في يومهم العالمي.. أطفال غزة المحاصرون يكافحون لكسب قوتهم

طفل فلسطيني يعمل في جمع الأسماك

في الوقت الذي يحتفل فيه العالم باليوم العالمي للطفل الذي يصادف اليوم الأحد، ينشغل الطفل "فايز المدهون"، من قطاع غزة، بمساعدة والده في جمع الأسماك من الشباك. وبعد أكثر من 15 ساعة قضاها المدهون البالغ من العمر 13 عاما، في عرض البحر، بدا واضحا شعوره بالبرد الشديد. يقول الطفل للأناضول وهو يغطي يديه المبللتين بمياه البحر بسترته الصوفية:" أنا هان عشان أساعد أبويا الحياة صعبة". ويجهل "المدهون" وجود يوم عالمي يعنى بالطفل، قائلاً:" شو يعني يوم طفولة؟ ما بنحتفل فيه". ويساعد الطفل والده في رحلة الصيد، لتوفير لقمة العيش، للعائلة المكونة من ثمانية أفراد. وأجبر تردي الأوضاع الاقتصادية، "فايز"، على ترك مقعده الدراسي منذ حوالي 3 سنوات، والنزول للعمل مع والده.

 

المدهون"، واحد من بين مئات الأطفال الذين يرافقون آبائهم في رحلة صيد، يقولون إن العائد منها لا يكاد يكفي لتلبية الاحتياجات الأساسية للأسر. ويعمل نحو 4 آلاف فلسطيني، في مهنة صيد الأسماك، ويعيلون نحو 50 ألف نسمة بحسب نقابة الصيادين. وكثيرا من يتعرض الأطفال خلال مرافقة آبائهم، لخطر الزوارق الإسرائيلية التي تطلق نيرانها بشكل متكرر تجاه الصيادين، وفق النقابة. وعلى بعد عدة كيلومترات من شاطئ البحر، ووسط شارع عمر المختار، الذي يتوسط مدينة غزة، يعمل الطفل سامر (13 عاما)، الذي اكتفى باسمه الأول، في بيع المناديل الورقية، بالقرب من إشارات المرور. يقول "سامر" للأناضول إنه يعتبر نفسه رب الأسرة بعد وفاة والده. ويضيف:" شو نعمل، لازم  نشتغل، أنا تركت المدرسة، بعد أبويا ما مات، بدي أساعد أمي ونجيب  أكل لإخواتي الستة". ويتمنى "سامر" أن يترك هذه المهنة الخطرة، وأن يعود للمدرسة، وأن يعيش حياة هانئة بسلام، على حدّ قوله. ويُعتبر عمل الأطفال مخالفا لحقوق الطفل التي نص عليها إعلان جنيف لعام 1924، والإعلان الذي اعتمدته الجمعية العامة، وقوانين العمل الفلسطينية. وتفرض إسرائيل حصارًا على قطاع غزة، منذ نجاح حركة حماس في الانتخابات التشريعية في يناير 2006، وشدّدته في منتصف يونيو 2007.

 

وبحسب منظمات دولية، تسبب الحصار بارتفاع كبير في نسب الفقر والبطالة في القطاع.

 

ويمثل تاريخ 20 نوفمبر، اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة إعلان حقوق الطفل عام 1959 واتفاقية حقوقه في عام 1989. واقترحت الجمعية على الحكومات الاحتفال بذلك اليوم في التاريخ الذي تراه كل منها مناسبا، بوصفه يوماً عالمياً للتآخي والتفاهم بين أطفال العالم. إذ أن الكثير من الدول اختارت الـ20 من نوفمبر للاحتفاء بالمناسبة. من جانبه، يعمل الطفل "يوسف الشنتف" (11 عاماً)، أجيراً عند بائع خضار في أحد أسواق مدينة غزة.

