خبراء عن بيع المرافق العامة: قطار الخصخصة انطلق .. وكارثة في هذه الحالة

تحت شعار " الإصلاح الجريء".. أقدمت الحكومة على اتخاذ عدة قرارات اقتصادية "صادمة" للمصريين في الآونة الأخيرة، ومنها، تعويم الجنيه وتحرير سعر الصرف وإلغاء الدعم الجزئي عن الوقود.

 

كما بدأت في طرح شركات حكومية في البورصة قبل أن تقرر مؤخرًا بيع الأصول والمرافق العامة للدولة كشركات "الكهرباء والمياه" إضافة إلى البنوك الحكومية.

 

وحذّر خبراء من إمكانية رفع أسعار الخدمات التي تقدمها هذه الشركات ما يثقل كاهل المواطن فهذه المؤسسات عصب الدولة ولو استحوذ عليها المستثمرون سيكون لذلك عواقب وخيمة وستزداد الأحمال على ظهور الفقراء والطبقات الفقيرة التى تنتفع بمثل هذه الخدمات والمرافق وأهمها المياه والكهرباء والمترو.

 

فيما اعتبر آخرون أنه إذا كان الهدف من بيع الأصول والمرافق العامة للدولة، هو توسيع الملكية لتحسين الخدمات بها ورفع كفاءتها وتحسين الإنتاجية، ومن أجل أهداف مناخ الاستثمار، فلا بأس به أما اذا كانت عمليات بيع الأصول من أجل تمويل عجز الموازنة فهو "كارثة".

 

وقالت وزيرة التعاون الدولي، سحر نصر، في مقالة لها، نُشرت في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، بعنوان "مصر تسلك مسارا اقتصاديا جديدا"، إن التخلص جزئيًا من بعض الشركات والبنوك المملوكة للدولة عبر الطرح العام، لم يعد خيارا بل ضرورة لعبور مصر أزمتها الاقتصادية الراهنة.

 

وأوضحت الوزيرة، أن الهدف من ذلك هو عمل علاقة شراكة حقيقية واستراتيجية بين القطاعين العام والخاص، من خلال تخارج جزء للحكومة من بعض شركات وبنوك القطاع العام، من أجل النهوض بالوطن.

 

ولم تكن إشارة وزيرة التعاون الدولى إلى اتجاه الحكومة للخصخصة هو الأول من نوعه، ففي مارس الماضي، أعلن محافظ البنك المركزي، طارق عامر، عن خطة لطرح حصص من بنكي القاهرة والعربي الأفريقي الدولي في البورصة، بالإضافة إلى بيع المصرف المتحد، المملوك له بالكامل، لمستثمر استراتيجي خلال العام الجاري.

 

وفي يوليو الماضي، أكد عامر أن خطته للنهوض بالاقتصاد الوطنى قائمة على عدة عوامل، منها طرح بعض الأصول المملوكة للدولة فى بورصة الأوراق المالية المصرية.

 

كما كشفت داليا خورشيد، وزيرة الاستثمار، عن وجود خطة لبيع حصص من شركات القطاع العام في البورصة في مجالات مثل الطاقة والبترول والقطاع المصرفي.

 

والخصخصة عبارة عن مجموعة من السياسات والإجراءات التى تستهدف الاعتماد على آليات السوق ومبادئ القطاع الخاص وتقليص دور الدولة فى النشاط الاقتصادى، وذلك إما لعدم كفاءة القطاع العام أو لاستعادة مدخرات المواطنين بالبنوك الأجنبية واستثمارها بالداخل لتمويل المشروعات الحكومية الكبرى وإما لضغط المؤسسات الدولية.

 

وترتبط سياسة الخصخصة في أذهان المصريين بنظام الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، الذي بدأها في 1991، بعد أن تفاقمت مشكلة الديون الخارجية لمصر وزيادة عجز الميزانية وارتفاع معدلات التضخم، وذلك بناء على توجيهات صندوق النقد الدولي.

 

ومن وقتها، بدأ التفريط في شركات ومصانع القطاع العام للمستثمرين ورجال الأعمال بأبخس الأسعار، حيث باعت خلال 17 سنة 236 شركة بسعر 33 مليار جنيه بينما كان يقدر ثمنهم بـ 270 مليار جنيه، ولم تقتصر الخصخصة على الشركات الفاشلة ولكنها شملت عددًا من المصانع المربحة، ولم يتبق سوى 136 شركة مملوكة للدولة.

