يعيش الإنسان فى وطن يجمع به الذكريات الحلوة والمرة، مع أصدقائه وأسرته، يترك فى كل مكان حدثا معينا من الحزن والضحك والمرح والجنون والمشاعر كل هذه الأشياء تعتبر بداية لبناء جبل يُثبت أقدامه ولا يستطيع أن يتم اقتلاعها، ولكن فى الفيلم الصيني للمخرج "جيا" قد تنتقل الجبال.
فتم عرض الفيلم الصينى "قد تنتقل الجبال" مساء أمس ضمن فعاليات الدورة الـ38 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، تكريما للمخرج الصيني، الذي منحته إدارة المهرجان جائزة فاتن حمامة للتميز، وتدور أحداث " قد تنتقل الجبال " في ١٣١ دقيقة، عن حياة "تاو" والمقربين منها، والتي يتم اكتشافها من خلال ٣ مراحل زمنية مختلفة، هي: ١٩٩٩، ٢٠١٤ و ٢٠٢٥.
في 1999 يحكي الفيلم عن "تاو" وعلاقتها بصديقين أحدهما رجل أعمال غني والآخر فقير، يصطدمان ببعضهما بسبب حبهما لها، ويكون عليها أن تختار بينهما، تحسم قرارها باختيار من تحب رجل الأعمال، ويتفقان على الزواج وينتهي هذا الجزء بزواجهما وإنجاب طفلهما "دولار". رغم الصدام الحاصل بين الصديقين على الفوز بقلب "تاو" إلا أن أحداث هذا الجزء بدت جافة ومملة إلى حد كبير، وركز المخرج فيه على الكادرات القريبة. يتناول العمل حالة انفصال "تاو" عن زوجها، وفضلت أن تترك معه ابنهما بعد انتقاله للعيش في مدينة أخرى، لأنه الأقدر ماديًا على تأمين حياته، وإلحاقه بمدارس تقوي لغته الإنجليزية، تركت هذه المشاهد أثرا فى نفوس المشاهد إن لم تكن الأفضل فى الفيلم على الإطلاق.
وتقع أحداث المرحلة الأخيرة من الفيلم حول المستقبل القريب، فهو اختيار ذكي من المخرج الذي أراد به التعبير عن الغربة التي اختار أن يعيشها بعض الصينيين، بعد اتخاذهم قرار الهجرة، حتى وإن كانوا في البداية لا يشعرون بحجم الكارثة التي يعيشونها، وهو ما يتضح من خلال شخصية طليق "تاو"، والذي تنازل عن ذكرياته في وطنه الصين، ووضع كل ماضيه خلف ظهره، وقرر الهجرة إلى استراليا، رغم استقرار حياته الاقتصادية إلا أنه يلهث وراء المال، فيغير اسمه إلى اسم إنجليزي "بيتر"، ويمحي متعمدا جذوره الصينية، للدرجة التي لا يستطيع فيها التواصل مع ابنه بلغتهما الأم التي يجهلها الابن.
هجرة الشباب الصينيين إلى دول أخرى بحثًا عن حياة أفضل، وما تحدثه التغيرات الاقتصادية من تأثيرات اجتماعية وثقافية، قضايا تشغل المخرج جيا زانجكي، وسبق واقترب منها في فيلمه "لمسة الخطيئة"، ليدق ناقوس الخطر، علّ الحكومة الصينية تنتبه، ولكنها لا تفضل هذه النوعية من الأفلام التي تنتمي للسينما الواقعية، وترفض كل ما يلقي الضوء على سلبيات المجتمع على حد قوله.