مرضى السكري.. المرمطة على نفقة الدولة

مرضي بمعهد علاج أمراض السكر بالقاهرة

على هامش الممر المؤدي إلى حجرة الكشف  بالمعهد القومي لعلاج مرضى السكري ،كان أحمد حسن،45عاماً، يقف مسندا ظهره على الحائط، وبجواره والدته المسنة التى لم يجد لها مقعداً في الاستراحة الخارجية، ولم تسعفها آلام القدم في الجلوس على الأرض كما فعلت بعض النسوة كبار السن الذين حضروا منذ الصباح.

 

مقاعد المعهد القومي لعلاج مرض السكري والغدد الصماء لم يعد بها أماكن فارغة، بينما حجرة تلقي طلبات صرف الأدوية للمشتركين في العلاج الذى تصرفه وزارة الصحة لمنتفعي برنامج العلاج على نفقة الدولة لم يعد به أى منفذ.

 

تسببت الأزمة الاقتصادية الأخيرة والإجراءات التي أقدمت عليها حكومة المهندس شريف إسماعيل بتحرير سعر الصرف لنقص الأدوية خصوصا علاجات السكري والسرطان والكلي، إلا أن المعاناة تتضاعف هنا  أمام نافذة الصرف الحكومية.

 

وقبل أيام دشن عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج "صيدلية تويتر"، على موقع التدوينات المصغرة تويتر، وانتقل إلى "فيس بوك" في محاولة لتوفير الأدوية التى تعالج الأمراض المزمنة من خلال جمعها في هيئة تبرعات بعد وجود نقص شديد في كميات هذه الأدوية بالصيدليات والمنافذ الحكومية. إلا أن هذه الحملات لم تصل لمنتفعي العلاج على نفقة الدولة بحسب أحمد حسن.

 

نحيب العجائز وتأففهن يفرض نفسه على المشهد المكتظ بالمرضى، اللآئي افترش بعضهن الأرض وأخريات قررن الصمود طمعا في الانتهاء من المهمة الإجبارية. 

 

 

ربما كان ذلك سببا ﻷن يبتعد حسن بوالدته عن الزحام ليبدأ في سرد معاناته الشهرية مع عملية صرف العلاج من المعهد.

 

حسن الذى يعمل "منجد" مصاب بالسكر منذ سنوات هو وشيقيته وأمه " البيت كله عنده سكر تقريبا" اضطروا لعمل اشتراك في منحة الحكومة لصرف أدوية مرض السكري على نفقة الدولة، إلا أن أسعار الأدوية زادت من المعاناة الشهرية التى يتكبدها الرجل وأسرته.

يقول حسن إن الحصة التى كان يصرفها هو وشقيقته قُلصت فاستبدل الأنسولين المستورد بمنتج محلي بحسب وصفه.

 

 

المنتج المحلي يتسبب في أضرار صحية لحسن وشقيقته، ﻷنه لايعطى نفس المفعول، كما أن والدته كان يصرف لها أدوية لعلاج "تنميل" الأطراف ومنذ شهر توقف.

 

لكن المعاناة الأكبر التى يتكبدها حسن شهريا هي دائرة تخليص الاجراءات، فبعد خمس ساعات انتظار قضاها بالمركز تمكن من إجراء تحليل سكر لكنه ينتظر تحديد طبيب معالج لعرض التحليل عليه، ومن ثم الحصول على إذن صرف.

 

“ دا مش علاج على نفقة الدولة دي مرمطة برعاية الدولة" هكذا يصف محمود حسان 55 عاما رحلته الشهرية مع صرف مستحقاته من العلاج، فالجميع معرض للإغماء أو الدخول في غيبوبة سكر بسبب الزحام والانتظار.

 

 

يقول الرجل الخمسينى إنه ينتظر أن يحصل على اسم طبيب يوقع عليه الكشف حتى يتمكن من صرف علاجه، وربما لا يسعفه اليوم لذلك ﻷنه من الوارد أن ينتهى دوام الموظفين وبالتالي عليه الحضور مرة أخري في الغد.

 

لكن سناء محمد 40 عاما، مريضة بالسكر تقول إن حصتها من الأنسولين تقلصت هذه المرة وقال لها الموظف بعد سؤالها عن سبب نقص الأدوية إن رصيدها الذى حددته الدولة لا يكفي.

 

وتضيف أن الدولة حددت لها 150جنيها شهريا لصرف علاج السكر، إلا أنها لا تحصل حاليا إلا على عبوتين أنسولين فقط ومنعت أدوية الفيتمانات وعلاج الأعصاب وتضطر لشرئها من الخارج.

 

وبحسب الدكتور حسن ناجي، رئيس الإدارة العامة للمجالس الطبية المتخصصة، فإنه صدر مليون و40 ألف قرار علاج على نفقة الدولة منذ بداية 2015الماضي فقط.

 

“هو علشان مجاني يكدرونى" كانت الجملة السابقة هي ما صرخ بها محمود أحمد، أثناء جلوسه باستراحة قسم الجراحة بمعهد علاج السكر وبجواره شقيقه محمود الذى يعاني من ألم في أصابع قدمه اليسري ولم يجد مكانا للجلوس فقرر النوم على البلاط.

 

محمود الذى يعمل سائقا على سيارة أجرة بالجيزة كان ضحية لطبيب بمستشفي أم المصريين لم يكتشف المرض منذ البداية وأبلغ شقيقه أن التورم الحاصل بالقدم مجرد كدمة ولن يضار شقيقه، إلا أنه كل الأدوية لم تنفع ولم توقف الألم.

 

بعدها قرر محمد الذهاب بشقيقه لمعهد السكر وأبلغه الأطباء أنه لا مفر من بتر إصبعين من القدم اليسري ﻷنهما تلفا بسبب إهماله في تناول علاج السكري.

 

محمود الذى افترش الأرض واضعا قميصه تحت رأسه كان يحمل رقم 55 بين المرضى المفترض عرضهم على طبيب الجراحة ليحدد له موعد لاجراء العملية.

 

مقالات متعلقة