مع استمرار الاستعدادات لاستقبال العام الجديد في القارة الأوروبية تعتزم شعوب بعض الدول للتوجه إلى صناديق الاقتراع لتحديد مصيرهم المستقبلي.
وقبيل انتهاء عام 2016، تشهد رومانيا والنمسا ومقدونيا انتخابات برلمانية ورئاسية، فيما يُستفتى الشعب الإيطالي على الإصلاحات الدستورية، ويتوجه الفرنسيون إلى صناديق الاقتراع لتحديد مرشح يمين الوسط لانتخابات رئاسة البلاد.
1- انتخابات مرشح اليمين للرئاسة الفرنسية
ففي 27 نوفمبر الحالي، سيقوم الشعب الفرنسي بتحديد مرشح اليمين الوسط إلى رئاسة البلاد، ويتنافس على هذا المقعد كل من فرنسوا فيون وألان جوبيه.
وخلال الجولة الأولى من الانتخابات التي جرت في 20 نوفمبر الحالي، حصد فيون 44.1% من أصوات اليمين، فيما حصل جوبيه على نسبة 28% من الأصوات، واكتفى الرئيس السابق للبلاد، نيكولا ساركوزي، بـ21%؛ ليخرج من المنافسة، وتكون هناك جولة ثانية بين فيون وجوبيه.
وفيون ينتمي إلى "الحزب الاتحاد من أجل حركة شعبية"، وشغل منصب رئيس الوزراء خلال الفترة بين عامي 2007 و2012، بينما ينتمي جوبيه إلى "حزب الجمهوريون"، وشغل منصب رئيس الوزراء بين عامي 1995 و1997.
وبينما يؤيّد فيون تعميق الحوار مع روسيا وإيران والنظام السوري، يؤكّد جوبيه أنّه لا يتقاسم الطاولة مع نظام الأسد، وسيقف على مسافة من إيران وروسيا في حال ظفر بمنصب رئاسة البلاد.
ويتفق فيون وجوبيه في معارضة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، ويصرّان على أن لا مكان لأنقرة في الاتحاد؛ فالأول يعارض بشدة انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، بينما الآخر يتبنّى مواقف أكثر اعتدالاً فيما يخص هذا الشأن غير أنه بالمحصلة يعلن صراحة معارضته للانضمام.
ومعلوم أنّ صعود التطرف اليميني في فرنسا يؤثّر بشكل كبير على الحملات الانتخابية؛ فمن خلال تصريحاتهما يظهر بأنّ جوبيه وفيون متأثران إلى حد كبير بشعارات ظاهرة الإسلاموفوبيا وحالات الاعتداء المتكررة ضدّ المسلمين والأجانب.
فالمرشح فيون صرحّ في وقت سابق أنه لا يعاني من مشاكل مع الأديان، إنما تكمن مشكلته مع الدّين الإسلامي حصرياً، بينما يبدو أنّ جوبيه أكثر ليونة تجاه المسلمين إذا ما قُورنت تصريحاته بأقوال نظيره.
وفي كتابه الذي نشره قبل فترة بعنوان "التغلب على الشمولية الإسلامية"، يهاجم جوبيه أكثر من 5 ملايين مسلم يعيشون في فرنسا.
وفيما يتعلق بوجهات نظر المرشحين تجاه الاتحاد الأوروبي، يبدوا أنّ هناك اختلافاً بينهما في هذا الخصوص؛ فالمرشح فيون يؤيد فكرة إنشاء منطقة اليورو داخل الاتحاد الأوروبي، بينما يرى جوبيه أنّ على الاتحاد الأوروبي إجراء إصلاحات من شأنها تخفيف البيروقراطية التي يعاني منها، والعمل على تأسيس مؤسسة مختصة بتعزيز القدرات الدفاعية للاتحاد.
وخلال حملاتهما الانتخابية يتعهد الإثنان بالعمل على تعزيز دور فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي، والسعي لتقوية الاتحاد على كافة الأصعدة.
ومنذ بدء الحملة الانتخابية، ركّز المرشحان فيون وجوبيه على الإصلاحات في مجالات التعليم والتوظيف والاقتصاد؛ إذ تصدّرت الوعود بتحسين هذه القطاعات تصريحات المرشحين، لا سيما أنّ فرنسا تعاني من ركود اقتصادي وزيادة في البطالة، وتراجع في الاستثمارات خلال الأعوام الأخيرة.
2- النمسا تختار رئيسها الجديد
في الرابع من ديسمبر المقبل، يتوجه الشعب النمساوي إلى صناديق الاقتراع لتحديد هوية رئيسهم الجديد؛ حيث يتنافس على الظفر بهذا المنصب كل من مرشح اليمين المتطرف نوربرت هوفر، ومرشح حزب الخضر ألكسندر فان در بيلين.
وتشير استطلاعات الرأي، التي جرت حتى الآن، إلى تقدّم اليميني المتطرف هوفر على نظيره بيلين بـ52% مقابل 48%.
ومعروف عن هوفر عدائه الشديد للإسلام والأجانب وتركيا، ويؤيد فكرة إجراء استفتاء شعبي على موضوع ارتداء الحجاب من عدمه.
كما يؤيد فسخ اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي الموسع المبرم مع كندا، ويدعو إلى وقف المساعي الرامية للتوصل إلى اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الأطلسي بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
في المقابل، يشدد بيلين على ضرورة إيواء اللاجئين الفارين من الحروب، غير أنه يدعو في الوقت ذاته إلى اتخاذ تدابير لازمة لوقف تدفق أعداد كبيرة منهم إلى البلاد؛ وذلك لأسباب اقتصادية.
