مع دخول معركة الموصل شهرها الثاني لا تزال القوات العراقية تقاتل في الجانب الأيسر من المدينة (شرق نهر دجلة) للوصول إلى منفذ يمكنها من الدخول إلى شق المدينة الأيمن المعقل الرئيس لتنظيم "داعش" الإرهابي، وهو ما دفع القيادات العسكرية، مؤخراً، لإجراء تغيير تكتيكي في خطتها بتفعيل محور غرب المدينة والتوجه نحو قضاء "تلعفر". ونجحت قوات "الحشد الشعبي" (مليشيات شيعية موالية للحكومة) في 19 نوفمبر الجاري، من عزل "تلعفر" بشكل كامل عن مدينة الرقة السورية، التي كان يصل منها الدعم والإسناد للتنظيم في الموصل. وجاءت عملية عزل قضاء "تلعفر" بعد 4 أيام من السيطرة على مطار القضاء العسكري، الواقع على بعد نحو (55 كيلومتراً) إلى الغرب من الموصل، وهو ثاني قاعدة عسكرية يخسرها "داعش" بعد قاعدة "القيارة الجوية" (جنوب). وتشكل القواعد العسكرية القريبة من مركز مدينة الموصل مناطق إستراتيجية، لتأمينها الإسناد والدعم الجوي للقطعات البرية التي تتولى مهمة اقتحام المناطق، بحسب وزارة الدفاع العراقية. وقال العميد يحيى رسول، المتحدث الرسمي باسم قيادة العمليات المشتركة (تابعة للجيش): إن "قضاء تلعفر يعدّ أحد أهم المناطق الإستراتيجية للقوات العراقية التي تتقدم نحو مركز مدينة الموصل". وأضاف "رسول" للأناضول: أن "أهمية قضاء تلعفر تكمن في أن المسافة بينه وبين الحدود السورية 64 كم، وهو آخر طرق إمدادات تنظيم (داعش) باتجاه مدينة الموصل، ومع اتصال قوات (الحشد الشعبي) مع قوات (البيشمركة) ضمن قاطع الغرب، تم قطع آخر طريق للتنظيم المتطرف باتجاه تلعفر وبات القضاء محاصرا". وأشار المسؤول العسكري أن عمليات استهداف جوي تجري حاليا لمواقع "داعش" داخل قضاء تلعفر، مشيرا إلى أنه في الأيام القادمة (لم يذكر موعدا محددا) ستنطلق العملية العسكرية باتجاه تحرير تلعفر. واطلع حيدر العبادي، رئيس الوزراء العراقي، الخميس الماضي، خلال زيارته للموصل على الخطة العسكرية الخاصة بتفعل المحور الغربي، وبحث مع قيادات الجيش و"الحشد الشعبي" تفاصيل معركة تلعفر التي أوكلت مهمتها إلى قوات الجيش والشرطة، ومنح مهمة الإسناد لفصائل "الحشد."
ويرى خليل النعيمي (عقيد متقاعد)، بأن معركة الموصل لن تحسم وفق التوقيتات التي أعلنتها الحكومة نهاية العام الجاري، ما لم يحصل تقدم سريع من الجهة الغربية للمدينة باتجاه الجانب الأيمن (غرب نهر دجلة).
وقال "النعيمي"، للأناضول: إن "نحو 40% فقط من مساحة الجانب الأيسر لمدينة الموصل تم استعادتها من (داعش) على مدى أكثر من شهر من المعارك، وهذا يشكل تحديا للوقت الزمني الذي أعلنته الحكومة".
وأضاف: أن "تحدي الوقت الزمني جعل القيادات العسكرية تدفع بقوات كبيرة من الجيش والشرطة لشن عملية عسكرية لتحرير تلعفر للتقدم بعد ذلك نحو الجانب الأيمن للموصل، بدلا من الاعتماد على الدخول إليه عبر القسم الأيسر، الذي قد يؤخر حسم المعركة". وتوقع "النعيمي" أن تكون معركة تلعفر "صعبة لأن (داعش) يدرك الأهمية الاستراتيجية للقضاء ومدى تأثير طرده منه على خطوط دفاعه عن الساحل الأيمن معقله الرئيس بالمدينة". واستعادت القوات العراقية بدعم من "التحالف الدولي" منذ انطلاق عملية تحرير الموصل في 17 أكتوبر الماضي، وحتى اليوم 21 حياً سكنياً تضم عشرات القرى من أصل 65 حياً تابعة لمدينة الموصل بجانبيها الأيسر والأيمن. ويقع قضاء "تلعفر"، الذي يعد أكبر قضاء في البلاد، غربي محافظة نينوى، شمالي البلاد، ويبعد عن مدينة الموصل نحو 65 كم، ويعتبر من أهم مراكز التركمان في البلاد، ويبلغ عدد سكانه نحو نصف مليون نسمة. ومن المقرر مشاركة آلاف المقاتلين من المكون التركماني، ضمن وحدات الجيش العراقي، في العملية العسكرية المرتقبة لتحرير القضاء، من قبضة مسلحي "داعش". وقال طورهان المفتي، رئيس حزب "الحق التركماني"، للأناضول، إن "مقاتلين من المكون التركماني ضمن اللواء 92 من الجيش العراقي سيشاركون في المعركة المرتقبة لتحرير قضاء تلعفر". وأضاف المفتي أن "المقاتلين التركمان لديهم اطلاع كامل على جغرافية القضاء، وهذا يسهل حسم المعركة لصالح القوات العراقية". وسيطر "داعش" على قضاء "تلعفر" ذو الغالبية التركمانية، في 10 يونيو 2014، ما دفع عشرات الآلاف من السكان إلى النزوح باتجاه المحافظات الأخرى. -