كان توفيق الحكيم ـ حسب كلامه ـ يرى أن : " دوره في حركة التنوير (نشر ثقافة الكولونيالزم ) هو "الفن" مكملاً بذلك دور طه حسين "الجامعي" ودور "الكتاب" للعقاد في "المطالعات". كان الرجل فقير الموهبة بشهادة رعاته، فراح يفضح عورات ذاته؛ ففي روايته بعنوان "عودة الروح" وبدون داع درامي راح يحدثنا عن عالمة الأفراح الأسطي " لبيبة شخلع "، ودوره في تختها كحامل للصاجات!!، وقبلاتها وأحضانها، .. وفي كتابه "مصر بين عصرين" يهدي قصة من كتابه إلى الأسطى "حميدة الاسكندرانية" التي علمته الفن، ونحن لا نعرف أي فن تعلمه توفيق الحكيم من حميدة الاسكندرانية سوى بعض كلمات "الجناس التصحيفي" بإبدال مواضع حروف الكلمات المستخدمة في اللغة الدارجة كنوع من لغة "السيم" التي تتداولها حِرَف بعينها مثل كار العوالم اللائي يطلقن عليها "لغة الصهلولة"، واللصوص وبعض المهن الأخري كصاغة الذهب، وصانعوا النحاس، ومحصلي الأموال الخاصة والأميرية كشكل من أشكال الـ "شيفرة" التي تحميهم من الدخلاء، والمنحرفين، والمتربصين بهم شراً!! لم يدرس توفيق الحكيم أي نوع من أنواع الفنون فقد ذهب إلى باريس في عام 1923 لدراسة القانون فلم يحظى منها بشئ وراح يتسكع في شوارع باريس وكل ما حصل عليه كورس في الكولدج دي فرانس وهي هيئة تثقفية لا تمنح شهادة وكل مهمتها تأهيل العناصر "الناقلة للعدوى" للإساءة إلى ثقافة بلادها والطعن في دينها ، يقول الحكيم : " معهد كوليج دي فرانس، معهد خارج نطاق الجامعة، والدراسة في هذا المعهد تشغل كل مجالات المعرفة الإنسانية، والمحاضرات مفتوحة للجميع، ولا يعقد فيها أى امتحان، فهي دراسة تكميلية تطلب لذاتها ولكل طالب ثقافة . ولكون التوظيف يغلب على الإبداع جاءت رواياته أقرب إلى تقرير حكومي عن وقائع بعينها، وجاءت مسرحياته محكاة لـ "بدعة السيريالية" والتى اسماها الحكيم بـ " مسرح اللا معقول" في أوربا يقول الحكيم: "شاهدت بنفسي مولد السريالية وثورتها ضد المنطق العقلي، وكان زعماؤها من الشباب المقترب منا وقتئذ في السن"، وكان هذا من أهم أسباب انصراف الجمهور عنها، وقد اعترف الحكيم بذلك بقوله عن رواياته: "بيقولوا إنه ليس لها نبض الجماهير" ، وينهي الحكيم شهاته بقوله: "اكتشفت أنني ضيعت حياتي في كتب كان يخيل لي أن لها قيمة". كتب الحكيم في "عودة الروح": "أن مصر تحتاج دائما لمعبود من بينها.. الكل في واحد"، كان يقصد آنذاك الزعيم سعد زغلول، فلما وقع انقلاب 23 يوليو 1952 قال أنه كان يقصد بتلك المقولة التنبأ بالانقلاب الذي اسماه "ثورة"، وهو كلام ينطوي على شبهة الدجل السياسي!!