ومتفقا مع منافسه اليميني، يعارض بيلين، أيضاً، توقيع الاتحاد الأوروبي على اتفاقية الشراكة التجارية عبر المحيط الأطلسي مع الولايات المتحدة، ويؤيّد فسخ اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي الموسع المبرم مع كندا.
ويُعرف بيلين بدعمه الصريح لمنظمة "بي كا كا" الإرهابية، ويصف محادثات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بإضاعة الوقت، ويعرب عن اعتقاده بأنّ أنقرة لن تتمكن من الانضمام إلى الاتحاد خلال فترة رئاسته للنمسا حال فاز بالانتخابات.
3- استفتاء على إصلاحات دستورية في إيطاليا
وفي نفس اليوم الذي سيخوض فيه مرشحي الرئاسة في النمسا غمار الانتخابات (4 ديسمبر)، يقوم الشعب الإيطالي بالاستفتاء على الإصلاحات الدستورية التي أعدتها حكومة ماتيو رينزي المؤلفة من تحالف "الحزب الديمقراطي" (يسار وسط) مع أحزاب يمين الوسط.
وتعدّ الإصلاحات الدستورية، التي سيُجري الاستفتاء عليها في إيطاليا نهاية لمرحلة النظام البرلماني المزدوج الذي يشرف على إدارة البلاد منذ عام 1946.
وتتضمن إصلاحات الحكومة الدستورية تخفيض عدد مقاعد "مجلس الشيوخ" (الغرفة الثانية للبرلمان) من 315 مقعداً إلى 100 مقعد، وتقييد الصلاحيات التشريعية الممنوحة لهذا المجلس، والهدف الرئيسي من هذه الخطوة هو تسريع عمل الجهاز التشريعي في البلاد، الذي يشمل أيضا "مجلس النواب" (الغرفة البرلمانية الأولى).
وتزعم المعارضة الإيطالية أنّ الإصلاحات الدستورية ستخلق نوعاً من الاستبدادية في البلاد؛ ولذلك فإنها تدعو أنصارها إلى رفض هذه الخطوة، والإطاحة برئيس الوزراء ماتيو رينزي.
وحسب آخر استطلاع للرأي حول نتائج الاستفتاء، فإنّ نسبة الرافضين لإجراء الإصلاحات الدستورية، فاقت نسبة المؤيدين لها، وبالتالي فإنذ هذه النتيجة أدخلت رينزي في مأزق لا سيما أنه تعهّد بالاستقالة من منصب رئاسة الوزراء حال رفض الشعب الإيطالي إجراء الإصلاحات.
ومن اللافت للنظر أنّ أغلب استطلاعات الرأي التي جرت في إيطاليا تشير إلى ضخامة نسبة الذين لم يحسموا أمرهم بعد حيال الاستفتاء، فما بين 21 إلى 24 بالمئة من عامة الشعب الإيطالي لم يتخذوا قراراً واضحاً تجاه الإصلاحات الدستورية، وكثير من المحليين والسياسيين يؤكدون بأنّ هذه الشريحة هي التي ستحدد مصير الاستفتاء.
4- انتخابات برلمانية في مقدونيا:
في 11 ديسمبر المقبل، يتوجه المواطنون المقدونيون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات برلمانية، ومن المتوقع أن يحافظ "الحزب الديمقراطي للوحدة الوطنية المقدونية" المستمر في الحكم منذ 2006 على صدارته أمام باقي الأحزاب السياسية الناشطة في البلاد.
ومن الأهداف الاستراتيجية لـ"الحزب الديمقراطي للوحدة الوطنية المقدونية"، المعروف بالنزعة الديمقراطية المسيحية والقومية، الحصول على عضوية في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، غير أنه ما زال يصطدم بالجدار اليوناني الرافض لانضمام مقدونيا إلى المؤسستين المذكورتين بسبب خلاف حول اسم البلد.
من جانب آخر يؤيد "الحزب الديمقراطي الاشتراكي" (ثاني أكبر حزب في البلاد) فكرة التكامل الأوروبي الأطلسي، بينما يتعرض "حزب التكامل الديمقراطي"، الذي شكّله مسلمون من أصول ألبانية، إلى انتقادات من قِبل جمعيات إسلامية و"اتحاد مسلمي مقدونيا"؛ لعدم دفاعه عن حقوق المسلمين بالشكل المطلوب.
ويشارك "حزب التكامل الديمقراطي" منذ عام 2008، في الحكومة الائتلافية التي يقودها "الحزب الديمقراطي للوحدة الوطنية المقدونية".
و"الحزب الديمقراطي الألباني"، الذي يمثّل الألبان في مقدونيا، شارك في الحكومتين الائتلافيتين اللتين تشكلتا بين عامي 1998 - 2002 و2006 - 2008.
5- انتخابات برلمانية في رومانيا
وفي 11 ديسمبر المقبل أيضا، تخوض 9 أحزاب سياسية معركة الانتخابات البرلمانية في رومانيا، وسيتم خلال هذه الانتخابات اختيار 332 نائباً برلمانياً، و134 سيناتورا.
ويرى مراقبون أن "الحزب الديمقراطي الاجتماعي"، الذي تصدر الانتخابات المحلية التي جرت في رومانيا في يونيو الماضي، سوف يحصد أغلب مقاعد البرلمان، المكون من 514 مقعدا، على أن يحتل "الحزب الليبيرالي"، المركز الثاني.