بتصارع 4 سلطات.. الاتفاق السياسي يحتضر في ليبيا

الصراع الليبي

 أضحى الجمود السياسي سمة بارزة في المشهد الليبي، بسبب الخلافات بين 4 سلطات تتصارع على الحكم ليزداد الانقسام الداخلي الأمر الذي سيصل في نهاية المطاف إلى إعدام الاتفاق السياسي مما سيترتب عليه العودة لنقطة الصفر والدخول فى صراع قبلي مسلح حتما سينتهى بتقسيم ليبيا بحسب مراقبين.

 

حالة الاضطراب السياسي والعسكري في ليبيا، السبب فيها ليس  سلوك المكونات الفاعلة المختلفة بالداخل الليبي فقط وإنما هناك قوى إقليمية ودولية تعبث بالمشهد ككل وتحاول طي صفحة اتفاق الصخيرات وفرض أمر واقع في البلاد من خلال دعمها لطرف على حساب الآخر.

 

وعاشت ليبيا فترة قصيرة من الاستقرار السياسي عقب الإطاحة بالرئيس الليبي الراحل معمر القذافي عام 2011، لكن سرعان ما بدأت الانقاسمات السياسية والتي تحولت لصراعات عسكرية على الحكم موزعة بين  4 سلطات تبحث عن الشرعية وهم حكومة الوفاق الوطني التي تحظى بدعم دولي، وحكومة الإنقاذ، وحكومة برلمان طبرق المنحل، واللواء خليفة حفتر قائد الجيش الليبي.

 

  الوفاق الوطني

هى حكومة معترف بها دوليا، يقودها فائز السراج الذي ينتمي إلى حزب التحالف القومي الوطني وتراهن عليها الأمم المتحدة ودول كبرى من أجل مواجهة "الإرهاب" وبسط السيطرة على ليبيا.

 

وتشكلت حكومة الوفاق الوطني في فبراير 2016 بموجب اتفاق الصخيرات وهو اتفاق سلام وقعه برلمانيون ليبيون يوم 17 ديسمبر 2015 برعاية الأمم المتحدة بمدينة الصخيرات المغربية، واختار تشكيلتها المجلس الرئاسي الليبي، وهو مجلس منبثق عن الاتفاق ذاته ويضم تسعة أعضاء يمثلون مناطق ليبية مختلفة.

 

حكومة الإنقاذ

 

وانبثقت هذه الحكومة عن المؤتمر الوطني العام الليبي في أغسطس 2014، توجد في طرابلس، ويترأسها خليفة الغويل، ولم تحظ منذ ولادتها باعتراف دولي.

 

وسيطرت حكومة الإنقاذ على أجزاء واسعة من غرب وجنوب ليبيا نهاية 2014 وبداية 2016، ولم تنف دعمها لـ"مجلس شورى ثوار بنغازي" (تحالف كتائب للثوار الذين أطاحوا بالقذافي وشكلوا دروعا منضوية تحت لواء الجيش الليبي) في حربهم ضد قائد "عملية الكرامة" خليفة حفتر.

 

وعلى الرغم من إعلان حكومة الإنقاذ في أبريل الماضي مغادرة السلطة وفسح المجال لحكومة "الوفاق الوطني"، إلا أنها عادت إلى الواجهة السياسية من جديد من خلال بيان ألقاه الغويل من داخل مقر قصور الضيافة الرئاسية بطرابلس لإيقاف عمل حكومة الوفاق الوطني.

 

دعت حكومة الإنقاذ -في خضم هذه التطورات- إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية مع حكومة عبد الله الثني بطبرق، في إطار حوار ليبي ودون وساطة أجنبية.

 

حكومة طبرق

 

وانبثقت الحكومة المؤقتة عن برلمان طبرق المنحل في سبتمبر 2014، وتوجد بمدينة البيضاء شرقي ليبيا، ويترأسها عبد الله الثني.

 

 لقيت حكومة الثني دعما من 21 حكومة ومنظمة في مؤتمر عقد بمدريد -في سبتمبر 2014 حول ليبيا- دعا المشاركون فيه للتعاون معها وعدم الاعتراف بأي حكومة موازية، في إشارة لحكومة الإنقاذ التي كان يترأسها وقتها عمر الحاسي بطرابلس التي تدعمها قوات فجر ليبيا.

 

ورغم أن حكومة الثني دعمت حكومة الوفاق التي تشكلت بموجب اتفاق الصخيرات، ومنحتها الثقة بالأغلبية بعد تصويت مائة نائب من مجلس النواب المنعقد بطبرق، فإن حكومة الثني اتفقت مع حكومة الإنقاذ في أكتوبر 2016 على تشكيل حكومة وحدة وطنية.  