، والحقيقة أن الكثير من كلام الحكيم يحمل في طياته إخفاء حقيقة الزعيم سعد زغلول أستاذ أعظم المحفل الماسوني، فلم يكن سعد زغلول وشقيقه فتحي زغلول سوى اكتشاف الفراز الماسوني جمال الدين الأفغاني الذي عهد بهما إلى تلميذه محمد عبده ليتولى إعدادهما للدور الذي قاما به، يقول مصطفى أمين عن سعد زغلول:" نشرت الصحف في حياة سعد زغلول أنه لم يكن من تلاميذ الشيخ محمد عبده، وإنما كان خادماً عنده. وكان يمشي حافياً في الطرقات، يحمل فانوساً في حواري الحسين ليضئ الطريق للشيخ محمد عبده. وكتب الأستاذ أحمد فؤاد رئيس تحرير مجلة " الصاعقة الأسبوعية" مقالاً هاجم فيه سعد زغلول وطعن في رجولته؛ فذكر قصة اعتداء جنسي عليه عندما كان ينام في صحن الأزهر لأنه ليس له بيت يؤويه. كان سعد زغلول سكيراً مقامراً، وقد روى مصطفى أمين ( سبطه بالتبني ) عن سلوكيات تفتقد الذوق السليم يقول مصطفى أمين: " كان من عادات سعد زغلول أن يقرأ الصحف والمجلات في دورة المياه؛ فكان يقضي كل يوم ساعة في هذا المكان يقرأ كل ما يكتب عنه، وكان يضع بجوار التواليت رفاً من الخشب تتكدس فوقه الصحف، والمجلات، ولا يخرج من التواليت إلا بعد أن يكون انتهى من قراءة كل ما يكتب ضده من شتائم وسباب ! .. اعتاد سعد أن يقرأ في التواليت الصحف المؤيدة والمعارضة على حد سواء" قصة زواج المحامي سعد زغلول من صفية مصطفى فهمي ابنه التركي المتغطرس والمشير العثماني مصطفى باشا فهمى تحوطها الكثير من علامات الاستفهام، وخاصة أن الدنيا قامت ولم تقعد لزواج الشيخ على يوسف الغازيتى ( الجورنالجى ) من بنت أحد المشايخ .. كانت مهنة المحاماة محتقرة آنذاك شأنها في ذلك شأن مهنة الصحافة؟! وقد كشفت بطاقة الدعوة بما حوته من تناقض عن الكثير من ظروف تلك الزيجة التي تكتم الجميع الكثير من خفاياها!!؛ فالتناقض بين الجزء المطبوع والجزء المخطوط بقلم والد العروس رئيس مجلس النظار والممهور بخاتمه .. الجزء المطبوع يتحدث بصيغة الماضي والمخطوط يتحدث بصيغة المستقبل!! تحدث البعض همساً عن حكاية تبني سعد زغلول لرتيبة، كانت الشائعات آنذاك تقول أن : " رتيبة ابنة صفية مصطفي فهمي الشهيرة بـ " صفية زغلول " لحماً ودماً من علاقة جمعت بينها وبين النبيل داود صبري، وقدر أرتآى مصطفي باشا فهمي لتفادي الفضيحة إرسالها إلى أقاربه في دمياط حتى تضع مولودها مع تكليف أعوانه بإشاعة أنه أرسلها إلى إيطاليا للتعلم !! .. حتي يتم تدبير أمر زواجها". وهو تبرير يبدو مقبول لقبول الزواج من محامي فلاح سيس خرسيس ـ طبقاً للصلف التركي ـ ، ويكشف لنا أننا أمام صورة لرجل صنعته "الدعاية". وعندما وقع انقلاب 23 يوليو 1952، ادعي الحكيم أنه تنبأ به في روايته "عودة الروح"، وراح يطلق على الرئيس جمال عبد الناصر لقب "عودة الروح بالنسبة لمصر"، وراح يكيل له من الثناء الكثير، ويجني الكثير من المكاسب؛ فعندما أرادت دار الكتب فصله لكونه موظف غير منتج أعاده الرئيس عبد الناصر، وعندما تعرض بعض النقاد لأعماله منحه الرئيس عبد الناصر وسام الجمهورية، وكان الوسام رسالة للجميع ليبتلعوا ألسنتهم وغمسوا أقلامهم في مداد الخرس!!