مع تراجع معدلات الاستثمار وتتابع الأزمات الاقتصادية، اتجهت الحكومة لتعديل قانون الاستثمار للسماح بوضع حوافز والتوسع في الإعفاءات من الضرائب لجذب مزيد من الاستثمارات.
الحكومة وضعت مسودة لقانون الاستثمار الجديد والذي يسمح بإعطاء المستثمر الأجنبي امتيازات وإعفاءات ضريبية لتشجيع الاستثمار، والذي من المقرر أن تقره الحكومة بشكل نهائي قريبا.
خبراء اقتصاديون أكدوا لـ"مصر العربية" أن المناخ الاستثماري ليس بحاجة إلى تعديل القانون، بقدر حاجته إلى بنية أساسية تسمح باستيعاب المزيد من الاستثمارات، مستغربين من دعوة الحكومة المواطنين لتحمل زيادة ارتفاع أسعار الطاقة، وسداد الضرائب، في الوقت الذي يتم إعفاء المستثمرين من تكلفة الطاقة والضرائب.
الدكتور مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، وصف وجود حوافز وإعفاءات في مسودة القانون، بالأمر الطبيعي في ظل عدم استقرار السوق، مؤكدًا أن مثل هذه الأمور عادة ما تقر من أجل إرسال رسائل إيجابية للمستثمرين الأجانب حول استقرار المناخ العام.
وقال الخبير الاقتصادي، في تصريحات لـ"مصر العربية"، إنه من الطبيعي إرساء مثل هذه الحوافز لفترة محددة يمكن من خلالها معرفة المستثمر طبيعية السوق ومدى جاهزيته لجذب استثمارات جديدة، يمكن وقتها إلغاء هذه الامتيازات للمستثمر.
وأضاف أن المناخ العام للاستثمار في مصر في الفترة الراهنة، بحاجة إلى استقرار في البنية الأساسية ليكون بمثابة "رسائل طمئنة" لجميع المستثمرين العرب والأجانب، موضحًا أهمية تحديد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه في الاستقرار، لأن التغيرات المتسارعة والمفاجئة في سعر الصرف من شأنها أن تؤدي بالمستثمر إلى طريق الخسارة.
وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة التزام الحكومة بالمواثيق الدولية والتعاقدات وترفيق المشروع قبل تسليمه للمستثمر، للحفاظ على الاستثمارات الموجودة في السوق من التخارج.
وكان الدكتور زياد بهاء الدين، نائب رئيس الوزراء الأسبق، كتب مقالا تحت عنوان "لغز قانون الاستثمار" اعتبر أن إصرار الحكومة على تعديل قانون الاستثمار، على اعتبار أنه المخلص للمشاكل الاقتصادية؛ بالأمر المحير وباعثا للقلق.
وتساءل عن ضرورة العودة للتفكير فى إعفاءات ضريبية بعد أن كنا قد نجحنا فى التخلص منها عام 2005 ، وكيف البحث عن منح هيئة الاستثمار سلطة استخراج التراخيص وتخصيص الأراضى رغم استحالة تطبيق ذلك، ولماذا تتجاهل الحكومة مشاكل المستثمرين من بيروقراطية وغموض في السياسات وتعويض ذلك بقانون؟.
وأوضح أن المستثمر ليس بحاجة إلى حوافز خاصة وضمانات وإعفاءات، بل أصبح لديه الشاغل الرئيسي لاتخاذه قرار الاستثمار في السوق المصري؛ هو البحث عن مناخ متكامل فيه تشريعات مستقرة، وسياسات واضحة، وتمويل وسوق صرف كفء، وعلاقات عمل متوازنة، وبنية تحتية متطورة، واستقرار سياسي واجتماعي.
وأكد أن أي بلد لا تتوفر فيه أي من تلك المقومات، هي التي تسعى لتعويضها بإعفاءات ضريبية وأراض بالمجان، وتضحى بمواردها مستقبلا، من أجل تحقيق مكاسب مؤقتة.
أما الدكتور شريف دلاور، الخبير الاقتصادي وأستاذ الإدارة بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا، قال إن المناخ الاستثماري في مصر ليس بحاجة إلى قانون لجذب مستثمرين جدد، مضيفا أن المناخ بحاجة إلى بنية اقتصادية قوية يمكن البناء عليها كل القوانين.
وأكد في تصريحات لـ"مصر العربية"، أنه يجب على الحكومة القيام بالإصلاحات الاقتصادية وتهيئة المناخ الاستثماري وإرساء جميع السياسات التي من شأنها جذب المستثمرين، وذلك من خلال استقرار سعر الصرف، ومواجهة ارتفاع أسعار الطاقة والكهرباء، وإصلاح الجهاز الإداري للدولة والقضاء على البيروقراطية.
وأوضح أنه على الحكومة بناء بنية اقتصادية قوية، من تشريعات وتسهيل للإجراءات والانتهاء من ترفيق أراضي أي مشروع استثماري قبل تسليمها، مؤكدًا أنه وقتها نستطيع تكوين رأي عام من رجال الاستثمار المحليين والأجانب حول وضع قانون ينظم ليهم عمله داخل السوق.