ويشير إلى أن والده وشقيقه الأصغر، استشهد على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الأخيرة (2014)، وهو ما اضطره للنزول لسوق العمل، وترك المدرسة.

 

ويتحدث "أعمل هنا لأكثر من 9 ساعات واقفاً على قدمي". ويحصل "الشنتف" في نهاية اليوم على أجر لا يتجاوز الـ(15 شيكلاً)، أي ما يعادل (4 دولار أمريكي)، كما يقول.

 

ويلفت إلى أن عائلته المكوّنة من 3 أفراد تعيش وضعاً اقتصادياً سيئاً، وتعتمد في توفير مستلزمات معيشتها على المساعدات الإنسانية التي تقدّمها الجمعيات الخيرية. وكغيره من الأطفال، يجهل "الشنتف" وجود يوم دولي، خاص بالأطفال، ويتساءل "ماذا يعني هذا اليوم لطفل مثلي يعمل في الأسواق، وفقد والده وأخيه". وبعد مرور عامين على انتهاء الحرب التي شنّتها إسرائيل على قطاع غزة، يقول مختصون إن آثارها لا تزال تنعكس سلبياً على كافة الفئات العمرية، سيّما فئة الأطفال. وتقول والدة الطفلة، "سارة عنان"، البالغة من العمر، 5 أعوام، للأناضول إن ابنتها تصرخ كلما سمعت تحليق للطيران الإسرائيلي في سماء غزة.  

وتتابع: "الخوف لا يفارق صغاري (4 أبناء)، خاصة سارة التي لا يتوقف صراخها، في حال سمعت الطيران". وفي شهر سبتمبر الماضي قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن واحدا من بين كل 4 أطفال في قطاع غزة لا يزال يحتاج دعما نفسيا واجتماعيا جراء ما خلفته الحرب الأخيرة على القطاع في صيف العام 2014. وفي ذات السياق، قال المفوض العام لوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، بيير كرينبول، في اجتماع اللجنة الاستشارية للأونروا، يوم 15 نوفمبر:" في غزة الأطفال الذين يبلغون التاسعة من العمر قد عاشوا ثلاث نزاعات عنيفة جدا على مدار السنوات الثماني الماضية فقط". ومن جانبه، قال بو شاك، مدير عام عمليات "أونروا" في قطاع غزة، في مقال كتبها، ووصلت الأناضول نسخة منه:" في أوساط الأطفال اللاجئين الفلسطينيين، تقدر الأونروا وجود 30 في المائة على الأقل منهم، بحاجة إلى تدخلات نفسية اجتماعية منظمة". وذكر أن أكثر الأمراض النفسية "شيوعاً" التي أصيب بها أطفال غزة، نتيجة الحروب المتكررة، تتمثل في "الكوابيس، اضطرابات الأكل، والخوف الشديد، والتبول اللا إرادي". وشهد قطاع غزة المحاصر ثلاث حروب شنتها إسرائيل بين العامين 2008 و2014 كان أعنفها الحرب الأخيرة قبل عامين والتي أدت إلى استشهاد 2323 فلسطينيًا، بينهم 578 طفلاً، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية. وقالت منظمة "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان"، (مركزها جنيف بسويسرا)، في إحصائية لها، إن 40% من سكان قطاع غزة البالغ عددهم (1.95 مليون نسمة) يقعون تحت خط الفقر، فيما يتلقى 80% منهم مساعدات إغاثية. ووفق المرصد، فإن "6 من كل 10 عائلات في قطاع غزة تعاني من انعدام الأمن الغذائي، منها 27% انعدام حاد، و16% انعدام متوسط، و14% نقص في الأمن الغذائي".

 

في 20 من شهر نوفمبر من كل عام، يحتفل الأطفال في كل الدول العربية والأوروبية بيومهم "العالمي"، الذي يوافق تاريخ التوقيع على الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل في 20 نوفمبر عام 1989 من قبل 191 دولة.

مقالات متعلقة