، وبعد وفاة الرئيس عبد الناصر باغت الحكيم قرائه بكتيب بعنوان : "عودة الوعي" قال فيه أن الرئيس عبد الناصر قد خدعنا فسرنا خلفه معصوبي الأعين .. مسلوبي الإرادة .. منومين حتى صحونا على الكارثة التي أعادت لنا الوعي!! كانت الملاحظة الرئيسة على كتيب "عودة الوعي" هي أي وعي هذا الذي فقده صاحبه طوال عشرين عاما ؟!، وما هي بواعث "عودة" ذلك "الوعي" الذي ظل صاحب الوعي المفقود يمتدح الرجل الذي أفقده وعيه!! كان كتيب "عودة الوعي " ضمن مسلسل للهجوم على رجل ميت بدأ بمقال لمحمد حسنين هيكل نشر بجريدة "الأهرام" في يوم ذكرى الأربعين لوفاة الرئيس عبد الناصر بعنوان : "عبد الناصر ليس أسطورة"، وتبعه مقال لثروت أباظة بمجلة "الإذاعة والتليفزيون" بعنوان : "في أى شئ صدق ؟!". ثم أتبع الحكيم "عودة الوعي" بكتيب آخر بعنوان: "وثائق في طريق عودة الوعي" لم يحتوي على وثيقة بل سرد لمشكلة شخصية أوقعه فيها محمد حسنين هيكل وسكرتيرته نوال المحلاوي؛ فقد تم تعيين محمد حسنين هيكل وزيرا للإرشاد، لم يكن محمد حسنين هيكل راغباً في تولي المنصب لأنه يرى نفسه أكبر منه خاصة أن كان يجد متعته في إذلال الوزراء وجعلهم ينتظرون الساعات في مكتب سكرتيرته حتى يتكرم عليهم باللقاء؛ .. ولم يكن يجرؤ على رفض قرار الرئيس عبد الناصر؛ فأوعز إلى الحكيم بكتابه رسالة إلى الرئيس عبد الناصر حملها حاتم صادق الموظف بالأهرام وزوج هدى عبد الناصر يطلب منه إعفاء هيكل من منصب الوزير بزعم أن البلاد وهي تعاني أزمة نفسية شديدة بعد هزيمة 1967 أصبحت لا تصدق ما يصدر عن الجهات الحكومية؛ لأن أزمتنا هي أزمة ثقة، ولذلك فالأقلام الحرة المستقلة ( يقصد هيكل ) هي وحدها التي تستطيع أن تعالج نفسية الرأي العام .، ولما كانت تلك الرسالة قد تم تصويرها بمعرفة نوال المحلاوي قبل إرسالها، وإطلاع البعض على ما جاء بها، وتم تداولها باعتبارها منشوراً؛ فقد أمر الرئيس عبد الناصر بإجراء تحقيق في الأمر بمعرفة المباحث العامة !! يدّعي توفيق الحكيم البطولة بقوله : "لم نسكت في عهد السادات" ويبرهن على ذلك بإصدار بيان من الكتاب والأدباء في يناير 1973 جاء فيه : "وتمضي الأيام وتصبح كلمة المعركة مجرد كلمة غامضة لا حدود لها ولا أبعاد لمعناها ولا تحليل لعناصرها، مجرد كلمة تلوكها الأفواه ، مستهلكة لكثرة مضغها... ولما كان الشباب هو الجزء الحساس في الأمة، وهو الذي يعنيه المستقبل أكثر من غيره، فهو لا يرى أمامه إلا الغد الكئيب . فهو يجتهد في دراسته ليحصل على شهادته النهائية فإذا هي شهادة القذف به في رمال الجبهة لينسى ما تعلمه ولا يجد عدو يقاتله. وهذا أيضا بالنسبة إليه هو الضياع ... أما بقية المواطنين فهم يعيشون في حياة صعبة سيئة الخدمات العامة . وكل نقص أو إهمال أو توقف أو عبث يختفي خلف صوت المعركة وفي انتظار المعركة وتمحكاً بالمعركة .