 

حفتر

 

ويعتبر اللواء المتقاعد خليفة حفتر أحد أخطر الجبهات المتصارعة على السلطة لكون قائد الجيش الليبي الذي يحظى برمزية لدى الشعب الليبي، الذي استغله حفتر في ظل حالة الاستقطاب الحادة التي تعيشها ليبيا ليدخل حلبة المصارعة من خلال سيطرته على النفط الليبي وهو الأهم في ليبيا.

 

وتمتلك ليبيا  أكبر مخزون للنفط في إفريقيا، وتعتمد على إيراداته في تمويل أكثر من 95% من خزانة الدولة، وتمول منها بشكل رئيس "رواتب الموظفين الحكوميين، ونفقات دعم السلع الأساسية والوقود، وكذلك عدد من الخدمات الرئيسة مثل العلاج المجاني في المستشفيات".

 

يذكر أن معدلات الإنتاج النفطي  وصلت قبل ثورة 2011 والإطاحة بالقذافي إلى نحو 1.5 مليون برميل يوميًا، إذ تعتبر ليبيا منطقة نفطية لها خصوصيتها بسبب انخفاض تكاليف إنتاج النفط التي قد تصل حتى دولار للبرميل في بعض الحقول، وأيضًا لقربها من الأسواق الأوروبية التي يصدر لها  85% من النفط الليبي.

 

خطر التقسيم

وأكد الباحث المتخصص في الشأن الليبي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية كامل عبدالله، أن الوضع الليبي الراهن في غاية التعقيد والتشابك، ولا يمكن التنبؤ بأي مسار في ظل حالة السيولة الكبيرة التي يتصف بها المشهد الليبي حاليا مع تعدد الفاعلين السياسيين والعسكريين على الأرض.

 

وأضاف في تصريح لـ"مصر العربية" أن الحوار سيظل هو المسار السياسي الرئيسي الذي لابد منه لجمع شتات الفرقاء الليبيين، وطالما طال الزمن أو قصر لابد أن يجلس الفرقاء على طاولة الحوار، فالحرب تبدأ بخلاف وتنتهي بحوار وما.

 

وأوضح أن المسؤول الأممي إذا لم ينجح في إقناع جميع الأطراف المسلحة وعلى رأسهم قوات مجلس شورى ثوار بنغازي، وقوات الكرامة بقيادة الجنرال خليفة حفتر، وفى الغرب قوات مصراته، وقوات الزنتان، وفى الجنوب بين التبو والطوارق، وفى سبها أولاد سليمان،والتبو،والقدادسة، والمجارحة، بالجلوس للحوار  سيتحول الصراع لحرب أهلية تؤدي للتقسيم وتأكل الأخضر واليابس بل وستمتد لمناطق ليست فى الحسبان.

 

وأصدر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات تقدير موقف مؤخرا أشار فيه إلى أن التحركات الأخيرة في طرابلس، تعكس مدى حدة الصراع بين مختلف الأطراف والقوى السياسية والعسكرية في الساحة الداخلية الليبية.

 

وأكد أن كل طرف يحاول جاهدا بسط نفوذه وتغيير معادلات القوة بما يخدم مصالحه، مما يفتح الباب واسعا أمام احتمال انهيار أمني شامل يطوي صفحة الاتفاق السياسي الذي وقعته الأطراف الليبية في الصخيرات المغربية في 17 ديسمبر 2015.

 

بسط نفوذ

بدوره قال الدكتور سيد حسين ـ مدير مركز عرب للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن المشهد الليبي يزداد تعقيدا يوما بعد يوم بسبب صراع الأطراف الفاعلة بالداخل الليبي على السطة، الأمر الذي قد يدخل البلاد في حرب أهلية قد يدفعها لخطر التقسيم وإن كان سيناريو التقسيم ضعيف لرغبة القبائل في الاستقرار.

 

وأضاف في تصريحات لـ"مصر العربية" أن هناك سيناريو قابل للتنفيذ وهو حدوث توافق بين حكومتي الإنقاذ وطبرق على تشكيل حكومة ائتلافية ووقتها سترغم حكومة الوفاق على الدخول في هذا الاتفاق وكذلك الأمر حفتر الذي أشاد بمجهوداته المبعوث الأممي لدى ليبيا مؤخراً رغم دعم الأخير لحكومة الوفاق.

 

وأوضح أن الإشادة الدولية بحفتر قد يشير إلى أن الغرب لم يعد يستطع دعم حكومة الوفاق في ظل فشلها وإخفاقها في أهم الملفات الأساسية في ليبيا، ومن الممكن أن يكون ذلك ضوء دولي أخضر لبدء التوافق بين الفرقاء لتشكيل حكومة ائتلافية.

 

ولفت إلى أن المجتمع الدولي والإقليمي يعمل بالداخل الليبي من أجل مصالحه الاقتصادية فقط نظراً لأطماع هذه الدول في النفط الليبي الذي يمثل أكبر مخزون في أفريقيا.

مقالات متعلقة