 

وفي هذا الصدد، قال الدكتور مدحت نافع، الخبير الاقتصادي، إنه إذا كان الهدف من بيع الأصول والمرافق العامة للدولة، هو توسيع الملكية لتحسين الخدمات بها ورفع كفاءتها وتحسين الإنتاجية، ومن أجل أهداف مناخ الاستثمار، فلا بأس به.

 

وأضاف في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية": " أما اذا كانت عمليات بيع الأصول من أجل تمويل عجز الموازنة الجاري، فهو ما اعترض عليه دائمًا، لأن ذلك كمن يبيع بيته لكي يأكل ويشرب".

 

وأشار إلى أن البنوك لا تقع ضمن القطاعات الاستراتيجية، ولا يشترط أن تكون مملوكة للدولة، وهناك أمثلة كثيرة في العالم على ذلك.

 

وشدد نافع، على ضرورة التفرقة بين الاحتياجات طويلة المدى والاستخدامات قصيرة المدى مثل تمويل عجز الموازنة، مؤكدًا أنه إذا ارتبط بيع الأصول بخطة طويلة الأجل لرفع الكفاءة العامة لهذه الشركات والمرافق، فإن ذلك سيكون أمر جيد.

 

الدكتور هشام إبراهيم، استاذ التمويل والبنوك بجامعة القاهرة، أوضح أن اتجاه الحكومة لبيع أصول ومرافق الدولة، يأتي كجزء من البرنامج الاقتصادي لها، مضيفًا أن عرضها للطرح العام بهدف تطويرها وزيادة رأس مالها والحصيلة الخاصة بها، من أجل تحقيق السيولة فيها.

 

وأعلن في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية"، عن تأييده لها، في حالة ما إذا لم تقض عمليات البيع على هذه الشركات والبنوك وأن يكون بيع جزئي وليس كليا، موضحًا أن الخصخصة في حد ذاتها ليست أمرا سلبيا.

 

وأضاف إبراهيم أن تجربة الخصخصة التي اتبعتها مصر في وقت سابق خلال حكم مبارك، هى التي كانت خاطئة، لأنها قضت تمامًا على الشركات، لأن المشترى وقتها لم يكن هدفه تطوير أدائها ورفع كفاءتها، مؤكدًا على أهمية متابعة هذه بعد البيع الجزئي لأصولها، بحيث تنعكس بشكل ايجابي، على الشركة والاقتصاد ككل.

 

وبين مختار الشريف، خبير اقتصادي، أن التخلص الجزئي من بعض الشركات والبنوك المملوكة للدولة عبر الطرح العام، يعنى توسيع قاعدة الملكية العامة للمجتمع، عن طريق شراء المواطنين وامتلاكهم لاسهم في تلك الشركات.

 

وعن مخاوف البعض من سياسة الخصخصة، قال في تصريحات خاصة لـ "مصر العربية": "العالم كله ماشي بالطريقة دي.. وليس بالضرورة أن تكون آثارها سلبية"، معتبرًا أن بيع الأصول والمرافق العامة للدولة، مفيد لأنه سيعمل على تطوير هذه الشركات، بما يعود بالنفع على الاقتصاد ككل وعلى المواطن، الذي سيصبح مالكًا لها.

 

من جانبه، أكد أشرف العربي، عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، أن الحكومة لم تعرض عليهم خطة بيع المرافق العامة وأصول الدولة بعد، مشيرًا إلى أنه من المؤكد أنها سيتم عرضها على مجلس النواب قبل الاتجاه لتطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع.

 

ورأي في تصريحات خاصة لـ " مصر العربية"، أن الاتجاه لبيع مرافق العامة للدولة، لن يكون له تأثير سلبي على المواطن البسيط، مشيرًا إلى أننا لدينا تجربة ناجحة في هذا الصدد، وهي عندما خرجت الهيئة العامة للاتصالات من إدارة الدولة وتحولت تحت إشراف جهاز تنظيم الاتصالات، تطورت وأصبح هناك تنافسية فيما بينهم لتقديم خدمة أفضل للمواطن.

 

وأشار العربي إلى أن الحكومات في جميع دول العالم لم تعد مالكة للأصول بما فيها المرافق العامة، ولا مانع لديه في تطبيق ذلك في مصر، وإدارة هذه الشركات والأصول من خلال أجهزة تنظم عملها ولا تتملكها.

مقالات متعلقة