع الصرب.

 

بالمناسبة، في عام 2013 لم يكن لدى إسرائيل مشكلة في تسليم "هرتسيجوفينا" للبوسنة، وهو مواطن إسرائيلي هاجر قبل ذلك بسبع سنوات وكان مطلوبا بتهمة التورط في إحدى المذابح التي شهدتها البوسنة عام 1995.

 

الخبر من المصدر..  

 

 

 

مقالات متعلقة