في ظل التوقعات بارتفاع معدلات التضخم في مصر، بعد تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف ورفع سعر الفائدة على الإيداع من 12.5% إلى 20%؛ إلا أن وزير المالية، عمرو الجارحي، اتجه للحديث عن انخفاض معدلاته خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وكان الجارحي، قال لوكالة «بلومبرج» الأمريكية، إن السلطات تسعى إلى تخفيض معدل التضخم تدريجيا ليصل إلى 10% بدلا من 13.6% بحلول منتصف 2017، حيث ستبدأ الاستثمارات في التدفق وينحدر عجز الميزانية.
وأكد ووزير المالية، أن إجراءات التعويم وتخفيف الدعم عن الوقود بدأت تؤتي ثمارها، وأن الأداء الاقتصادي يجري بشكل جيد إلى حد يفوق التوقعات، متوقعًا زيادة مستوى النمو خلال العام المقبل إلى 4%.
ويعني التضخم؛ الارتفاع في المستوى العام للأسعار، ويُقاس هذا المستوى بمتوسط سعر السلع والخدمات، وهو متوسط بين أسعار المستهلك والمنتج، وهو مقياس لتخفيض قيمة العملة في البلاد، ويحدث التضخم نتيجة اختلال التوازن بين خلق الأرصدة النقدية والتوسع في الاقتصاد، أوعن طريق اختلال التوازن بين العرض والطلب على السلع.
وحققت معدلات التضخم في مصر أعلى معدل ارتفاع لها منذ 2008، عندما قفزت في أغسطس الماضي إلي 16.4%، وذلك حسبما أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في بيان له، وذلك بسبب تدهور قيمة الجنيه وارتفاع أسعار الكهرباء والأغذية والمشروبات آنذاك.
وكان صندوق النقد الدولي قد توقع في تقريره الشهري، في اكتوبر الماضي، ارتفاع معدل التضخم إلى 18.2% خلال عام 2017، كأعلى نسبة مقارنة مع التوقعات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأفغانستان وباكستان.
وفي 12 نوفمبر كشف صندوق النقد الدولي، اليوم السبت، عن وجود توقعات بارتفاع معدل التضخم فى مصر بنهاية العام المالي الجاري، ليسجل نحو 16.6% وفقا لأسعار المستهلكين، مقارنة بـ14% خلال العام المالي السابق.
كما توقع بنك الاستثمار "بلتون"، في بداية الشهر الجاري، وبعد تحرير سعر الصرف وتعويم الجنيه، ارتفاع التضخم في مصر خلال النصف الأول من العام 2017، بمعدل يتراوح بين 25 و 30%.
خبراء اقتصاديون، أبدوا رأيهم لـ"مصر العربية" حول إمكانية خفض معدلات التضخم بحلول منتصف 2017، مؤكدين أن هذا الأمر غير واقعي، وأن الحديث عن هذه القضية في الوقت الحالي عبارة عن كلام سياسي للاستهلاك.
الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، قال إن الحديث عن هذا الأمر غير واقعي، والمؤشرات على الأرض والسياسة الاقتصاية في الوقت الحالي لا تدعمه، معتبرًا أنه كلام سياسي للاستهلاك العام المحلي.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن الحكومة أقبلت على خطوتين من شأنهم رفع معدلات التضخم خلال الفترة القادمة، بسبب زيادة العرض عن الطلب، وهما تعويم الجنيه وإلغاء الدعم جزئيًا عن الطاقة.
وتابع عبده، أن هذه القرارات تسببت في زيادة الأسعار حيث أن البنزين والسولار تستخدم في كافة المجالات، وبرفع الدعم عنه زادت التكلفة وبالتالي الأسعار، بعد أن كان سعر الدولار 8.8 جنيه في البنوك تخطى حاجرز الـ 17.5.
وقال إن محافظ البنك المركزي اضطر بعدها إلى رفع العائد على الفوائد 20%، فكيف لمعدلات التضخم أن تنخفض، خاصة وأنه ليس هناك أى خطواتها تم اتباعها تشير إلى انخفاضه، بل على العكس فالأعباء المالية زادت، ومن المتوقع زيادة العجز في الموازنة العامة، الذي وصل خلال هذا العام إلى 320 مليار جنيه.
وأكد عبده، أن معدلات التضخم حاليًا في مصر 13.6% ليست كما أعلن وزير المالية، ولكنها كانت كذلك قبل تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف ورفع أسعار الوقود، أما الأن فوصلت إلى نحو 17%، مشيرًا إلى تدني الدخل الحقيقي للأفراد.
وقال إن هناك فرق بين الدخل النقدي للمواطن والدخل الحقيقي، فالأول يعني عدد الوحدات يتقاضها في الشهر، بينما الأخر يعني عدد الوحدات التي يشتريها ويحصل عليها، أى أنه أصبح يحصل على وحدات أقل بسعر أعلى.
من جانبه، أكد مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، أن استهداف التضخم من اختصاص البنك المركزي كما هو مُعلن في أهداف السياسة النقدية، وأنه لا شأن لوزارة المالية به، معتبرًا أن تصريحات الدكتور عمرو الجارحي في هذا الشأن من الممكن أن تكون باعتباره عضوًا في المجموعة الاقتصادية وليس بصفته كوزير للمالية .
وقال إن تخفيض معدلات التضخم إلى 10% بحلول منتصف 2017 غير واقعي، لأن جميع المؤشرات الحالية وحزمة القرارات التي اتخذتها الحكومة مؤخرًا تؤكدًا أن معدلاته في ازدياد، باستثناء رفع سعر الفائدة.
وشدد في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، على ضرورة أن يكون هناك شفافية للوقوف على معدلات التضخم الحقيقية، مشيرًا إلى أنه لا يعرف إلى ماذا استند وزير المالية في تحديد معدل التضخم بـ 13.6%، ولكن من خلال حزمة السلع والخدمات التي يحصل عليها المواطن ومقارنتها بالشهر الماضي، يمكننا من القول بأن معدلات التضخم أكبر من ذلك.
وأشار نافع، إلى أن هناك فرق بين معدلات التضخم التي تصدر عن البنك المركزي، وتلك التي يصدرها الجهاز المركزي للتعبئة والاحصاء، فالأولي لا يشمل أسعار الخضر والفواكة والخدمات والسلع المحددة إداريًا.
وبدوره، أوضح مختار الشريف، الخبير الاقتصادي، أن خفض معدلات التضخم لن تتم إلا من خلال السيطرة على سعر الصرف حتى يصل إلى سعره الحقيقي، بعدما شهد عدة تقلبات عنيفة في الفترة الماضية.
وتابع في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، أن استقرار سعر الصرف يؤدي لانخفاض التضخم، وأنه لن يستقر قبل عام ونصف من الآن، مشيرًا إلى أنه من ضمن أسباب التضخم هو أن معدلاته كانت أعلى من سعر الفائدة على العائدات.