وإذا بالأمر في نظرهم ينقلب إلى مهزلة وإلى سخط وإلى قرف عام " . والحقيقة أن كتابة الحكيم لـ "بيان الكتاب والمثقفين " والذي وقع عليه هو، وعدد من الكتاب والمثقفين لم يكن إلا بتكليف من د. محمد عبد القادر حاتم ضمن خطة الخداع الاستراتيجي التي أعدها لحرب أكتوبر 1973، ولم يكن مضمونه بعيداً عن المعنى الذي كتبه محمد حسنين هيكل في سلسلة مقالات بعنوان : " حالة اللا سلم .. واللا حرب "، .. كما أن الطريقة التي نشر بها البيان في صحف الخارج بما يوحي بأنه موجه ضد الدولة!!، وقد اعترف توفيق الحكيم بهذا صراحة في خطابه إلى الرئيس أنور السادات. كلا الأمرين السابقين يكشفان بجلاء أن الحكيم رجل لا يعمل إلا بتعليمات؛ كان الحكيم جزء من المخطط الاستشراقي وكان يقوم فيه بدور التابع لطه حسين الذي ارتآى ( طه حسين ) أنه أخطأ الاختيار وأن : "توفيق الحكيم لا يعد من الأدباء"، وعن مسرح الجيب يقول طه حسين : "أنه كلام فارغ وإن ما يكتبه توفيق الحكيم لا يعجبني لأنه لا يقدم فرضاً فلسفياً كما يفعل بيكت أو يونسكو". فشل الحكيم في دور التابع في المشروع الاستشراقي الذي قاده طه حسين بشهادة طه حسين نفسه، فارتضى لنفسه دور المهرج، ولأنه يعلم أن طه حسين حريص ألا يغضب زوجته، فقد حرص الحكيم على التقرب والتزلف لسوزان بريسو لكونها أقرب طريق للحصول على رضى طه حسين هو استرضاء زوجته سوزان بريسو؛ فقد عينه طه حسين عضواً في مجمع اللغة العربية في وظيفة يتقاضى عنها راتباً ولا يؤدي عنها عملاً بشهادة طه حسين نفسه، .. تقول سوزان بريسو "الشهيرة بسوزان طه حسين": " قبل انعقاد مؤتمر المستشرقين في روما سنه 1945، عدنا إلى سالانش، جاء توفيق الحكيم ليقضي معنا عدة أيام في سالانش، وليمارس على شاطئ البحيرة الصغيرة الصيد بالسنارة . لم يكن يصيد أي سمكة ! إنما كان يعلق الشصّ في عروة سترته معلقاً : " لقد اصطدت نفسي ! " . وذات يوم بينما كنا نتنزه أراد أن يقطف لي بعض النباتات التي كانت مزروعة على حافتي الدرب، وكانت عبارة عن نبات الحريق، وهو نبات شوكي. " يروي الحكيم القصة من منظورة الشخصي.. يقول الحكيم: "سمك الترويت هذا سمك معروف في أنهار الجبال ، وكنت أطمع في اصطياد ولو واحدة منه في بركة "سالانش" فلم أصطد إلا نفسي كما كتب طه حسين في كتابنا المشترك "القصر المسحور"، وهو يرى سنارتي لم تشبك في فم السمكة وشبكت في ملابسي. كان الدور المنوط بالحكيم في المشروع الاستشراقي هو أن يفتح بحكاياته ورواياته عن "عوالم الفرح" في مصر، والساقطات والغانيات والعاهرات الفرنسيات الطريق أمام جيل من الكتاب الشباب لنشر ثقافة الإباحية بالكتابة عن العلاقات غير المشروعة بين الرجال والنساء والإسراف في الحديث عن الساقطات من أبناء الطبقة الأرستقراطية، والغانيات والعوالم والعاهرات والموامس من أبناء الطبقتين المتوسطة والدنيا، وكان من أبرز علامات ذلك الاتجاه كتابات إحسان عبد القدوس، ونجيب محفوظ.