"كل من يزيد راتبه الشهري عن 1500 جنيه ومعاشه عن 1200 جنيه لن يستطيع استخراج البطاقة التموينية في الوقت الحالي، التصريح السابق قاله أحمد كمال معاون وزير التموين، لترد بعدها الوزراة بأنها لن ترفع الدعم عمن يتقاضى هذه الرواتب.
لكن تصريحات المسؤول الحكومي ونفيها بعد ساعات في بيان رسمي فسرها خبراء واقتصاديون بأنها ربما تكون مقدمة لتقليص برامج الدعم الاجتماعي التى تقدمها الحكومة، وعلى رأسها الدعم الموجه للسلع.
معاون وزير التموين فسر تصريحاته التى قالها في لقاء على فضائية "سكاى نيوز" بأن الهدف من عدم حصول من يبلغ راتبه الـ1500 جنيه على بطاقة تموينية، هو إيصال الدعم لمستحقيه، وإدخال فئات جديدة لمنظومة الدعم التمويني.
ولفت المسؤول الحكومي إلى أن وزارته وضعت خطة لزيادة قيمة الدعم للفرد في البطاقة التموينية من 18 جنيهًا إلى 21 جنيهًا بداية من الشهر المقبل.
يفسر الدكتور زهدي الشامي نائب رئيس حزب التحالف الشعبي والخبير الاقتصادي تصريحات الوزراة بأنها غير مفهومة ﻷنها خرجت ثم نفيت بعدها بساعات، ويرجعها لاحتمالية أن تكون جس نبض، أو بلونة اختبار على حد قوله.
ويقول الشامي لـ"مصر العربية" إن مضمون التصريحات يحمل نوايا حكومية بالسير في اتجاه إلغاء الدعم عن السلع نهائيا، ﻷنه لو صدق التوجه الذى أعلنه معاون الوزير بعدم حصول من يتقاضي 1500جنيه أو من يحصل على معاش 1200جنيه على بطاقة تموينية فهذا يعني الإلغاء.
ويشير إلى أن المبلغ سالف الذكر هو نفسه ما سبق تحديده كحد أدني للإجور في وقت سابق بحكم قضائي وبالتالي فإن من يحصل على الحد الأدني من الدخل لن تشملهم مظلة الحماية الاجتماعية، وهو ما يعنى زيادة في الأعباء المحملة على كواهل الفقراء والشريحة الأوسع من الطبقة المتوسطة.
وبخصوص الحديث عن دعم نقدي رفعته الحكومة من 18 جنيها للفرد إلى 21 جنيها يري الشامي أن هذه الزيادة لا تثمن ولا تغني من جوع بالنسبة للفقراء ﻷن الأسعار ارتفعت بعد تحرير سعر الصرف مطلع نوفمبر الجاري 40% وهذه الزيادة تمثل 15% وبالتالي هناك تفاوت جنوني بين الرقمين.
ويلفت الشامي إلى أن هذه الاجراءات تندرج ضمن تنفيذ ما اشترطته الحكومة المصرية على نفسها للحصول على قرض صندوق النقد الدولي والذى وافق على تسليم القاهرة الدفعة الأولي منه بقيمة 2.75 مليار دولار أمريكي قبل أيام، من أصل 12 مليار تتسلمها الحكومة المصرية على مدى 3 سنوات.
ويقول الشامي إن الحكومة المصرية لم تعلن عن خطاب النوايا الذى تقدمت به للصندوق وأخفت الاجراءات بشكل اجرامي على حد وصفه ومخالف للدستور وحرمت الرأى العام من الاطلاع على الاشتراطات التى تعهدت بها للصندوق حتى لم تعرض شروط القرض على البرلمان.
ويضيف أن الحكومة تتهرب من أى مناقشة صريحة مع الرأي العام، مشيرا إلى أن الاجراءات الأخيرة ستكون لها تأثيرات سلبية واسعة على المصريين ربما نحن في بدايتها فهنا زيادة متوقعة في الأسعار مسقبلا إضافة إلى رفع باقي الدعم، وتسريح الموظفين الحكوميين.
ويؤيد حسين عبدالرازق القيادي بحزب التجمع رؤية الشامى، قائلا إنه من الواضح أن القائمين على الحكم ينحازون بشكل مباشر لمجموعات رجال الأعمال والرأسمالية المصرية غير المنتجة القائمة على التجارة والخدمات والسمسرة.
ويضيف لـ"مصر العربية" أنه رغم الخطاب العاطفي الذى تصدره السلطة لجذب الفقراء لصفها إلا أن قراراتها تبدو مغايرة لذلك تماما، ولا تضع هذه القرارات الفقراء والطبقة المتوسطة في الحسبان.
ويوضح أن الإجراءات الاقتصادية الحالية ستزيد من معاناة المصريين وستنخفض قيمة العملة الوطنية مستقبلا أكثر مما وصلت إليه حاليا، وسنشهد انخفاض في مستوى المعيشة على كل المستويات.
و يؤكد عبدالرازق أن الوضع الاقتصادي الحالي سيزيد من حالة الاحتقان السياسي القائم بالفعل.
ووصل سعر الدولار في البنوك ظهر اليوم الجمعة 17.795 جنيها للبيع فيما سجل سعر الشراء17.415 في بنك مصر ، يأتى ذلك بعدما أقدم البنك المركزي على تحرير سعر الصرف في الثالث من نوفمبر الجاري .
وأقدمت الحكومة على زيادة المحروقات في مساء نفس اليوم وهو ما ترتب عليه زيادة في معظم السلع والخدمات بنحو 7.1% و87.5%، ورفع أسعار الفائدة (300 نقطة أساس)، في خطوات تهدف إلى استعادة التوازن في أسواق العملة.
وفي مؤتمر صحفي سابق لرئيس الوزراء شريف إسماعيل، أكد أن الحكومة كانت تخطط لرفع الدعم عن الطاقة خلال 5 سنوات، "لكن هذه الفترة لا تحتمل تأجيل القرارات، رفاهية التأجيل غير متاحة".
وأضاف إسماعيل أن الحكومة كانت تنفق نحو 210 مليار جنيه على الدعم، مؤكدا أن الحكومة ستتخذ قرارات أخرى لصالح الاستثمار والمواطن.
وبدأت الحكومة أولى خطوات خطة خفض الدعم في العام المالي 2014-2015، الذي رفعت فيه أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعي والكهرباء والمازوت بنسبة وصلت إلى 78%، وهو ما خفض مخصصات دعم الطاقة في ميزانية البلاد للعام المالي 2014-2015، من 104 مليارات جنيه إلى 73.9 مليار جنيه.
بدوره، قال وزير المالية، عمرو الجارحي، في المؤتمر، إن فاتورة دعم السلع التموينية ستزيد إلى 49 مليار جنيه في السنة المالية الحالية، وذلك بعد قرار "زيادة الدعم من 18 إلى 21 جنيها للفرد" بداية من الشهر المقبل.
ويدخل حوالي 71 مليون مواطن ضمن مظلة الدعم من خلال 21 مليون بطاقة تموينية. وتخصص الحكومة 18 جنيها شهريا لكل مواطن مقيد في البطاقات التموينية لشراء السلع.